الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتجاهـــات المرأة نحـو ذاتـها·· سلبية

اتجاهـــات المرأة نحـو ذاتـها·· سلبية
8 ديسمبر 2007 23:32
طرحنا في الأسبوع الماضي تساؤلاً مفاده: ''هل هناك تغير ملحوظ لاتجاهات الشباب نحو المرأة في الأسرة والمجتمع في ضوء ما طرأ على مجتمعنا من تغيرات اجتماعية وثقافية؟ وعرضنا من خلال استطلاع رأي عينة قوامها 400 من الشباب من الجنسين لاتجاهاتهم نحو تعليم المرأة، وعملها، وفي هذه الحلقة نستكمل استطلاع الرأي فيما يخص الاتجاه نحو بعض الأفكار العامة عن المرأة، والاتجاه نحو الاختلاط بين الجنسين، وما إذا كانت هناك فروق بين الجنسين من عدمه· تظهر القراءة المتأنية لآراء العينة فيما يتعلق باتجاه ''الأفكار العامة عن المرأة'' فروقاً واضحة بين آراء الذكور والإناث، ما يؤشر إلى تبني كل جنس لمجموعة من الأفكار تختلف إلى حد كبير مع أفكار الجنس الآخر، ولعل فهمنا للواقع الاجتماعي وثقافة المجتمع الإماراتي المحافظ يفسر هذا الفارق لارتباط هذه المفاهيم أو تلك بالثقافة الذكورية للمجتمعات العربية بشكل عام· الأفكار العامة عن المرأة ؟ نلاحظ فيما يتعلق بمقولة ''المرأة مخلوق ضعيف·· وعاطفية'' أن النسبة المئوية تنحاز في اتجاه ''الاناث'' 86% في مقابل 60% لدى ''الذكور''، وهذا يفسر شعور الأنثى الدائم بأنها انسانة عاطفية وضعيفة مقارنة بالرجل، بل وتذهب 92,5% من الاناث إلى أن المرأة أقل كفاءة من الرجل في الوقت الذي يرى 84% من الذكور ذلك، وهي نتيجة ملفتة للانتباه، وتؤكد أن المرأة الإماراتية مطالبة أكثر من الرجل، بتغيير اتجاهاتها السلبية نحو نفسها· ومما يثير الدهشة، ارتفاع نسبة الإناث ''23%'' اللواتي يرين ''أن معظم متاعب الحياة سببها امرأة''، في حين يرى 85% من الذكور ذلك، وربما يبرر ذلك تراكم مؤثرات الثقافة الذكورية السائدة· بينما نجد أن الآراء متقاربة فيما يتعلق بقدرة الأنثى على مواجهة ومقاومة الضغوط، في الوقت الذي لا نلمس فرقاً جوهرياً بين من يرون أن ''المرأة الصالحة نادرة الوجود''· ونلاحظ في جانب آخر استمرار تأثير الثقافة الذكورية عند الذكور، حيث وافق 9,5% فقط على صحة مقولة ''وراء كل رجل عظيم امرأة''، في إشارة إلى تهميش دورها أو تأثيراتها الايجابية في الحياة، وترتفع هذه النسبة إلى 38% عند الاناث، في إشارة إلى التنبيه بأهمية دور المرأة في المجتمع، وقدرتها على مساندة ودعم الرجل لتحقيق نجاحاته على مختلف الأصعدة· ثانياً: الاختلاط بين الجنسين يعكس هذا الاتجاه التغير الملفت لاتجاهات الشباب الذكور الايجابية، مقارنة بالاناث، وبصورة تستحق أكثر من وقفة ''أنظر جدول ،''2 حيث يرى 92,5% من الذكور أن الاختلاط بين الجنسين في التعليم أصبح ضرورة، يقابلها 37,5% فقط من الاناث، وبفارق 55%، وهي نسبة كبيرة جداً، وكذلك وجود فارق بين اتجاه ''الاختلاط يهذب الأخلاق'' قيمته 52,5% لصالح الذكور، وهو نفس الفارق تقريباً بالنسبة للقناعة بأن الاختلاط يتيح فرص التعامل المتحضر بين الجنسين ''52,5%''، إلا أن هذا الفارق يضيق إلى 10% فقط بالنسبة لكونه عاملاً يتيح فرصاً أفضل لاختيار الزوج، ويعود ويتسع الفارق في بقية الاتجاهات الأخرى التي تشير إلى فوائد الاختلاط من وجهة نظر الذكور ونجده يدور حول نفس النسبة، وهو ما تؤكده 75% من الاناث بأن الاختلاط لا يتناسب وتقاليد المجتمع مقارنة بنسبة 9,5% من الذكور، بل إننا نجد تفاوتاً ملحوظاً أيضاً فيمن يرفضن الاختلاط على الاطلاق ''62,5%'' مقابل 9,5% من الذكور، وبفارق 53% وهي نفس النسبة تقريباً للاتجاهات الأخرى· النتائج ؟لا زالت الثقافة الذكورية تسيطر إلى حد كبير على اتجاهات الشباب نحو المرأة، وأن التغير على الصعيد السيكولوجي يسير ببطء مقارنة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية ''المادية'' الأخرى، ويمكن القول إن هذا الجانب يحتاج إلى مزيد من الوقت لإحداث التغير المطلوب، وأن المرأة الإماراتية في حاجة ماسة إلى تغيير نظرتها عن نفسها قبل الرجل، وإن كان ذلك لا ينتقص ولا يقلل من شأنها أو المكاسب التي حققتها على مختلف الأصعدة· ؟ هناك حالة من التناقض، والتضارب، بل والتردد فيما يتعلق بالأفكار الخاصة بالاختلاط بين الجنسين، بالنسبة لآراء الاناث، واتساع الفارق والفجوة في الاتجاهات النفسية بين الجنسين، وهذا ما يفسر عدم قناعة نسبة كبيرة من الاناث بالتعليم المختلط، بل ويذهبن إلى كونه لا يتناسب وطبيعة المجتمع أو لا يوافقن عليه على الاطلاق، في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الذكور المؤيدين لهذه الاتجاهات، بل إننا نلاحظ التناقض عندما نرى أن 88% من الاناث يرين أن الاختلاط يزيد وعي المرأة بالعالم الخارجي في الوقت الذي يرفضنه على الاطلاق· ؟ إن التفسير العلمي لهذا التناقض، ربما يرجع إلى أن الجيل الحالي من الشباب من الجنسين هو الذي مر بالفترة الانتقالية التي شهدت التغيرات الاجتماعية الجوهرية في المجتمع في العقود الثلاثة الماضية، وأن تحقق أي تغير ملموس على الصعيد النفسي والاجتماعي والثقافي يحتاج إلى مزيد من الوقت، كما أن هذا الجيل ما زال متأثراً بثقافة الكبار، ومن الطبيعي أن الجيلين يعيشان مرحلة تتسم بصراعات الاتجاهات، ومقاومة الأبناء أو رفضهم لثقافة الآباء· تجنٍّ ومغالطة أسماء المرزوقي، ''الطالبة بكلية التقنية العليا في أبوظبي'' ترى أن هناك تجنياً ومغالطة في القول بأن متاعب الحياة سببها امرأة، فالمرأة والرجل مسؤولان معاً عن أية متاعب تواجههما، كما أن تعميم القول بأن المرأة أقدر من الرجل على مقاومة الضغوط أمر مبالغ فيه أيضاً، فالتعامل مع الضغوط يتوقف على القدرات الشخصية للشخص نفسه، وليس له علاقة بالجنس· وأعتقد أن إطلاق مثل هذه الأفكار على عموميتها أمر يتنافى مع الواقع والموضوعية، فالموافقة عليها أو رفضها يتوقف على تجربة الشخص نفسه، وثقافته، وخبراته، ومن الخطأ أن نقول إن المرأة الصالحة نادرة الوجود كأن نقول ''الرجل الصالح نادر الوجود''· وتضيف زميلتها عائشة الجنيبي: ''ليست هناك قواعد أو فرضيات ثابتة إزاء توجهات الرجل نحو المرأة، نعم قد يكون هناك اتجاهات سلبية أو إيجابية، إنما هناك الكثير منها قد تغير بفعل تطور المجتمع، وتغير ثقافته، وتغير العالم من حولنا، فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة أزلية، وطبيعة كل جنس تكمل الجنس الآخر حتى تستمر الحياة· وإذا كانت المرأة توصف بأنها عاطفية، فإن ذلك يرجع الى طبيعتها التي خلقها الله عليها، ولا تنتقص من قدرها ومكانتها ودورها، وعلى الرجل أن يحقق التوازن المطلوب، فالعاطفة والحب والعطاء وغير ذلك من صفات أمور حبا الله بها المرأة لتحقيق هذا التوازن· الازدواجية وتضيف عفراء العلي: إن المشكلة تكمن في ازدواجية النظرة والتعامل في ظل الثقافة الذكورية للمجتمع، فالرجل في مجتمعاتنا يحمل الأفكار والقناعات الإيجابية عن المرأة بشكل عام، لكننا نراه يمعن في السلبية عندما يتعلق الأمر بأخته أو زوجته أو ابنته، وعلينا جميعاً أن نتحرر من ازدواجية النظرة، ونعي أن ما تحمله المرأة من صفات أنثوية خلقها الله عليها، ليست وصمة في جبينها، وكثيرات هن النساء اللاتي وقفن خلف أزواجهن وحققن معهم نجاحات عريضة في كافة المجالات، فإذا كان وراء كل عظيم امرأة، كما يقال، فمن المؤكد أن وراء كل امرأة عظيمة أيضاً رجل عظيم· أما عدنان مسلم، وسالم العمودي، وصالح المري ''طلاب'' فيتفقون تقريباً على أن نظرة واتجاهات الشباب الى المرأة الإماراتية قد تغيرت، وأن هناك الكثير من الأفكار لم تعد تناسب الوقت الراهن، فالشباب يحملون أفكاراً قد تتعارض مع أفكار واتجاهات الآباء والأجداد، لكن بعض الأفكار السلبية القديمة ما تزال موجودة وتحتاج الى مزيد من الوقت لتنتهي أو تتغير· ورغم تحسن صورة المرأة بشكل ملحوظ، إلا أن الاتجاهات الخاصة برفض الاختلاط بين الجنسين ما زالت موجودة، وغالباً ما يؤيدون الاختلاط الملتزم في التعليم والعمل، فمن شأنه أن يتيح مساحة كبيرة من الألفة والود والفهم المتبادل بين الجنسين، كما أنه يزيل حدة الغموض والخوف والحاجز النفسي بين الجنسين، علاوة على أنه يكسب كل طرف الطريقة المثلى للتعامل مع الجنس الآخر في رقي وتحضر وأخوة وزمالة، ويبعد الأفكار السلبية أو الضبابية، بحيث لا يعود ''الممنوع مرغوبا''· التغير الطبيعي وتشير فاطمة البلوشي ''الطالبة بكلية التقنية في أبوظبي'' الى أن خطورة التغير تكمن في التغير المفاجئ أو السريع، وأن من الأفضل أن تسير الأمور في مسارها الطبيعي التدريجي حتى يصبح التغير الاجتماعي ممكناً دون نتائج سلبية، ومن ثم يفرض الوضع الجديد نفسه، وتصبح المسألة أمراً عادياً، فالاختلاط من شأنه أن يتيح للطرفين الرؤية المشتركة بإيجابية، ويزيل الغموض، ولا يصبح كل جنس عالماً مغلقاً أمام الآخر، كما أن الاختلاط الذي يحكمه الاحترام المتبادل، من شأنه أن يهذب سلوكيات كل طرف، ويتيح التعرف عن قرب لطريقة التفكير، ويفسح مجالات أوسع للحوار، ومعرفة حدود كل طرف، ويقلل الانحرافات أو التجاوزات الأخلاقية أو السلوكية، حيث تفرض قيم ومعايير الزمالة نفسها، ومن المؤكد أن هذا الاختلاط يقلل من الوقوع في محاذير ''الممنوع·· مرغوب''، بل إنه يتيح فرص الاحترام المتبادل بين الجنسين· وإذا كان هذا القدر من التعارف والتقارب يتيح مجالات التعرف من أجل الزواج، فإن المجتمع الإماراتي بما له من عادات وتقاليد وقيم معينة قد يتحفظ على مثل هذا التعارف أو يرفضه، إنما التمسك بالقيم الأخلاقية أمر سيبقى هو المحك والمعيار في مثل هذه الأمور·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©