الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مفاهيم

7 ديسمبر 2007 23:16
اللوغوس Logos هو أحد المفردات متعدِّدة الدلالات والإيحاءات· وهي كلمة تعود إلى الموروث الإغريقي فلسفةً ولغةً، بل إن اللفظ الإغريقي واللفظ العربي للمفردة يكاد يتوحَّد في كلمة ''لغة''· وقد شاعت حديثاً مع تركيز الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا على ربطها بالتمركُز· أخذ الفكر المسيحي مفهوم اللوغوس الإغريقي بمعانيه الفعالة كالعقل الخلاق والمعرفة الإلهية، ليصبح اللوغوس معادلاً للعقل الإلهي، ومبدأ الخلق الأول في الكون، ولئن كان اللوغوس لدى الإغريق قوة غير مرئية تدير نظام الكون، فإن رجال الكنيسة نقلوا المفهوم إلى مرحلة ''الحلول'' والتحقيق الدُّنيوي، أي أصبح كينونة متجسدة لحماً ودماً، في ذات المسيح عليه السلام· ومهما تعدَّدت معاني اللوغوس، فإنه يتوافق مع المقولة الكلاسيكية التي تذهب إلى أن ''الإنسان حيوان ناطق''، بمعنى أن اللوغوس خاصية الإنسان التي تميزه عن سائر المخلوقات، وبهذا يصبح الإنسان وحده المؤهَّل لاكتشاف اللغة، وهي الخاصية التي كررها ''فرديناند دي سوسير'' في طرحه الألسُني حين ميَّز بين ثلاث مراتب للغة، هي: الملكة الإنسانية لتأسيس الإشارات اللغوية، ثمَّ اللغة/ النظام، فاللغة الأداء، وهذا هو ما ذهب إليه الفيلسوف ''أبو نصر الفارابي'' في تعريفه المنطق وما ذهب إليه أيضاً ''أبو سعيد السيرافي'' في مناهضته للمنطق وتبجيله للنحو العربي· ويذهب ''جورج بريسكو كيرفيرد'' في أحدث ما كتب في موضوع اللوغوس إلى أن هذه المفردة من التشعُّب بحيث لا يمكن حصرها في استخدامات معينة، فهو في تتبعه لمعانيها ترجم المفردة مرة بالمقولة وأخرى بالجدل والحجاج والمحاجة، وتارة بالقول واللفظ وأخرى بالخطاب وغير مرَّة بما هو متجسد في بنية الأشياء· بل إن كيرفيرد يرى أن ما يواجهنا مع هذه المفردة ليس كلمة ذات معانٍ متعدِّدة بل بالأحرى كلمة لها سلسلة من الاستخدامات والوظائف المرتبطة بنقطة بداية معينة، ويقترح أن نتعامل معها بوصفها كلمة بؤرية أو مرجعاً بؤرياً إذ هي تحيل باستمرار إلى مرجع خارجي غير لغوي تعتقد بأنه موجود وجوداً حقيقياً في العالم من حولنا· ثم يخلص إلى أن المفردة عموماً من شأنها أن تحيل إلى فضاءات ثلاث، كلها تتصل ببعضها من خلال بنية مفهوماتية متكاملة، هذه الفضاءات الثلاث هي: فضاء اللغة والتشكُّل اللساني، وبهذا يكون من معانيها اللفظ والقول والخطاب والوصف، والمقولة، والمحاجة· ثم فضاء الفكر والعمليات الذهنية، وهنا يكون من معانيها: التفكير والتعليل العقلي، والاعتبار والشرح وما إلى ذلك· ثم فضاء الكون الحسي من حولنا الذي نستطيع الحديث عنه أو التأمل الفكري فيه· وهنا تأتي معاني المبدأ التأسيسي التركيبي، والمعادلات الرياضية والقوانين الطبيعية وما شابهها، والشرط الأساسي لمثل هذه المعاني في الفضاء الثالث هو أن كل حالة منها تقتضي اعتبارها حاضرة مكشوفة في صيرورة الكون·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©