الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ارتحـــال اللوحــة·· محملة بالبهجة

ارتحـــال اللوحــة·· محملة بالبهجة
6 ديسمبر 2007 04:20
لا تدري لماذا وأنت تحدق في لوحة تشكيلية عالمية يتبادر إلى ذهنك ارتحالها عبر الزمان والمكان·· حيث جموع من الناس قد شاهدتها قبلك·· مختصون، نقاد، متذوقون وفنانون تأملوها بامعان· هم من أجناس كثيرة وأعراق ذات لغات متعددة باختلافهم تبادلوا كلمات الاعجاب وربما صمتوا مذهولين أمام ألوانها، خطوطها، جمالياتها المتعددة· ترتحل اللوحة حاملة سماتها التي لا تتبدل، عابرة مدناً وحدوداً لتجتمع يوماً في مكان ضم أعمالاً أخرى ثم تغادر وحيدة· تنتظر عند المحطات باردة، ترتجف كالحقائب المبحرة عبر ألوف من الكيلومترات، ترتاح في صالات مرّ فيها ألوف من الناس تحدق في وجوههم مذهولة، تتنقل بين الرغبات الجارحة في اقتنائها والأكف المرتجفة خوفاً عليها: هل هي تعرف قيمتها بارتحالها المستمر الذي لا ينقطع، حيث يتجسد الإبداع اللامرئي داخلها وكأنه النغمة التي نسمعها ولا نلمسها؟ لماذ اذا نعشق التأمل فيها؟· عجائب الدنيا تلك الأعمال التشكيلية حطت الأسبوع الماضي في قصر الإمارات في أبوظبي مجتمعة من كل أقطار العالم، شرقه وغربه، شماله وجنوبه في معرض الفن الحديث آرت باريس أبوظبي الذي أقامته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ··ثلاثة آلاف لوحة، عجائب الدنيا التقت لتصنع الحضارة وهي تعزف لحنها الخاص على أيدي 700 فنان في أكبر كونشرتو عالمي يقدم السلام للناس وللأعين المبتهجة بالمسرة· من (جرين آرت جاليري) و(ذا ثيرد لاين) و(بي 21) و(عزيز كورثا فاين آرت) في الإمارات نجد أعمال عشرات الفنانين من المنطقة والعالم العربي: عبدالقادر الريـس، ومنير شعــراني وديا عزاوي وشادي غاديريان وغيرهم·· كلهم ارتحلوا بأعمالهم إلى أبوظبي· ومن صالات فرنسا تلتقي بـ ''شوفال'' و ''بيكاسو''·· وبالرغم من أنك ربما تعرفت إلى لوحاتهما من قبل إلا أنك الآن تقف أمامها وجهاً لوجه لتتأمل ''رأس امرأة'' 1953 بحجم 54 / 65,4 سم مرسومة بالزيت على الجنفاص وبالأسود والأبيض حيث الخطوط الحادة للرقبة وكأنها المستطيل الذي يجلس على قاعدة تحس بضربات بيكاسو بفرشاته السريعة وزواياه الحادة· كذلك تدويرة الرأس والعين الجالسة في الفراغ الأبيض اللامع· هنا ترى روعة المبدع وهو ينقل لك كل أحاسيسه وبراعة أنامله وفرشاته التي تحيل اصطفاف تسريحة الشعر الى كتلة موحية مملوءة بالتساؤلات عن سبب هذا الاختيار التركيبي المدهش· إنها في جاليري ''باتريك تراكانو''· أما جاليري ''بيير ديمونتيل'' فقد عرضت تمثالاً رائعاً لدييغو جياكوميتي بـ 50 / 23 سم الطائر الحامل البيضة على ظهره حيث انسيابية الرقبة الطويلة والرأس الصغير النافر والمعلق فوق امتداد حاد، الجناح الصغير المنحني وتقوس الساقين الرائع ثم الثبات المستقر في الأقدام الثلاثية مع حركة القدم اليسرى المرفوعة قليلاً· ذلك هو التخيل المرعب وتلك هي البيضة التي تجلس بثبات في بطن التمثال لتشكل جسده وكأن الإيحاء هنا صار مزدوجاً بين الرؤية والواقع· لغة أخرى جون ميرو من صالة ''وايذر هاوس ودود'' البريطانية كان يتكلم في لوحته لغة أخرى بثلاثة ألوان حبرية على الورق ''الأسود الطاغي'' والأصفر الباهت والأحمر المفجوع، كذلك هي البقعة من الاخضرار القاتم، العينان المفزوعتان والأنف الطويل والدهشة المفرطة· انها بـ 48 / 58,5 سم· كيس فان دونكين (1877 ـ 1968) من صالة ''جاليري تامينج'' بلوحة ''السيدة الجالسة'' 120 / 180 سم يتكلم شعراً بشفافية الفستان الهادئ الساقط في الفراغ والسوار المشع والعقد الملتف على الرقبة وتسريحة الشعب المنتهية بعمق اللوحة كالريح وانحناءة الكفين· والامتداد الموسيقي لأصبع السيدة وهي تبصر بتأمل يضاهي ''الموناليزا''· ''الحب'' عند روبرت انديانا من صالة جاليري ''لورنت ستروك'' من فرنسا بالذهب والأحمر 92 / 46 سم يقدم لك كلمة ''الحب'' بامتزاج روحي وتدرج تركيبي وفراغات تتحدث وأسطح هي درس في هذا الفن الجميل·· مع ظلال قاتمة ومشرقة تلك هي معاناة ''الحب'' الذي لم يتحدث بها بالكلمات، بل أراد أن ينقلها بصرياً· التدرج الحقيقي ''ونك ين شنك'' (من الصين) قدم في صالة ''بروتيه'' الفرنسية لوحته الشمس الجالسة بـ 150 / 150 سم حيث الجحيم وكأن الاحمرار أولاً والسواد ثانياً والبياض ثالثاً هو التدرج الحقيقي للنار حيث كلما ازداد اشتعال الجحيم تدرجاً عبر هذا التحول· إنها لوحة تثير الرعب· خالد بن سليمان في لوحته ''الباب الأزرق'' 81 / 100 سم بالاكريلك والذهب على الجنفاص وهو من تونس في جاليري المرسا في تونس· تجتمع كل الموروثات الإسلامية والاجتماعية ليقدمها بطلاسم رائعة تجعلك مشدوهاً· ومن صالة ''برايت شانك'' الألمانية تبهرنا ''اندي مارهول'' في لوحتها ''مارلين'' الممثلة ''مارلين براندو'' بـ 91,4 / 91,4 سم حيث اللونان الأحمر في الوجه والأخضر بتدرجاته في الفراغ وشعر الرأس، إنه تعبير عن جحيم مارلين براندو الحقيقي· روبرت انديانا قدم لنا لفظة ''الفن'' 366 / 182 سم ''الفن بالأحمر والأزرق'' هي درس في الظلال والاختصار والتدرج اللوني والأسطح· كذلك ماكس ارنست من (دي جاليري) الألمانية قدم لنا بالزيت على الجنفاص 65 / 50 سم كل التساؤلات الوجودية بمكعباته التي احتواها الجسد وبأربعة ألوان· اسماعيل فتاح الترك من صالة الفن الأخضر في الإمارات التي قدمت لنا عمله 44 / 56 سم، الحمامة الجريحة والوجه الباكي والاحتراق الذي قطع الحب، رسمت سنة ،2004 ثمة رموز إنسانية ظهر رجل ووجه امرأة وحمامة جريحة·· هي عوالم الحب الذي لم يتحقق توزيع لوني وفرشاة تحدثت الكثير عن عالم محطم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©