الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب·· سبقوا شامبليون

العرب·· سبقوا شامبليون
6 ديسمبر 2007 04:14
مؤلف هذا الكتاب هو رئيس مجمع اللغة العربية في ليبيا، وقد صرف جهوده خلال العقدين الأخيرين للتأليف في فقه اللغات المقارن بهدف توضيح الأثر الكبير للغة العربية في تطور اللغات القديمة مثل اللاتينية، أو لتأكيد أن اللغة العربية في صورها القديمة والتي يسميها ''العروبية'' عبرت عن نفسها في اللغات القديمة بالمنطقة العربية فالأمازيغية والهيروغليفية والقبطية ليست سوى لهجات محلية من اللغة العروبية القديمة· وتثير مؤلفات الدكتور علي خشيم جدلاً واسعاً في أوساط الباحثين في اللغات القديمة وتلقى الآراء التي جاء بها قبولاً لاسيما بين الباحثين الشباب الذين لم يتأثروا كثيراً بالمدارس الاستشراقية الأوروبية· وفي كتابه ''العرب والهيروغليفية'' يبرهن المؤلف على أن العرب المسلمين كانوا على معرفة بأغلب حروف الكتابة الهيروغليفية وكان بينهم من يعرف قراءة هذه اللغة ونصوصها المنقوشة على المعابد المصرية القديمة، وذلك قبل أن يقوم الفرنسي شامبليون بفك رموز الهيروغليفية في القرن 19 م· وقسم الدكتور خشيم كتابه إلى مقدمة سرد فيها ملاحظاته المنهجية على جهود المستشرقين الرامية للتقليل من فضل الكتاب العرب القدماء في مجال تزويد الباحثين المحدثين بمعلومات دقيقة عن الكتابات القديمة وساق في معرض برهنته على ذلك سيرة وجهود المؤلف العربي أحمد بن وحشية صاحب كتاب ''شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام'' ثم نشر وحقق بعد هذه المقدمة تفصيل الكتاب مع ملاحظات ضافية وتفصيلية عن محتوياته والآراء التي جاء بها ابن وحشية وقدم نقداً لملاحظات المستشرق ''همر'' الذي سبق له نشر الكتاب في مطلع القرن 19 م· ويعتبر كتاب ''العرب والهيروغليفية'' من أهم المؤلفات الحديثة التي زاوجت بين معارف العلماء المسلمين في العصور الوسطى وجهود الدكتور عكاشة الدالي في هذا المجال، مثمناً كتابه المنشور بالإنجليزية تحت عنوان ''علم المصريات، الألفية المفقودة - مصر القديمة في الكتابات العربية في العصر الوسيط''· ويؤكد المؤلف أن نشاط المسلمين في ترجمة مؤلفات باللغات السريانية والنبطية واليونانية والرومية والفارسية والهندية والأرمنية والمغولية دعاهم خلال القرون الثلاثة الأولى للهجرة إلى دراسة اللغات القديمة وتبويب حروفها· محاولات الصوفية ونظراً لأن بعض الكلمات كانت غامضة في مؤلفات كثيرة كالكيمياء والسحر والتنجيم والفلسفة، فقد سعى علماء العرب لكشف حقيقة هذه الكلمات ومن أهم هؤلاء كان المتصوفة من أمثال أحمد بن وحشية وذي النون المصري وثوبان بن إبراهيم الذي وضع مؤلفاً بعنوان ''حل الرموز وبرء الاسقام في كشف أصول اللغات والأقلام'' وكان هذا الصوفي من أصل نوبي معروفاً بطوافه بالمعابد المصرية القديمة ومحاولاته فك رموز الكتابة المصرية القديمة· ويتعرض المؤلف لجهود العلماء العرب والمسلمين في فك رموز الكتابات خلال فترة الحروب الصليبية وكان الغرض من هذه الجهود فك طلاسم الكتابات الغامضة في رسائل قادة الحروب الصليبية ونوه بعدد من علماء تلك الفترة مثل ابن دينير ''توفي 627 هـ'' وابن عدلان ''توفي 6660 هـ'' وابن الدريهم المتوفى عام 762هـ· ويفرد الدكتور علي خشيم مساحة كبيرة من الاهتمام بأحمد بن وحشية صاحب كتاب ''شوق المستهام'' والذي يعتبر مؤلفه من أهم ما استعان به الفرنسي شامبليون لفك رموز الكتابة المصرية القديمة على الرغم من أن العالم الفرنسي لم يشر إلى كتاب هذا المؤلف من قريب أو بعيد· وأحمد بن وحشية هو أبوبكر أحمد بن علي بن المختار بن عبدالكريم بن حرثيا وهو كلداني الأصل نبطي من أهل قسين وجنبلاء ببادية الأردن و توفى عام 296 هـ وله عدة مولفات منها كتابه عن الفلاحة النبطية ثم كتاب شوق المستهام، وقد اشار إلى أهمية مؤلفه ووجود نسخة مخطوطة منه في باريس، وكذلك المؤلف محمد المقداد الموريتاني في كتابه ''البرنس في باريز'' وهو عن رحلة قام بها في عام 1912 من القيروان إلى فرنسا والسويد ونقل فيه عن محمد بن رشدي المصري أن العرب سبقوا علماء أوروبا في حل رموز الخطوط القديمة وترجمة كتبها إلى العربية، ولولا وقوف أوروبا على مؤلفات العرب ما تمكنت من فك رموز الكتابات القديمة وأن المصري شاهد بنفسه في باريس نسخة مخطوطة من كتاب أحمد بن وحشية· صدق ابن وحشية ويعتقد الدكتور علي خشيم أن ابن وحشية كان ممن عملوا في خدمة الخليفة العباسي المتوكل حتى أنه تنقل بين الشام وبغداد بصحبة ذلك الخليفة الذي اتخذ دمشق حاضرة له لمدة شهرين قبل أن يعود إلى بغداد· ولابن وحشية عدة كتب معروفة بعضها من تأليفه والبعض الآخر من ترجمته عن الكردية والنبطية والكلدانية· ويورد المؤلف سرداً كاملاً لمسمياتها وأماكن حفظها في اسطنبول وطهران وعواصم أوروبية مختلفة· أما تحقيق المؤلف لكتاب ابن وحشية ''شوق المستهام'' فقد اعتمد فيه على النسخة المطبوعة التي نشرها المستشرق ''يوسف همر'' في عام 1806 م عن نسخة عثر عليها في القاهرة، بالإضافة إلى نسخة محفوظة بالمكتبة الأهلية بباريس وحملت إلى العاصمة الفرنسية من مالطا· ويقع كتاب أحمد بن وحشية في ثمانية أبواب، الأول منها عن القلم الكوفي والمغربي والهندي والثاني عن الأقلام السبعة المشهورة ''السرياني والنبطي القديم والعبراني والبرباوي والقمي والمسند واليوناني'' والباب الثالث عن أقلام ظهرت بعد السبعة الأخيرة ثم باب عن أقلام الكواكب السبعة ''زحل والمشترى والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر''، ثم باب عن أقلام البروج الاثني عشر وآخر عن أقلام الملوك الأقدمين وأخيراً يفرد باباً لذكر أقلام الهرامسة· ويعتبر الباب الأخير من كتاب ابن وحشية خير برهان على معرفة علماء العرب المسلمين اللصيقة باللغة المصرية القديمة، فالهرامسة عند علماء المسلمين هم المصريون القدماء وقد كشف ابن وحشية في هذا الباب عن معرفة واسعة بالكتابة التصويرية المصرية، حيث أورد رسماً للعديد من حروف الهيروغليفية مع إشارات لمعانيها لا تبتعد كثيراً عما انتهى إليه علماء اللغات المصرية القديمة من المحدثين·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©