الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عُبوّة شعرية ناسفة!

عُبوّة شعرية ناسفة!
6 ديسمبر 2007 04:14
الحرب لا تكف عن إمداد مخيلة الشاعر وذاكرته بمزيد من الرؤى والصور التي تشكل موقفه الذي يتبلور إنسانيا برفض بشاعتها وما تخلفه في النفوس والأرواح·· وهو موقف شعري لم يتوقف تكراره وإعادة صياغته منذ كتب زهير: وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم·· ولكن الإنسان الذي سُمي بذلك لنسيه بتأويل أبي تمام، لا ينفك يعود للحرب، ليجر على نفسه وكوكبه المزيد من الآلام والويلات· ولكن الحرب تلوّن القاموس الشعري كذلك بتلاوينها واشتقاقاتها ومجازاتها وصورها وببلاغتها إذا شئنا التوسع قليلا· ها هو ذا شاعر عُماني شاب (زاهر السالمي 1972) يصدر ديواناً لعله الأول كما يشير الإصدار (دار شرقيات 2007) يعنونه بعنوان حربي بجدارة ''عُبوَّة ناسفة'' جعلت القارئ قبل قراءة التعريف به يظنه عراقيا أو فلسطينياً في أبعد الفرضيات، لأن العنوان الصادم المستعار من أدبيات الحرب ويومياتها القاتلة في أرض كبلاد الرافدين وعاصمتها التي سمّاها العباسيون يا للمفارقة!: دار السلام، يأتي من شاعر يسكن بعيدا عن رعب الحرب والعنف والاحتلال، لكنه كشاعر استجاب لمعاناة الإنسان، بل توسّع في مجازات الحرب ودلالاتها ليغدو كل شيء خارجا من رحمها، فصار رأس الشاعر (عبوة ناسفة يحمله باتزان خوف أن ينفجر، وجيبه ملغم ··بالعصافير، والمرأة كالرمح··) إن معاينة القاموس الحربي في قصائد الشاعر تشير إلى مسألة ثقافية تعني القراءة المنهجية التي لا تكتفي بتعقب التشكلات اللغوية والصورية والإيقاعية للنصوص، بل تتعقب وتشتق دلالاتها الثقافية وتحولات الخطاب الشعري واقتراضه من المحيط، وهذا ما استوقفنا في قصائد السالمي، وهي قصائد نثر تحاكي في قِصَرها ما عرف بقصائد الجملة الشعرية أو الومضة والشذرات السريعة التي تستدق وتقصر فتصل إحداها إلى ثلاث كلمات فقط لتخلق مفارقة دالة مع العنوان المكون من أربع كلمات: لن يستطيع إزعاجي أحد······ (العنوان) كصلاةٍ لا تَصِل وتكون الحرب ذات حضور دلالي ولغوي في قصيدة تعكس الموقف من الآخر والصلة به ـ الآخر الذي يشاركنا المكان والزمان وله ظله وثقله وأعرافه ـ وهي قصيدة (حياة) التي تؤثثها مفردات الحرب وجزئياتها: ديوان الشاعر العماني الشاب وقاموس قصائده المنتزع من سياق الحرب ويومياتها وإيقاعاتها الضاجة المحتدمة تلفت إلى تلك التبدلات والتحولات التي أشرنا إليها على مستوى الخطاب الشعري نفسه لا القصائد كبنى نصية فحسب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©