الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الضحك يُحْدِثُ الضوء

الضحك يُحْدِثُ الضوء
20 ابريل 2016 03:21
ترجمة - حسونة المصباحي عن بول ايلوار (1894-1952) الذي يعد من أهم الشعراء الفرنسيين في القرن العشرين، كتب أحد النقاد يقول:”خلافا لما كان عليه معاصروه، لم يكن بول ايلوار قديساً (مثل ارتو)، ولا وسيطاً للوحي (مثل رونيه شار)، ولا مستبصراً (مثل هنري ميشو)، ولا مناضلًا أممياً (مثل اندريه مالرو)، ولا متأنقاً عميلاً (مثل دريو لاروشال)، ولا متأنقاً شيوعياً (مثل لوي اراغون)، ولا زعيم مدرسة معادية للتقاليد القديمة (مثل اندريه بروتون)، ولا منتحراً (مثل رونيه كروفيل)، ويمكننا أن نقول بإنه، غير راض عن أن يكون شاعراً وأخويا، وعاشقاً، ومواطناً، ومناضلًا، كان ايلوار كل هذا في نفس الوقت، لكن بطريقة غير مكتملة.. كان إيلوار غير المكتمل! حتى الموت لن يكون عائقاً للضحك منذئذ، بإمكان التعليمات أن تكون واضحة. الأفق معروف: علينا أن نضحك لكنه ضحك ينمّ عن الصحّة والعافية. سنضحك لكي نكون مرتبطين بعلاقات أخوية في كلّ لحظة بيت الضحك لم يكن غير تجسيد مسبق وأليف لذلك.. حتى الكون لن يكون عائقاً أبدا للضحك: رغم الأحجار التي لها وجه الإنسان سنواصل الضحك هذا النفوذ الموعود هو انتصار القوّة اللاّعقلانية للضحك: آه أيها الضحك النباتيّ فاتحاً فُرْجَة في الغابة من حلوق منشدة من دون انقطاع من أياد منها انمحى الدم وحيث البراءة إراديّة الضحك يحدث الضوء كلّ الإشارات معكوسة. الشقاء والتعذيب معاصران للضحك..ويبدو أنها استراتيجية وتعليمات لا بد من تخصيصها للكلمات: اربطوا الضحكات بالآلام اربطوا النهّابين بالأحياء عقوبات بائسة والسّقْطة ضدّ الدّوَار. ذلك أن الضحك ليس فقط ردّة فعل، وانفجار متأت من حدث خارجيّ مّا. هناك إرادة للضحك. وتفضيل له وبإمكاننا (أو علينا؟) أن نقوم به في كلّ الظروف. هناك فضيلة للضحك: ضحك عال بقدمين حافيتين في باحة بائسة أوج خريف خضرة تمّ إرضاؤها طائر مصرّ على وضع أجنحة في عشّه صباح ينشر أضواء النّدى لكي يوقظ الحقول وهو ضحك من دون خجل، من دون وخز ضمير، ضحك كأنه إعلان عندما يكون الضحك أقوى من القول مع ذلك، تأتي اللحظة التي فيها الذي يكتب، يفعل ذلك باسم الضكات التي لا يمكنه أبدا أن يسمعها: باسم الأمل المدفون باسم الدموع في الظلمة باسم الشكاوى التي تضحك باسم الضحكات التي ترعب وتخيف (…) باسم الضحكات في الشارع في العذوبة التي تقيد أيدينا باسم الرجال المحبوسين باسم النساء المهجّرات وإذا ما كانت الضحكات تسمح لنا باجتياز الليل فلأنها أصبحت تنتسب إلى زمن أفلت منها. فلتنفجر الضحكات، وسنعلم أن كلّ شيء تمّ إنقاذه. هناك ضحكات كبيرة على الساحات الشاسعة ضحكات ملوّنة على الساحات المذهّبة مراكب قبلات تستكشف الكون الأطفال والحصيلة يشرّعان الطموح الرجال يعزّزون ضمير النساء في الضحك هناك شيء من الجنون مرة أخرى في قسوة الحرب وإرهابها يكشف الضحك عن وقاحته الضرورية قبل كل شيء لا يحدث هذا الكثير من الصخب: كل ضحك هو مثل دوّامة من الأوراق الميّتة غير أنه علينا أن نتعامل مع هذه الدوامة بجدية: أنها متعة، ورغبة، ووجع وهي مجنونة، ومزهرة ومولّدة بيضاء تمرّ. هناك شيء من الجنون في الضحك (الضحك الذي نعجز عن إيقافه)، وضربة ريح، وانفجار (انفجار الضحك). وفيه أيضاً ما يشبه ضربة المكنسة، وعملية تنظيف كبيرة: مُرّا، أنت تلغي كل مأساة، وكلّ همّ، بأن تكون إنساناً، الضحك يرمي به بعيداً. نحن نشعر جيداً أن بإمكاننا أن نتهم الضحك بسرعة بأن الجدية تنقصه، وأنه يكون، خصوصاً إذا ما كان من الصعب قطعه، صادراً عن من فقد العقل والصواب هي تضحك. القلق على كتفها نام. القلق لا يشعر بالقلق إلاّ مع تلك التي تضحك، تلك الجسورة التي تطلق ضحكا غير معقول، ضحكا لآخر النهار زارعة تحت كل جسور الشموس الحمراء، والأقمار الزرقاء، الأوراق الذابلة لباقة تخلصت من أوهامها. ما يطالب به الضحك هو: أن يكون تحديداً تلك القوة اللامعقولة داخل العقل الملتهب نفسه: أسمع الضحك يرنّ الاثنان معا، نفس الحركة. أن نجعل من الضحك فعلا عقلانيّا، وأن نمنح الاستدلال الانفجار المزعج للضحك، والقوة الحيّة لوقاحته: مستقبلًا.. بإمكانكم أن تضحكوا بوقاحة، الضحك.. باقة سيوف، الضحك.. ريح غبار، الضحك مثل ألوان قوس قزح سقطت من ميزانها، مثل حوت هائل الحجم يدور حول نفسه. ضحك جميل يساوي قنديلاً لتحدي الخوف بمعنى أكثر اتساعاً الذي يضحك أو التي تضحك يبرزان تحالفهما مع كل شيء حيّ: أنت تضحكين.. أنت تلعبين.. أنت حيّة ومع كل ما هو مضيء: عيناها طلاوة الصيف حرارة الشتاء عيناها تضحك عالياً عيناها تلعبان تربحان نصيبها من النور. أن نضحك، يعني أن ننال قسطناً من النور. يعرفه كل الأطفال المجبرين على اجتياز الأروقة المظلمة. الضحك الجميل يساوي قنديلاً لتحدي الخوف: ضحكات خوف الخوف في أحضان القشعريرة وكل الذين يهددون الظلمة لهم نفس الشعار: المساجين يرغبون في الضحك - طريقة بالنسبة لهم لتخفيف وطأة عذاباتهم هم يشحنون الرغبة في الحياة بقيود خفيفة - طريقة أيضاً للإعلان عن المستقبل ضد الواقع الحاضر. عندئذ يصبح الخوف بصمة الذين يناضلون من أجل العدالة. الظلم يسلط على الأبرياء وعلى الأبطال والمجانين الذين سيحكمون ذات يوم ذلك أنني كنت أسمعهم يضحكون في دمهم في جمالهم في بؤسهم في عمليات التعذيب ضحك من الضحك القادم ضحك للحياة والولادة من الضحك. 5 خبر مُفْرح. ضحك يركض تحت المساحة المرئيّة للأشياء، ضحك يركض تحت الثلج القاتل. ضحك هو الفجر والفرح أن نكون في العالم. هناك ما يشبه الانفجار الهائل للضحكات لترصّد ما خلف الكلمات. الذي يعرف كيف يرى جيّدا يمكنه أن يعلن عن مصدرها: أرى مصدر ضحكاتك في رافعة سقفك في دوّامات سريرك في نوافذ غرفتك إنه ضحك ينفجر مثل بداية احتفال: ناي وكمان، نغم أغنية واضحة ينزع عن قلبينا أشياء مماثلة ونوارس البحر. كل شيء مبشّر به. الربيع: ضحكنا يضحك من هذا الربيع انتصار الأحلام: ضحك الأنغام يتشتّت، ضحكنا تحقّق. لنقل ذلك، ضحكنا في كل مكان. العالم يضحك، العالم سعيد، وفرح، ومبتهج. حتى الحيوانات تمّ اكتسابها: الحيوان يضحك أيضاً، ناشراً فرح حركاته البهلوانيّة في كل أماكن الأرض الوبر يختلج، الصوف يرقص والعصافير تفقد ريشها. العالم له خفّة الضحك الذي لا يوجد له مثيل غير ذلك الذي تختصّ به العصافير. فوق بيت الضحك عصفور يضحك في جناحيه. العالم جد خفيف حتى أنه لم يعد في مكانه وهو جد مرح حتى أنه لا شيء ينقصه. سعيداً من يسكن في بيت الضحك هذا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©