الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إنفلونزا الخنازير... إغلاق الحدود ليس حلاً

إنفلونزا الخنازير... إغلاق الحدود ليس حلاً
3 مايو 2009 03:45
خلال الأيام الأخيرة، دأب كثيرون على حث مسؤولي الأمن الأميركيين -بإلحاح في بعض الأحيان- على إغلاق الحدود مع المكسيك، كما ألغت شركات الملاحة الرحلات البحرية على امتداد ساحل ذلك البلد، وطلبت فرنسا من الاتحاد الأوروبي إيقاف الرحلات الجوية إلى هناك، بل وذهب أحد مسؤولي الصحة الأوروبيين إلى حد اقتراح منع السفر إلى الولايات المتحدة في الوقت الراهن حتى ينجلي الموقف• والمشكلة المتعلقة بمثل هذه المحاولات الرامية لإيقاف، وإبطاء، انتشار وباء إنفلونزا ''إتش1 إن''1 الجديدة هي أن الفيروسات لا تستوعب مفهوم الحدود طبعاً• فمحاولة سد منافذ الدول الحدودية -وهي نزعة لدى العديد من الناس، وظهرت حتى لدى بعض الدول خلال الانتشار الأخير للمرض- لن تفضي إلى نتيجة، وسيتبين عدم جدواها ليس الآن ولكن في المستقبل أيضاً، كما يقول الخبراء• فمثل هذه الإجراءات تسبب هلعاً لا داعي له، وأضراراً اقتصادية كبيرة دون شك• ويرجع السبب في ذلك إلى أنه في الوقت الذي يتم فيه التعرف على أن فيروساً ما بعينه يمثل تهديداً محتملا، يكون ذلك الفيروس قد سافر بعيداً بالفعل عن المكان الذي ظهر فيه لأول مرة، وخصوصاً مع الازدياد الهائل لحركة السفر في عالم اليوم• بالإضافة إلى أن الأعراض الواضحة للمرض لا تظهر إلا بعد وقت من الإصابة بعدواه، بمعنى أنه يمكن أن يكون هناك الكثير من الناس الذين ينشرون المرض بالفعل، دون أن يدركوا إصابتهم به، من الأساس• ويعلق الدكتور كريستيان ساندروك، خبير الأمراض المعدية في مركز ديفيس الطبي بجامعة كاليفورنيا، على هذه النقطة بقوله: ''إن هذه الإجراءات ليس لها معنى في الحقيقة، لأن المزايا التي يمكن الحصول عليها من خلال تقليص فرص انتشار المرض تقل كثيراً عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتج عنها''• ويدلي الدكتور ديفيد فريدمان، المتحدث باسم ''الجمعية الدولية لطب السفر'' وأستاذ الطب بجامعة ألاباما، هو الآخر بدلوه في هذه المسألة قائلا: ''إننا لا نستطيع بالفعل منع انتشار مثل هذه الفيروسات من خلال إغلاق الحدود• وحتى إذا ما تمكنا من إغلاق الحدود عملياً، فإن ذلك لن يؤدي إلى تأخير انتشار المرض سوى لعدة أيام، في حين ستنتج عنه أضرار اقتصادية واجتماعية كبيرة، وهو ما يعني أن فرض قيود على السفر والانتقال إجراء غير فعال في الواقع العملي''• وبدلا من إغلاق الحدود أو فرض قيود على السفر، تحاول الحكومة الفيدرالية الأميركية في الوقت الراهن، اتباع سياسة مراقبة ورصد ''أكثر سلبية'' حسب التصريح الذي أدلت به وزيرة الأمن الداخلي ''جانيت نابوليتانو'' يوم الخميس الماضي• وفي إطار هذه السياسة صدرت الأوامر لضباط الحدود، وعناصر الأمن في المطارات، بمراقبة حركة السفر، وإيقاف المسافرين الذين تبدو عليهم علامات المرض الشديد، وإقناعهم في حالة التأكد من حملهم للفيروس واحتمال نشرهم للعدوى، بأنهم بحاجة إلى معالجة طبية تستدعي منعهم من السفر• والحال أن الإجراءات الطبية المشددة مثل العزل الصحي ليست مفيدة في الحيلولة دون انتشار الأوبئة بالدرجة التي تبدو عليها• فالفيروسات قادرة على الانتشار حتى وسط الناس الذين لا تظهر عليهم أية أعراض• كما أن خوف الناس من الاحتجاز في المعازل الصحية، يقلل من احتمالات لجوئهم إلى طلب المساعدة الطبية، وهو ما يعني أنهم سيستمرون في هذه الحالة في التواجد والتحرك لفترة أطول بين الناس غير المصابين مما يساعد على انتشار المرض• وعلى رغم أن السياسات الفيدرالية للاستجابة للطوارئ تدعو إلى استخدام العزل الصحي في حالات انتشار وباء الإنفلونزا الشديدة، إلا أن هناك دراسة نشرت العام الماضي في مجلة ''بلوس'' أثبتت أن العزل الصحي للمصابين بوباء الإنفلونزا، وأفراد عائلاتهم، لا يحقق سوى نتائج محدودة• ووجدت تلك الدراسة أن الإجراءات الهادفة لاحتواء المرض -مثل استخدام مضادات الفيروسات، وإغلاق المدارس، ومعالجة المرضى حسب الحاجة، يمكن أن تكون أكثر فعالية في إبطاء انتقال الوباء• وتقول الدكتورة فيكتوريا ديفي، التي شاركت في الدراسة المشار إليها، ونائبة مدير الصحة العامة والمخاطر البيئية لإدارة الشؤون البيطرية في واشنطن، وعضوة الفريق الذي يقدم المشورة للحكومة بشأن كيفية الاستجابة للطوارئ، موضحة هذه النقطة بقولها إنه: ''طالما تم تطبيق هذه الإجراءات فلن تكون هناك من حاجة تدعو إلى عزل المرضى صحيا''• ويتم في الوقت الراهن استخدام تقنية ''الفرز الحراري'' في بعض الدول من أجل التعرف على الأشخاص المصابين بفيروس ''إتش 1 إن ''1 وعزلهم عن غيرهم وعن ذلك يقول د• فريدمان: ''في الواقع العملي أثبتت هذه التقنية عدم فعاليتها في رصد مرض بعينه بيد أننا يمكن من خلال استخدامها فرز أناس مصابين بأمراض أخرى''• فيما يؤكد د• ساندروك أن الأكلاف المالية والاجتماعية التي تتطلبها عملية الحد من حركة الجمهور يجب أخذها في الحسبان وعدم التهوين من شأنها• و''طالما أننا لن نجني شيئا من ورائها فلماذا نقوم بها في الأصل؟''• والحقيقة أن الجهود الرامية للحيلولة دون انتشـــار الإنفلونزا التي تركز على أعداد كبيرة من البشر، ليست لها ذات الفائدة التي يمكن الحصول عليها من خلال استهداف مجموعات محددة مثل مدارس بعينها، أو أحياء وعيادات خاصة كما تقول الدكتورة ديفي، المشار إليها• ولهذا السبب ترى أن المسؤولين المحليين هم المهيأون أكثر من غيرهم للمقاومة، واتخاذ الإجراءات التي تحول دون حدوث المزيد من حالات العدوى، وهم الأكثر قدرة في الوقت نفسه على الربط بين الحالات المختلفة، ومعرفة نمط انتشار المرض، في المرحلة التي يكون فيها مثل هذا المرض لا يزال في بداياته وبالتالي يمكن احتواؤه بدرجة أكبر من النجاح• شاري روان ـ واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©