الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إنقاذ الذاكرة التشكيلية

إنقاذ الذاكرة التشكيلية
20 ابريل 2016 03:10
رضاب نهار (أبوظبي) يعكس المشهد التشكيلي الإماراتي، واقع المجتمع وتطوره منذ بداياته وحتى اليوم. ويؤسس بحركاته وأعلامه، لمستقبل يعي أهمية الفن ويعلي من شأن الثقافة. ولعلّ توثيق مجمل الحركة الفنية طيلة السنوات الماضية، سيسهم في تأسيس وعي نقدي يشجّع على الإبداع والابتكار، الأمر الذي التفتت إليه مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، بالتعاون مع جمعية الإمارات للفنون التشكيلية حين أطلقت ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي 2016 «أرشيف الفن الإماراتي»، الموقع الإلكتروني الذي يوفر للباحثين والفنانين والمهتمين إمكانية الاطلاع على أكثر من 10 آلاف عمل فني... بدوره، سعى «الاتحاد الثقافي» لاستطلاع أهمية هذا المشروع وآفاقه مع القائمين عليه من جهة، ومع الفنانين من جهة أخرى، فكانت هذه الإجابات. تقول سعادة هدى الخميس كانو، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي: «يأتي هذا الجهد استكمالاً لمجموعة كبيرة من مبادرات وبرامج مهرجان أبوظبي ومجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، تشجيعاً للإبداع في الفن التشكيلي، ودعماً لتجارب الرواد والناشئين على السواء، من أعمال التكليف الحصري للفنانين التشكيليين الإماراتيين والعرب التي فاق مجموعها عشرة أعمال خلال السنوات الأربع الأخيرة، إلى مجموعة مقتنيات الأعمال الفنية لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون التي جاوزت المائة وعشرين عملاً فنياً، وبرنامج ابتعاث الفنانين خارج الدولة ودعم الدراسات العليا والتخصص المهني للفنانين داخل الدولة وخارجها، وأخيراً لا بد من أن أذكر مبادرة «رواق الفن الإماراتي» التي تشكل مرجعاً إلكترونياً توثيقياً لمنجز فن التشكيل الإماراتي المعاصر، وتضم بيانات أكثر من مائة فنان تشكيلي إماراتي، كما تستهدف دعم الفنانين التشكيليين الإماراتيين بجميع أشكال الدعم والتحفيز، وأيضاً أتى كتاب «الفن في الإمارات» ليشكل إضافة مهمة إلى مكتبة المراجع التخصصية للباحثين والمهتمين بمنجز التشكيل في الإمارات». وتضيف: «إذاً، مشروع «أرشيف الفن الإماراتي» هو الخطوة التي تكمل وتتوج جهودنا في العشرين سنة الماضية، وتستشرف عشرين سنة قادمة من التوثيق والدعم وتشجيع التشكيل الإماراتي، ووضعه في موضع الصدارة عربياً وعالمياً، ليكون للفنان التشكيلي الإماراتي حضور وصوت عالميان». رصد ومواكبة ويوضح الفنان علي العبدان مدير تحرير المشروع، أن الهدف الأساسي من هذا المشروع هو إتاحة الاستفادة التفصيلية من تاريخ الفنون البصرية في الإمارات، بما يساعد في رصد وفهم مسارات التحول والتطور في حركة الفن في الإمارات، ويساعد على تذوق مجمل الإبداع الفني والقيَم الجمالية المقترَحة في عموم الإنتاج الفني التشكيلي في الساحة الإماراتية، حيث إن هذه الساحة تشهد زخماً متزايداً في الاهتمام بالفنون البصرية عاماً بعد عام، يظهر ذلك في المشاريع الفنية الجارية، والمعارض الكبرى التي تُقام في الدولة، منها على سبيل المثال: فن أبوظبي، فن دبي، بينالي الشارقة، معارض مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المعرض السنوي لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وكذلك مشاركة الإمارات بجناح فني في بينالي البندقية منذ دورة 2009، وهناك المتاحف الفنية مثل متحف الشارقة للفنون، متحف غوغنهايم ولوفر أبوظبي، وهناك الندوات واللقاءات الفكرية المهمة على مستوى المنطقة، مثل لقاء مارس لمؤسسة الشارقة للفنون، فكل هذه الفعاليات الفنية الكبرى بحاجة إلى أساس معرفي وثقافي للبناء عليه والتطوير انطلاقاً منه، ومن هنا تأتي الأهمية البالغة لمشروع أرشيف الفن في الإمارات. كذلك يؤكد أن هذا المشروع سيُتيح الفرصة للباحثين في حركة الفنون البصرية للتعرف إلى مختلف المسارات التي أثرت في حركة الفن في الإمارات والمنطقة عموماً، وربط تلك المسارات بالتحولات الجديدة في الفن العالمي المعاصر، والاطلاع على التجارب التي كان لها أثر كبير في تغيير النظرة الفكرية إلى تاريخ الفن ومجمل تطوراته بصفة عامة، وانعكاس كل ذلك على ساحة الفن في الإمارات والمحيط العربي، اعتماداً على أهمية البحث النقدي والفكري في تذوق الأعمال الفنية، القديمة منها والمعاصرة كذلك، وهذا من شأنه زيادة الوعي بالقيم الجمالية والتعبيرية والفكرية أيضاً التي تقترحها الأعمال الفنية في الساحة الإماراتية، وكذلك تقريب إبداعات الفنانين في الإمارات من عامة الجمهور عبر الاستفادة من مشروع الأرشيف في المناهج التعليمية، كمناهج وزارة التربية فيما يخص التربية الفنية، والتعريف بحركة الفن وروادها في الإمارات، وكذلك في التعليم العالي، حيث يمكن اعتماد الأرشيف كمرجع مهم لطلبة الفنون الجميلة في الأكاديميات المختصة مثل كلية الفنون الجميلة بجامعة الشارقة. لملمة المبعثر من جهته، يوضح الفنان ناصر عبد الله، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفنون التشكيلية أن المشروع سيعتمد في مرحلته الأولى على الأرشيف الخاص بالجمعية التي احتفظت بمعظم الإصدارات من كتب المعارض الجماعية والفردية، الملصقات الإعلانية للمعارض، مجلة (التشكيل)، ومجموعة كبيرة من الأخبار الصحفية والمقالات النقدية والثقافية الخاصة بحركة الفنون البصرية التي نشرت على مدى الأعوام الأربعين الماضية، وفي مرحلةٍ لاحقة سيتم ضم كل أرشيف خاص بأية جهة حكومية أو أهلية ذات علاقة أساسية أو فرعية بقطاع الفن التشكيلي في الإمارات، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لكل فنان أن يؤسس أرشيفه الخاص ضمن موقع الأرشيف العام. وقد رُوعيَ في تصميم الأرشيف إلكترونياً سهولة الوصول إلى أية معلومة أو صورة تهم الباحث أو المطلع. ويقول: «أرشيف الجمعية لا يعبّر عن مجمل الحركة الفنية في دولة الإمارات. لذا تركنا الأبواب مفتوحة أمام أية مساهمات من شأنها أن تثري الأرشيف الإلكتروني، سواء من قبل فنانين أم جمعيات ومؤسسات. وتبقى الحاجة قائمة إلى مشروع أرشفة مادية غير إلكترونية تمكننا من الاحتكاك المباشر مع الأعمال، ونستطيع تقديمها للطلبة والفنانين بغرض الاطلاع والاستفادة كمنصة للعرض. الأمر الذي يتطلب دعماً كبيراً من جهات معنية كالدعم الذي حصّلناه من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون في إطار إطلاق «أرشيف الفن الإماراتي»». إضافة وعلى المشروع، يعلّق الفنان التشكيلي عبيد سرور، أن أي توثيق للمنجز الفني والإبداعي في دولة الإمارات العربية المتحدة هو إضافة للحركة التشكيلية، ومساهمة في العملية الإبداعية ككل، لكونه يفتح المجال واسعاً أمام التجريب والانغماس في المشهد الثقافي الإماراتي. كذلك، فإن مثل هذا المشروع يؤسس لحركة واعية نقدياً بمنهجيات تطلع على الأرشيف الفني في السنوات السابقة، وتتماشى مع الأعمال المقدمة، وليست بعيدة عنها مثلما يحصل حالياً، إذا ما اعتبرنا أن النقد الحاصل هو نقد تشكيلي بمعناه الأكاديمي الحقيقي، حيث لا بد هنا من الوقوف عند إشكالية النقد التي نفتقدها إلى حد كبير في مجتمعنا. آثار إيجابية ويقول الفنان عبد الرحيم سالم: «من الطبيعي أن تكون لأية محاولة لأرشفة المنجز التشكيلي الإماراتي، آثارها الإيجابية على أرض الواقع ولو بعد حين. وإن توثيق الحركات الفنية أمر ضروري جداً في مجال الفنون والثقافة، يمنح الجيل الصاعد فرصة مهمة في إدراك مسيرة الفنانين الإماراتيين منذ البدايات وحتى اليوم. نتمنى المساهمة من الفنانين في هذا الأرشيف، من خلال ما يمتلكونه من معلومات وأعمال. وبالتالي نأمل الوصول إلى منهج نقدي يعي المتغيرات الواقعة، ويقيّم الحركة ككل، ويستطيع تمهيد الطريق لإبداع أكثر فهماً وإدراكاً للمحيط من حوله». فائدة نقدية كذلك يرى الفنان الدكتور محمد يوسف، أن الأرشيف ضروري كمصدر للمعرفة، على الأقل من أجل تحديد المراحل التي سار وفقها الفن التشكيلي الإماراتي، والإضاءة على أعلامه ورموزه وعلى جميع المبادرات في الخصوص ذاته. فاستعادة الأعمال والتجارب الفنية القديمة، وتوثيق الحالي، يفيدان في إعداد دراسات نقدية جادة تتناول الظواهر الفنية، وتضعها في الأطر الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية المحيطة. ويبقى السؤال: «إلى أي مدى قد تتحقق الرؤية النقدية؟»، سؤال مهم وضروري وقيد الدراسة والبحث. لفتة ضرورية ومن الفنانين الشباب، تقول الفنانة فاطمة المزروعي: «أعتقد أن وجود أرشيف للفنانين التشكيليين الإماراتيين، منذ البدايات وحتى اليوم، شأن بغاية الأهمية. وربما لم يصدف من قبل أن تم الالتفات إلى أرشفة حصادنا الفني طيلة السنوات الماضية. ولعل مبادرة مثل هذه، تشكّل بالنسبة لنا كفنانين من أبناء الجيل الجديد، ركيزة أساسية نتكئ عليها في مشاريعنا القادمة، وتسهم في صقل مواهبنا ومعارفنا». وتضيف: «بعيداً عن التوثيق للحركات الفنية والمشاريع والمساهمات الرسمية منها والخاصة، فإن أرشيف الفن التشكيلي الإماراتي، سيفتح المجال أمامنا واسعاً للاطلاع على عدد من الأسماء التي كان لها أثرها الإبداعي المهم ممن أغنوا فضاءنا الثقافي».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©