الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سويون يي: أود أن أكون ملهمة لأول رائدة فضاء إماراتية

سويون يي: أود أن أكون ملهمة لأول رائدة فضاء إماراتية
3 مايو 2009 03:43
لا تحبّ بأن تُعرَّف «أول امرأة رائدة فضاء في كوريا»، إنما تعترف بكونها رائدة الفضاء الأصغر في العالم، وأول رائدة فضاء كورية والثانية على مستوى آسيا، وذلك لاقتناعها الشخصي بعدم التمييز بين الناس على أساس الجنس إنما على أساس العمل الجاد والمجهود الذي يبذل من قبل أي إنسان في أي حقل يعمل لأن وجودنا على هذه الأرض يحمّلنا هذه المسؤولية. إنها رائدة الفضاء الكورية سويون يي التي زارت أبوظبي ممثلة لبلادها وللمؤسسة التي تعمل فيها «مؤسسة الأبحاث الفضائية الكورية» - البرنامج الفضائي التطويري الكوري، وذلك في معرض «الشرق الأوسط 2009» الذي ينظم للمرة الخامسة في أبوظبي. ذهبت في مهمة علمية إلى الفضاء في 8 أبريل 2008، في الثلاثين من عمرها، وأمضت 21 ساعة في الفضاء بفضل جهد بذلته دفع برنامج كوريا الجنوبية 2006 لإختيارها من بين 36 ألف مرشح على مراحل. كان للاتحاد معها هذا الحوار قبل عودتها إلى كوريا لتتابع أبحاثها العلمية. • كل طفل في العالم يحلم بأن يصبح رائد فضاء ولكن من الصعب أن يحقق الجميع هذا الحلم، فماذا عنك؟ أنا أيضاً حلمت ككل الأطفال. حين كنت في المدرسة، شاهدت فيلماً عن الفضاء وعن تدريب رواد الفضاء وكانوا جميعهم رجالاً وبينهم امرأة واحدة، بالطبع اختاروها للفيلم شقراء وجميلة جداً، وذكية وطلّتها جميلة، وتبرع بما تقوم به ويحبّها كل الرجال حولها. من دون شك، هذا حلم. أنا الأصغر • وها أنك حققت الحلم... وأصبحت أول امرأة كورية رائدة فضاء! أنا الأصغر بين النساء والرجال في هذا المجال، وفي الواقع لم تكن المسألة سهلة إذ أن الحكومة الكورية في برنامجها للعلوم والتكنولوجيا كانت تريد اختيار شخص ليجري اختبارات علمية في محطة الفضاء، فأجرت سلسلة من الإمتحانات تقدم إليها 36 ألف شخص لتختار اثنين منهم على مراحل. وقد اعتقدت في عدة مراحل من التصفيات أنني لن أتمكن من الوصول، فقد اختاروا 5 آلاف من بينهم ومن ثم قلصوا الخيار إلى 300 فثلاثين فعشرة فثمانية فستة. واختاروا اثنين وقد تمكنت من البقاء وكنت واحدة من الاثنين. • ماذا شعرت حين أعلن اسمك كي تكوني رائدة فضاء؟ في ذلك الوقت، كنت شبه متأكدة أنني لن أتمكن من الوصول، خصوصاً أن الخمسة الذين وصلوا معي كانوا جميعاً بارعين وناجحين والمجموعة كلها قيّمة فعلاً، وبالتالي استسلمت نوعاً ما ولكنني سمعت اسمي وكان ذلك رائعاً إنما شككت في الموضوع إلى أن تأكدت. كان الأمر مثيراً فعلاً ولا أجد الكلمات التي تعبّر عن حالي في ذلك الوقت. فانتقلت إلى روسيا حيث تابعت تدريبي لمدة سنة وفي أبريل العام الماضي طرت في الفضاء إلى المحطة الفضائية الدولية. تحد ونجاح • وماذا كانت مهمتك على وجه التحديد لناحية الاختبارات العلمية المطلوبة؟ كنت أحمل دكتوراه في الهندسة الميكانيكية وبعدها انتقلت إلى قسم علم الأحياء وطوّرت بعض الآلات من أجل أطباء علوم الأحياء فكنت مهندسة ميكانيكية أطوّر الآلات في المجال الطبي. قرأت مقالات عن التجارب العلمية في الفضاء ورأيت أنه لأمر رائع إذا سنحت لي الفرصة القيام بالمثل فتقدمت إلى برنامج الحكومة ودخلت أيضاً مجال المنافسة وتم اختياري بالإضافة إلى أشخاص متخصصين في مجالات أخرى كالفيزياء والكيمياء وعلوم الأحياء والهندسة الإلكترونية وسواها. وكوني اختصاصيا في الهندسة الميكانيكية وليس بالوسع أن أكون ملمّة في كل المجالات، استعنت بالمطوّرين في البرنامج لتعليمي كيف أقوم ببعض التجارب فزودوني بالبروتوكول والدليل الخاص بها، وأحياناً كنت أعود إليهم لمعرفة كيف أقوم بتجربة معيّنة قبل إطلاق الصاروخ في رحلتنا إلى المحطة وفي النهاية تمكّنت من فعل ذلك. إنما الأكثر إثارة وتحديا كان أن أقف وأفسّر عن هذه التجارب، فمن الناحية المهنية البحتة بوسعي القيام بهذه التجارب لكنني كنت أجد صعوبة في أن أقف كالممثلة لأشرح عن كل نقطة أتناولها بشكل مختصر، وكان ذلك تحدياً خضته ونجحت فيه. • هل ساعدك أنك امرأة في زمن يريد فيه العالم إثبات عدم تمييزه ضد المرأة؟ في الواقع، أن أشد الناس عداوة للمرأة هي المرأة نفسها، فالمرأة تقول لنفسها إن ليس بوسعها أن تخوض مجال التنافس مع الرجل وأنها سوف تهمّش ولن تحصل على فرصة، وبالتالي تقف متفرجة من دون خوض التجربة. ولكن لدينا الفرصة، وإذا اعتقدنا أننا لا نمتلك الفرصة واستسلمنا فلن نسجّل فضلاً في شيء ولن نثمّن. • هل تعتقدين أنك تشكلين مثالاً يحتذى للنساء الكوريات وحول العالم؟ لقد قال لي أحدهم أنني مثال للنساء في كوريا، ولكنني لا أريد أن أكون كذلك. فما أريده فعلاً هو أن أكون مثالاً للصبيان والبنات على السواء، مثالاً للتلامذة وملهمة لهم ليس كامرأة وإنما كرائدة فضاء. وأنا لا أحب عبارات من مثل أول امرأة كورية رائدة فضاء، إنما أول رائدة فضاء كورية. وقد واجهت الأمر ذاته في روسيا حيث كان زملائي هناك يعرضون عليّ القيام بأشياء عني لأنني امرأة ويجب أن أرتاح، ولكنني كنت أرفض وأقول لهم :»لا مجال لذلك، أنا هنا رائدة فضاء وحسب، ولست امرأة». العداء للمرأة • ماذا عن التقليل من أهمية ما نمتلك من علم؟ هذا أيضاً من النقاط التي أعتبرها عدوة للمرأة، لا بل الأكثر عداء. فحتى لو كان هناك فرص قليلة للمرأة فإذا اعتقدت أن بوسعك اقتناص الفرصة فبوسعك الحصول عليها برأيي. • إذاً، كان الأمر برمته ذاتيّاً في حالتك، حلمت وسعيت إلى تحقيق الحلم؟ هذا صحيح، لأنه إذا أراد أي شخص أن يفعل شيئاً فليقم به ولا يتردّد، ولكن للأسف الكثير من النساء يتردّدن في حين أن بوسعهنّ خلق الفرص بأنفسهنّ وليس عليهن الانتظار كي تأتي الفرص إليهنّ. لذا أعتقد أن عدوّنا ليس الرجل إنما ذواتنا. كل ما على المرأة أن تقوم به هو أنها إذا أرادت شيئا فلتضع خطة وتعمل على أساسها لتحقيقه. • كم لغة تتقنين؟ الإنجليزية، وأعرف القليل من الروسية لأنه كان علي تعلّم الروسية خلال العام الذي تدربت فيه في روسيا إذ أنني كنت سأستقل الطيارة الروسية وضمن فريق روسي. وأتحدث باتقان اللغة الكورية «تضحك». عروض • بعد تجربة الذهاب إلى الفضاء، ما هي مهماتك تحديداً؟ أنا حالياً باحثة مسؤولة في المعهد الكوري للفضاء الذي يدير البرنامج الوطني الأول للفضاء. إنما أود العمل في المستقبل مع المعهد العالي الكوري للعلوم والتكنولوجيا لأنني أريد المساهمة في تخريج مهندسين رائعين لكوريا خصوصاً أنه ولفترة طويلة من الزمن كان الاعتقاد السائد أن اختصاص الهندسة ليس بالاختصاص الجيد أو المهنة المتوخاة. لكن اليوم، أرى أن هذا الاعتقاد يتحوّل شيئاً فشيئآً وبات الطلاب يعلمون أنه ليس بوسعنا الحصول وتحقيق الكثير من الأمور من دون الهندسة. لدينا حالياً تطور لافت في مجال العلوم والتكنولوجيا ولكنه ليس كافيا بالنسبة إلى ما نطمح تحقيقه. لا أعرف ماذا سيكون عملي في التحديد، لكنني أريد أن أفكر ببلدي كوريا خصوصاً في المجالين العلمي والتكنولوجي وأينما يحتاجون إليّ سأكون متواجدة، ومع أنه بوسعي العمل خارج كوريا على الرغم من أنني لم أتلق عروضاً إلى الخارج بعد. فمجال عملي دقيق وأمني وبالتالي نرى أن الدول الكبرى التي تقوم بالأبحاث في الفضاء والوكالات الفضائية الكبرى لا تلجأ إلا لمواطنيها في هذا المجال، ولكن هذا لا يعني أنه بوسع الدول أن تتعاون فيما بينها، وكوني كورية فقد أعمل في إطار التعاون وفي النهاية سأخدم بلدي في مجالي. أنا ومادونا • في العودة إلى رحلتك في الفضاء الخارجي، أخبرينا عن إحساسك؟ السبب الأساسي الذي يجعل الفضاء رائعاً هو عدم سهولة الذهاب إليه، لذا فإن الفضاء حلماً. فلنأخذ مثالاً قريباً المغنية المشهورة في العالم «مادونا»، فهي وقبل أن تكبر في السن ليست بهذا الجمال الأخّاذ، إنما مشهورة وكانت النساء حول العالم يتمنين أن يكنّ مادونا أو في مكان مادونا أو يشبهن في طلتهن مادونا مع أنها ليست بهذا الجمال الخلاب، والسبب أنها مميّزة. ولو كان بوسع الناس الذهاب بهذه السهولة إلى الفضاء لما كان الفضاء بهذه الأهمية. كلّنا نحلم بالسفر للراحة والسياحة في فيجي أو استراليا أو نيوزيلندا لأنه ليس بالأمر السهل الذهاب إلى هناك، في حين أن المقيمين في هذه الأماكن لا يتطلعون إليها كما ينظر إليها السائح الذي يرغب بزيارتها في يوم من الأيام. وعلى سبيل المثال، أنا تشجعت للمجيء إلى الإمارات ووجدت أبوظبي جميلة جدا ومدينة مميزة، وكنت قبل مجيئي أقول لنفسي أنه لأمر رائع أنني سآتي إلى الإمارات. لكن الشخص الذي يعيش هنا قد لا ينظر إليها هكذا وهي بالنسبة إليه مدينة اسمها أبوظبي وهذا هو صلب الأمر لا أكثر ولا أقل. إذاً، الفضاء ليس بهذه الروعة ولكن لأنه صعب المنال يكتسب هذه الجاذبية الساحرة. فنحن نعرف أنه بوسعنا العيش إذا تناولنا وجبة مكتملة غذائيا يومياً ولكن ليس بوسعنا العيش عبر تناول الشوكولا وحسب، كما أن استغناءنا عن الشوكولا لن يميتنا. ولكننا نفكر بالشوكولا على الرغم من توفر الغذاء الكامل لنا، لا بل نقول إنه لا نستطيع العيش من دون تناول الشوكولا.الفضاء هو كما الشوكولا، لن نموت إذا لم نزره ولكنه يبقى دائما الحلم، وله خاصيته المكمّلة لنا ولكن ليس بالوسع للناس أن يعيشوا فيه حيث لا هواء ولا شقق ولا أي أمر مساعد لنعيش فيه، لذا لن يترك الناس الأرض للعيش في الفضاء إنما سنبقى جميعاً على الأرض وسنحلم بالفضاء لأنه من الصعب علينا الوصول إليه. القمر والشعر • في الشعر العربي للقمر سحره الخاص! هذا لأنه بعيد ومن الصعب الوصول إليه على الرغم من أننا لن نتمكن من العيش فيه. • لماذا أنت في أبوظبي ولأية مناسبة؟ في إطار مؤتمر ومعرض «الشرق الأوسط 2009»، قدم المنظمون مساحة للبرنامج الكوري وطلب مني القدوم للحديث عن العمل الكوري في مجال الفضاء، وأنا لست خبيرة بالأقمار الصناعية إنما طلب مني أن أخدم بتواجدي التلامذة والطلاب علّني ألهمهم وأوجههم للاجتهاد العلمي ولتحقيق أحلامهم. وقلت لنفسي إنه إذا كان بوسعي إلهام الأولاد فلم لا، وقد ألقيت كلمة في حفل الإفتتاح كما التقيت في اليوم التالي للمعرض عددا من التلامذة ودار حديث شيّق بيننا ووجهوا لي الأسئلة وأجبتهم. كما أن لدينا مع الإمارات مجالات تعاون وجدت أنه من المهم أن تستمر في مجال الفضاء، خصوصاً أن الدول الكبرى تتردد في التعاون مع الدول الصغيرة في الوقت الحالي، لذا لم لا يتم التعاون بيننا وبين الإمارات وكذلك مع اليابان والدول الأوروبية، لأننا نكمّل بعضنا البعض، وفي مجال الفضاء الإمارات تمتلك الطاقة ونحن القدرة التكنولوجية وهذان أمران أساسيان لتحقق التعاون والتقدم في العلوم والتكنولوجيا المتعلقة بالفضاء. ففي علوم الفضاء على أميركا وروسيا أيضاً أن تتعاونا. أنا متأكدة أن وجودي في أبوظبي سيكون حاثاً ربما لطالب (ة) كي يكون «تكون» أول رائد فضاء إماراتي، وحالياً بوسعي المساعدة من خلال تجربتي. • ما هي الأسئلة التي طرحت عليك من قبل الأولاد في الإمارات؟ وجدت كل الأطفال في العالم متشابهين، فهم يتمتعون بالحيوية والفضول كما أنهم رائعون. سألوني عن المحطة الفضائية وعن خلفيتي وعائلتي وتعليمي، كما سألوني عن حلمي التالي بعد أن حققت حلم الخروج إلى الفضاء. • وما هو حلمك؟ حلمي التالي، كما قلت لهم، أن يصبح أحد هؤلاء الأولاد في المستقبل أول رائد فضاء إماراتي، وقلت إنه إذا تحقق لأحدهم هذا الأمر فليقل حين يقابلونه في الإعلام أنني كنت ملهمته كي يتقدم إلى هذا الطريق. أريد أن ألهم الأطفال وليس كي يكونوا رواد فضاء، إنما لكي يحلموا ويعملوا على تحقيق أحلامهم فيبذلوا الجهود من أجلها. أطفال الإمارات • في عمر الثلاثين أي منذ عام، تمكنت من تحقيق حلمك، ألا تعتبرين ذلك إنجازاً؟ - هذا يعود لكل شخص على حدة، فطالما أن الإنسان يستمتع بعمله فهو سيحقق النجاح، أما إذا كان يعمل وهو لا يستمتع بما يقوم به فهذا فشل بحد ذاته. لذا بوسع كل إنسان أن يحقق ما يريد في مضماره الذي اختاره وأحبّه. فأنا لم آت من عائلة مرفّهة وغنية أو حتى مشهورة، أنا جئت من عائلة عادية ولكن لأنني بذلت أقصى ما أستطيع تمكّنت من الوصول إلى هنا. وأنا دائما أقول للأطفال إن الغنى المادي والشهرة لا علاقة لهما بما يريدون أن يقوموا به، فحتى الذين يشعرون بأنهم غير موهوبين بوسعهم تحقيق حلمهم إذ ما جدّوا وأعطوا أقصى ما عندهم، لأنني أثق تماماً أنهم يوماً ما... ولا أعرف متى إنما يوماً ما- سوف يحققون ما يريدونه. فأنا لدي أخت وأخ، وشقيقتي لا تحب الدراسة كثيراً وتخصصت في مجال التصميم. أما أخي فهو أيضاً زميلي في الجامعة وقد حلم بأن يعمل في مجال الفضاء بعد أن شاهد إطلاق كوريا لأول قمر صناعي وكان حينها صغيراً. قال لي إنه يريد العمل في هذا المجال ولحق حلمه وكان مصدر إلهام لي، وهو وإن لم يعمل في مجال صناعة الأقمار الصناعية، إنما يعمل الآن في مجال صناعة «الروبوت». فقد ألهمته الأخبار التي سمعها عن اطلاق القمر الصناعي حين كان صغيراً وأوصلته إلى عمله الذي يحبه ويجيده. ليس بالضرورة أن نكون رواد فضاء إنما علينا أن نسعى ونجد ونحقق أحلامنا.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©