أحجار كريمة وصخور عربية.. تتنافس على جدران النُدرة

لها سحر غريب وجمال آخاذ ملفت يدخل للقلب مباشرة، تعرف الإنسان عليها واستخرجها منذ قديم الزمان.. إنها الأحجار الكريمة استخدمها للزينة والثروة أو للعلاج وكتابة التعاويذ والطلاسم، وخُصص لها علم يعد من العلوم القديمة التي برع فيها علماء العرب والمسلمين .. فقد عرفوها وصنفوها وألفوا فيها الكثير من الكتب والمراجع المهمة منهم البيروني وابن الاكفاني والتيفاشي وغيرهم .. احتضنت كلية تقنية المعلومات بالمقام مؤخرا المعرض السنوي للصور والعينات الجيولوجية الذي نظمه قسم الجيولوجيا بجامعة الإمارات، افتتحه الدكتور محمد نعيم القائم بأعمال عميد كلية العلوم بحضور عدد من أساتذة القسم والطالبات. وضم المعرض العديد من الصور والعينات الجيولوجية التي تساهم في العملية التعليمية. وفي مبادرة ايجابية من أبناء مدينة العين شارك كل من المواطنين نايف العامري وعوض العامري في المعرض وكلاهما من المهتمين بجمع الأحجار الكريمة حيث قاما بعرض عينة الكوارتز البنفسجي ويبلغ وزنها 46 كيلوجراما حيث تعتبر من أكبر عينات الكوارتز البنفسجي المكتشفة في المنطقة العربية وتم اكتشافها في اليمن. ويوضح الدكتور محمد الطوخي المتخصص في جيوكيمياء الصخور والمعادن أن العينة من معدن الكوارتز اميتست من أكبر العينات الموجوده في المنطقة العربية ويمكن ان تستخدم كعينة متحفية تعليمية لأي متحف من متاحف الدولة، مشيرا إلى أنها تكونت على مدار ملايين السنين بحسب النمو البلوري الضخم الذي يوجد في هذه العينة. معادن نادرة وضم المعرض الذي أشرف عليه من الناحية الفنية الدكتور الطوخي عرضا لصور المعادن المتبلورة والتي نادراً ما تتواجد في الطبيعة ولها قيمة اقتصادية عالية. بالإضافة إلى معرض للأحجار الكريمة التي تستخدم في صناعة الماس والمجوهرات، حيث ضم المعرض أحجارا كريمة مثل «الياقوت» والتوباز والبيرورت «الزبرجد» والكوارتز البنفسجي والوردي والأصفر والدخاني والبلوري، كما تتواجد أحجار كريمة مثل التورمالين الوردي والأسود والأخضر والأكوامرين والأمريلد والأكزونيت والمندرين والروبيليت. أحجار وصخور كما تم عرض مجموعة من الأحجار والصخور المختلفة من دولة الإمارات مثل صخر القمر والكالسيت والكوارتز بأنواعه المختلفة والعديد من معادن النحاس بمنطقة الحويلات ومعادن الكروميت بمنطقة الفجيرة. بالإضافة إلى العديد من الصخور الجيولوجية والتراكيب المختلفة التي تكونت منذ ملايين السنين والتي تعتبر فريدة على مستوى العالم مثل تكوين صخور الأفيوليت. كما تم عرض مجموعة من العينات الصخرية والتي تشكلت مع مرور الزمن على شكل رقبة حصان وخنجر وجمل. وأشار الدكتور الطوخي إلى صخر ألاجيت تركيب سيليكا وتستخدم للزينة بعد تقطيعها وتلميعها أو تستخدم في عمل المطاحن الخاصة بالعمليات العلمية والتحاليل الكيميائية لأنها تساعد على عدم تلوث العينة بمواد غريبة عن الاصلية نتيجة لعمليات الطحن. وأضاف أن ألاجيت عبارة عن العديد من المعادن النفيسة عالية الجودة والمخصصة لصناعة الحلي والجواهر وهي ذات قيمة عالية جدا نظرا لخلوها من الشوائب، وهي عدة أنواع منها الاميتست والاكزانايت والتورمالين والسترين والاكوامارين والامارلد والتوباز والزبرجد «البرويدوت» والياقوت «الروبي» والجارنيت الهيسونايت والالمندين والفلورايت والكونزايت والاباتيت .. وغيرها ولفت الدكتور بهاء الدين محمود من قسم الجيولوجيا إلى «جويد» إحدى العينات وهي عبارة عن كرات بركانية أو كرات طينية تحتوى على سائل، هذا السائل يمكث مئات ملايين حتى يتحول إلى بلورات داخل هذه الكرات. تقريب مفهوم الجيولوجيا وأشار الدكتور أحمد مراد رئيس قسم الجيولوجيا بالجامعة إلى أهمية عقد مثل هذه المعارض التعليمية التي تلعب دورا كبيرا وإيجابيا في تقريب مفهوم الجيولوجيا لدى الطلبة. مشيرا إلى أن المعرض هذا العام أخذ الطابع الجذاب الجمالي، لافتا إلى عرض مجموعة من الأحجار الكريمة التي تستخدم للزينة والإضاءة والديكور والتي جذبت الكثير من الطالبات لزيارة المعرض. هواية ومصاعب أكد عوض، موظف، أن اهتمامه بالأحجار الكريمة كان من الصغر وكثيرا ما يلفت انتباهه أشكال الحجارة حين الخروج مع الأهل في الرحلات إلى البر... ومع الوقت وفي العام 1985 تشكلت لديه هواية جمع الحجارة التي أخذت شكلا مختلفا حيث كان مجرد الشكل ما يلفت انتباهه ... وانتقل من مرحلة الكم الى الكيف، هذه الهواية فتحت أمامه الآفاق ليتعرف على ما هو ثمين من الحجارة، ولكنها ليست كتلك التي ألفها في رحلات الأهل حين كان صغيرا .. وبدأ رحلة المعرفة ثم البحث ورحل إلى الفيافي والقفار .. ذهب إلى اليمن وبدأ يتلمس نتيجة جهده .. وتطور إلى عملية الاستشارة لذوي الخبرة حيث كان يأخذ ما يجمعه إلى المعامل المركزية بمدينة دبي لمعرفة أنواعها. كما كان يلجا إلى معامل قسم الجيولوجيا بجامعة الإمارات، تحول إلى الباكستان وتعددت معارفه وصداقاته خاصة من أولئك الذي يشاطرونه الاهتمام بهوايته.. واتسعت الرحلات لتشمل دولا أخرى. أحجار صناعية ويشير عوض: بعد أن عرف العلماء التركيب الكيميائي للأحجار الكريمة قاموا بصناعة بعض الأحجار النادرة من الألماس والياقوت والسفير والزمرد، لدرجة يصعب حتى على الخبير التعرف عليها، وهناك أحجار صناعية من الزجاج وهي لتقليد الأحجار الطبيعية دون أن تملك أي خصائص كيميائية، وتختلف أسعار الأحجار الكريمة عن بعضها وأماكن استخراجها فالياقوت كما يذكر المختصون في هذا المجال أفضله الذي يأتي من بورما، والزمرد من كولومبيا، والفيروز من إيران .. كما أن لكل حجر ميزات وخواص، مما دفع البعض لاستخدامها في الطب للشفاء من الأمراض. العرب لهم السبق وكان للعرب والمسلمين السبق في الاهتمام بالأحجار الكريمة واستخراجها من مختلف أماكنها، وذكر «البيروني» في كتابه «الجماهر في معرفة الجواهر» 37 معدناً وحجراً كريماً له قيمة اقتصادية جمعها في مقالة من مئتي صفحة تحت عنوان «في تعدين الجواهر والأعلاق النفيسة المذخورة في الخزائن» تلتها مقالة أخرى عن الفلزات في حوالي 30 صفحة. كما وصف «التيفاشي» في كتابه «أزهار الأفكار في جواهر الأحجار» 25 معدنا من المعادن والأحجار الكريمة وصفاً دقيقاً. واهتم العرب بأماكن وجودها وباشتقاق ونحت الألفاظ والمرادفات للأنواع المختلفة منها، ولا أدل على ذلك من أن اللؤلؤ على سبيل المثال له 14مرادفاً أو نحوها فهو اللؤلؤ، والدر، والنطفة، والتومة .. وغيره.