تشهد أسواق الإعلان هذه الأيام تغيرات حاسمة من حيث توجهاتها واستراتيجياتها بسبب ظاهرة العزوف المتزايد من الجمهور عن قراءة الحرف المطبوع على الورق نظير الإقبال المتسارع على النسخ الإلكترونية للصحف والمجلات·
وبدأ كبار ناشري المجلات المتخصصة يبحثون عن شركات تكنولوجية صغيرة للاستحواذ عليها حتى يتمكنوا من إضافة الخبرة التي يفتقدونها من أجل التحول إلى تقديم خدمات النشر والإعلان الرقمية·
ويكمن الهدف الأساسي من هذا المسعى إلى ملاحقة السوق الإعلانية التي بدأت هجرتها الجماعية من المساحات الورقية إلى فضاءات الإنترنت·
ويظهر أحد أهم الأمثلة في واحدة من كبريات دور النشر في العالم هي مجموعة ''كونديه ناست بابليكيشنز'' التي عمدت مؤخراً إلى شراء موقع شركة ''ريديت'' للخدمات الاجتماعية واستخدمت التكنولوجيا التي يعتمد عليها لإطلاق موقع جديد للإعلان تحت عنوان ''ديلارد دوت كوم'' ينتظر افتتاحه رسمياً خلال الأسبوع الجاري·
والموقع الجديد موظف أساساً للترويج لشركة ''ديلارد'' للبيع بالتجزئة؛ وهذا يدل على أن شركات النشر بدأت تشارك بقوة في تقديم خدمات التسويق والإعلان جنباً إلى جنب مع نشاطاتها الإعلامية التقليدية·
وقد يبدو من المستغرب أن تعمد شركة متخصصة بالنشر مثل مجموعة ''كونديه ناست بابليكيشنز'' إلى اختراق سوق الترويج والإعلان بعد أن اكتسبت شهرتها العريضة من خلال مواقعها الناجحة التي تضم باقة من أكثر المجلات المتخصصة شهرة في العالم·
ويهدف مشروعها إلى مكاملة المواد الإعلامية العالمية، بحيث تجمع في موقع واحد أهم التقارير الإخبارية والاجتماعية والتحليلية لأشهر المحررين والمصورين بعد ترتيبها وتقديمها بأفضل هيئة وأحسن تصميم·
وهذا يعني أيضاً أن الناشرين الكبار استفاقوا في الوقت المناسب إلى ضرورة تغيير الخطوط الرئيسية لاستراتيجياتهم؛ وبعد أن كانوا يعتمدون على بيع المساحات لشركات الإعلان، أصبحوا الآن لاعبين جدداً في السوق الإعلانية ذاتها·
وسوف يتمكن المبحرون في موقع ''ديلارد دوت كوم'' خلال الأشهر المقبلة من متابعة أخبار السلع والبضائع من خلال تصنيف ''أفضل عشرة'' من كل واحدة منها، وهذه واحدة من بنات أفكار شركة ''كونديه ناست'' ذاتها·
وكانت إحصائيات صادرة عن مراكز للدراسات الاقتصادية أظهرت تراجعاً متزايداً للعوائد الإعلانية للصحف والمجلات المطبوعة خلال العام الماضي، وقال تقرير نشرته رابطة الصحف الأميركية إن مجمل العوائد الإعلانية للصحف خلال الربع الثاني من عام 2007 بلغ 11,3 مليار دولار؛ وهو يمثل انخفاضاً بمقدار 8,6 بالمئة عن الفترة ذاتها من عام ·2006
إلا أن الظاهرة اللافتة التي أثارت الكثير من قلق أرباب صناعة الصحافة المطبوعة في الولايات المتحدة هي التي تتمثل بالهبوط السريع في قيمة هذه العوائد، فخلال الربع الأول من العام الماضي، هبطت العوائد الإعلانية بمعدل 4,8 بالمئة عن نفس الفترة من عام ،2006 مقابل معدل هبوط بلغ 1,5 بالمئة عن الربع الأول، و2,2 بالمئة عن الربع الثاني من عام 2006 مقارنة بنفس الفترتين من عام ·2005
وأشار التقرير إلى أن الضربة الموجعة التي تلقتها الصناعة الإعلانية المطبوعة خلال الربع الثاني من عام 2007 هي التي أصابت قطاع الإعلانات المبوبة في الولايات المتحدة التي هبطت عوائدها بمعدل 16,4 بالمئة إلى 3,4 مليار دولار؛ وسجل تراجع كبير في الإقبال على الإعلان العقاري بلغ 21 بالمئة خلال الفترة المذكورة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2006؛ وتراجع الإعلان عن طلب الوظائف بمعدل 18,5 بالمئة، فيما شهد الإعلان المبوب عن السيارات تراجعاً بمعدل 19 بالمئة عن الفترة ذاتها من عام ·2006
ويمكن تفسير هذا التوجه الجديد لشركات الطباعة والنشر في أنها أدركت أن صناعة الإعلان أصبحت رديفاً قوياً لثورة المعلومات، وكان النجاح الكبير الذي حققته شركة جوجل في صناعة الإعلان على محركات البحث، قد أوحى للكثير من أصحاب الأفكار العملية بإطلاق محركات بحث متخصصة بأداء خدمات إعلامية محددة من أجل استغلال المساحات الإعلانية عليها·
ومنها مثلاً المواقع المتخصصة بالتنبؤ بالأحوال الجوية أو التي تتابع حركة النقل الجوي أو أسعار الأسهم والسندات، أو المتخصصة بنشر المواد التثقيفية أو التحليلية للمجلات والصحف المتخصصة مثل ''كونديه ناست بابليكيشنز''·
عن وول ستريت جورنال
وموقع كونديه ناست بابليكيشنز
عدد اليوم
