الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«يا خيل الله» و «فجر 19 فبراير» فيلمان مغربيان ينبهان إلى عواقب التهميش

13 فبراير 2013 21:15
ينبه فيلما «يا خيل الله»، للمخرج المغربي نبيل عيوش وفيلم «فجر 19 فبراير» للمخرج أنور معتصم اللذان عرضا في مهرجان الفيلم الوطني في طنجة، شمال المغرب، الى عواقب التهميش الاجتماعي الكارثية. ويحاول الفيلم الأول بـ «طريقة غير نمطية»، رسم بورتريهات انتحاريي الدار البيضاء في 16 مايو 2003، وقد صفق له جمهور المهرجان بحرارة عند عرضه. وامتلأت قاعة سينما روكسي التاريخية التي بناها الإسبان أيام الاستعمار منتصف القرن الماضي، عن آخرها (800 مقعد) بحضور مخرج الفيلم وفريق الممثلين الذين ينحدر غالبيتهم من حي سيدي مومن العشوائي الذي خرج الانتحاريين الحقيقيين سنة 2003. ويعود الفيلم، الذي يتزامن مع الذكرى العاشرة لتفجيرات الدار البيضاء، بالتحديد إلى سنة 1994، لرسم سيرة أطفال حي، صفيحي، مهمش، في أكبر مدينة من حيث المساحة والسكان في المغرب. ويرصد الفيلم تطور شخصيات أطفال حي سيدي مومن، ومن بينهم طارق وحميد (تسع سنوات) اللذان تحولا بعد ذلك إلى قنابل بشرية بسبب الفقر وتفكك الأسرة وتسلط الأمن والاغتصاب وغياب الدولة التي عوضها الفكر المتطرف. ويؤكد نبيل عيوش أن «جرح تلك الأحداث لم يندمل بعد رغم مرور عشر سنوات، لأننا لم نشتغل على الذاكرة وفكرنا فقط في طي الصفحة وبسرعة، والفيلم حاول الرجوع إلى تلك الذاكرة لكن عبر الجهة الأخرى للموضوع». ويقول بلمو محمد، وهو طبيب وعضو في الجامعة الوطنية للسينما، إن الفيلم «عمل كبير يوثق لظاهرة الإرهاب في المغرب ويبين بالخصوص أسباب الإرهاب في المغرب وهي الفقر والتهميش بالأساس». ويؤكد عيوش أن «ما حصل في حي سيدي مومن يمكن أن يتكرر، ولقد تكرر فعلا في 2007 مرتين، والأمر حدث في أركانة لكنه مختلف». ويعتبر المخرج «ما دامت الدولة لا تلعب دورها (...) وما دمنا لم نستطع بعد بناء نظام تربوي يعطي الأمل والأفق لهؤلاء الأطفال لن نكون محميين لأننا سنبقى في مجتمع تغيب فيها العدالة الاجتماعية». واختار عيوش لتصوير فيلمه مكانا يشبه حي سيدي مومن العشوائي الذي زحفت إليه المدينة اليوم، حيث يصف بطريقة ذكية كيف احتلت فكرة الفوز بكل شيء في الجنة التي زرعها المتطرفون، في غياب الدولة التام، في عقول شباب فقدوا الأمل في واقعهم. لهذا، كما يشرح عيوش «يجب تكسير إحساسهم بالتهميش والإهمال، وهذا أمر مهم، وأنا أتحدث هنا عن أمر بسيط، وهو أن نعيش بطريقة مشتركة». أما حمزة صويدق الذي لعب دور نبيل فتحدث بتأثر عن حي سيدي مومن من حيث ينحدر، وقال: «أنا شخصيا لم أستطع التخلص من حمولة الدور إلا بعد مدة. لا يجب أن نسمي أولئك الناس إرهابيين بل هم ضحايا لأولئك الناس الذين تلاعبوا بعقولهم». واستند نبيل عيوش في تصويره للفيلم على معرفته السابقة بالحي، عبر فيلم وثائقي صوره مع أهالي منفذي العمليات، واستنادا كذلك إلى كتاب الفنان التشكيلي والكاتب المغربي ماحي بنبين «نجوم بن مومن»، وهو اسم فريق كرة القدم الذي استقطبه المتطرفون للقيام بالعمليات الانتحارية. ويعتبر عبد حكيم رشيد الذي حمل في الفيلم لقب «ياشين»، حارس المرمى السوفياتي الشهير، واحتفظ بصورة مثاله الأعلى حتى تنفيذ عملية التفجير، أن الفيلم «تجربة جميلة باعتبارها أول تجربة سينمائية» ساعدته ليفهم الكثير عن الحي الذي ينحدر منه. أما عبد الإله رشيد، شقيق عبد الحكيم في الواقع وفي الفيلم كذلك، فيرى أن «الفيلم يبين حقائق لا يعرفها ولا يحسها الكثير من المغاربة، ويتحدثون عنها فقط، وعلى رأسها الفقر وغياب الأبوين وغياب الدولة». وهذا الفيلم حسب عبد الخالق بلعربي رئيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية في المغرب «محاولة لفهم ظاهرة الإرهاب التي عرفها المجتمع المغربي والمجتمعات العربية، ومحاولة للبحث عن الأسباب الكامنة وراء تحويل البشر إلى قنابل». من جهته حاول فيلم «فجر 19 فبراير» الطويل (72 دقيقة) لمخرجه أنور معتصم، مقاربة التهميش وغياب العدالة الاجتماعية بطريقته الخاصة، وعرف إقبالا مهما من طرف مهنيي السينما والجمهور أثناء عرضه خلال المهرجان. ويرسم الفيلم، الذي يتشابه عنوانه مع اسم «حركة 20 فبراير الاحتجاجية» في المغرب، بورتريهات ستة أشخاص تعرضوا للتهميش والرفض من طرف المجتمع المغربي بسبب ظروفهم الاجتماعية، والنظرة التي يحملها هذا المجتمع عن تلك الظروف، ومن بينها الإعاقة والاغتصاب والتحرش بالأطفال والدعارة. ويقول أنور معتصم أن «فجر 19 فبراير» هو الربيع العربي على طريقتي الخاصة، فقبل انطلاق حركة 20 فبراير كان هناك أشخاص يعانون وغير راضين ومتفقين على أوضاعهم الاجتماعية، ورغبوا بدورهم في الكرامة». ويضيف «فيلمي ليس سياسيا، بل هو إنساني، وأومن بالإنسان، واختيار 19 فبراير هو بمثابة غمزة لحركة 20 فبراير التي، رغم مطالبها التي كانت جيدة، اهتمت بالسياسي أكثر من الاجتماعي والإنساني». وكلف الفيلم ميزانية صغيرة قاربت عشرة آلاف يورو، حيث «آمن الممثلون بالأدوار التي التي لعبوها لأنها تعكس واقع المغرب». أما فاطمة الزهراء الجوهري، بطلة الفيلم التي تعرضت للانتقاد والشتائم بعد تحدثها باللغة الدارجة وبدون حرج عن دور (فتاة الهوى) الذي لعبته، فتعتبر أن دور الفيلم «ليس تربية المغاربة بل تنبيههم. نحن فقط نتحدث عن واقع موجود لا يجب تغطيته». وتضيف إن «المرأة والإنسان بصفة عامة لا يولد ثم يختار ما سيصبح عليه في المستقبل، بل الظلم والتهميش ورؤية المجتمع هي التي تحوله إلى شخص يعتبره هذا المجتمع نفسه عاقا وغير مقبول اجتماعيا». وتؤكد فاطمة الزهراء انه «على المجتمع أن يقبل بلبنى العاهرة (دورها في الفيلم)، لأنها إنسان قبل كل شيء، ولأنها من رحم هذا المجتمع الذي همشها ويستمر في ظلمها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©