السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمازيغ ليبيا: الهوية والاندماج

12 فبراير 2015 22:24
شهدت ليبيا بعد إطاحة القذافي حراكاً أمازيغياً فرض نفسه على تفاعلات المرحلة الانتقالية، إضافة إلى التعقيدات الجهوية والقبلية والمذهبية في المشهد الليبي. لكن أزمة الاندماج الوطني في ليبيا تتجاوز المسألة الأمازيغية؛ وذلك بسبب عوامل الدين والقبلية والجهوية واستخدام السلاح. وكما يوضح بلال عبدالله، الباحث المهتم بالظواهر الاحتجاجية والتحولات السياسية والاجتماعية في العالم العربي، في كتابه «الحراك الأمازيغي وديناميات الحياة السياسية الليبية»، فقد عانى الأمازيغ التهميش جراء سياسات القذافي، والذي ما أن سقط نظامه في عام 2011 حتى بدأ الحراك الأمازيغي يفرض نفسه على تفاعلات المرحلة الانتقالية. ويشرح الكتاب جذور المسألة الأمازيغية في ليبيا، وسياقات ولادتها وتطورها، مبيناً أن المجتمع الليبي يتسم بدرجة عالية من التجانس الديني والمذهبي؛ فجميع السكان مسلمون، ينتمي أغلبهم للمذهب المالكي، باستثناء الأمازيغ الذين يتبع معظمهم المذهب الإباضـي. لذلك يسعى الكتاب لاستكشاف أبعاد الحراك الأمازيغي في تفاعله مع العوامل الأربعة المنتجة لأزمة الاندماج الوطني في ليبيا؛ فما أبرز المطالب الأمازيغية؟ وما إشكاليات المشاركة السياسية للأمازيغ؟ يتوزع الأمازيغ في ليبيا إلى قبائل عدة، يمثلون ما بين 5 و10% من مجموع عدد السكان البالغ نحو ستة ملايين نسمة، ويتركزون في منطقة طرابلس وجبل نفوسة ومنطقة زوارة، علاوة على بعض المناطق الساحلية والجبلية الأخرى. وقد تبلور التعبير عن الهوية الأمازيغية في ليبيا خلال السنوات الأخيرة على أيدي النشطاء الأمازيغ في بلاد المهجر، حيث تأسس «المؤتمر الليبي للأمازيغية» في لندن عام 2000، أما بعد إطاحة القذافي فتم تأسيس «المؤتمر الوطني الأمازيغي الليبي» في سبتمبر 2011. وهكذا صارت ثمة «مسألة أمازيغية» في ليبيا، وأصبح الأمازيغ يطالبون بترسيم لغتهم، ورد الاعتبار للمذهب الإباضي، مع المطالبة بتمثيلهم وزارياً. وقد لعبت المجالس المحلية في المدن الناطقة بالأمازيغية دوراً في هذا المجال، وأسهمت في ترسيخ النزعة المناطقية المضادة لمركزية الدولة. لكن هل تؤدي المغالاة في الارتكاز على الهوية الإثنية لدى الأمازيغ إلى حل المشكلات التي يعانيها المواطن الليبي ذو الأصول الأمازيغية؟ يعتقد الكاتب أن سياسات الاندماج الطائفي التي عمل من خلالها القذافي على إلغاء الوجود الأمازيغي، فشلت في تحقيق هدفها بقدر ما أدت إلى مراكمة الشعور بالاضطهاد لدى الأمازيغ؛ مما أفضى إلى تلك الراديكالية الواضحة في الخطاب الأمازيغي عقب سقوط القذافي. وهكذا فالحراك الأمازيغي الذي يتغذى على أزمة الاندماج الوطني، هو في الوقت ذاته أحد أسباب مفاقمتها. لذلك يعتقد المؤلف أن معضلة الأمازيغ هي أنه نظراً لكونهم يشكلون أقلية ذات خصوصية ثقافية، فإن انخراطهم بشكل إيجابي في تفاعلات العملية السياسية، من شأنه المساعدة على تحقيق الاندماج المأمول، خلافاً لأي من خياري العزلة أو العمل على تقويض جهود بناء الدولة. بيد أن ارتهان الاندماج بانخراط الأمازيغ في العملية السياسية يظل مسألة نظرية؛ فالعملية السياسية نفسها تعاني أزمة اندماج وطني على خلفية ارتهان التفاعلات السياسية بعد الثورة لعوامل الدين والقبلية والجهوية والسلاح. ورغم سلمية الحراك الأمازيغي في ليبيا، فليس من المستبعد لجوء الأمازيغ إلى السلاح، لذلك ينبغي رفع الظلم الواقع عليهم، والإقرار بحقوقهم اللغوية والثقافية، ونبذ أي سياسات تؤثر سلباً على الهوية الأمازيغية. محمد ولد المنى الكتاب: الحراك الأمازيغي وديناميات الحياة السياسية الليبية المؤلف: بلال عبدالله الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تاريخ النشر: 2014
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©