الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد اللبناني يتحدى المنطق

الاقتصاد اللبناني يتحدى المنطق
29 نوفمبر 2007 23:18
يتفق أغلب خبراء الاقتصاد في لبنان على أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة في لبنان تتحدى المنطق العلمي وتتجاوز القواعد المتعارف عليها في علم الاقتصاد، ويستشهد هؤلاء الخبراء بجملة حقائق تثبت أن الاستقرار النقدي في البلاد يعود الى تفاهمات سياسية، وليس الى معطيات عملية، معترف بها في علم الاقتصاد· فمن جهة أحجمت الحكومة اللبنانية عن تقديم أي موازنة للعام المالي الجديد في ظل الازمة السياسية التي تحول من دون التئام مجلس النواب من ناحية والتشكيك في دستورية الحكومة نفسها من ناحية أخرى، لذلك فالحكومة التي يرأسها رئيس الوزراء فؤاد السنيورة تصرف الاموال، والرواتب، وتمول المشروعات على أساس الاستمرار في الموازنات السابقة وتدويرها، وهذه القاعدة التي لا تستند الى أي منطق اقتصادي، معمول بها منذ ثلاث سنوات مالية· ومن جهة ثانية، تشهد البلاد اعتصامات مستمرة في وسطها التجاري، وهو المعروف بأنه القلب النابض، منذ سنة وهذا ما يساهم في إغلاق شارع المصارف الرئيسي في البلاد، كما يعطل الحركة التجارية والاستثمارية في الوسط المعروف باسم سوليدير، وشركة سوليدير المملوكة لأسرة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري من أكثر الشركات اللبنانية جذبا لرؤؤس الاموال العربية نظرا للتصاعد المستمر في أسعار أسهمها من جهة، ولكونها مالكة لاكثرية العقارات في قلب العاصمة، حيث يبلغ معدل ثمن الأرض الفضاء المخصصة للبناء إلى حوالي 8000 دولار للمتر المربع الواحد· وكانت المعارضة اللبنانية قد بدأت منذ أول ديسمبر الماضي اعتصاما مفتوحا في وسط العاصمة بيروت، وهو مستمر على الوتيرة ذاتها حتى الان مما أدى إلى إصابة وسط العاصمة بما يشبه الشلل· من جهة ثالثة، فإن الطلب على العملات الصعبة في البلاد يفوق العرض، وذلك نظرا الى عدم ثقة المودعين بالعملة اللبنانية اولا، وتكوين الاقتصاد الوطني من حيث حجم الاستيراد بالعملة الصعبة قياسا على التصدير بالعملة ذاتها· هذه العوامل، وبحسب الخبراء المحليين، من شأنها أن تقود وفقا لقواعد علم الاقتصاد أولا إلى تدني أسعار الأسهم، لاسيما سوليدير وثانيا إلى ارتفاع أسعار صرف الدولار وثالثا التأسيس لحالة من التضخم غير محسوبة النتائج· وفي ظل هذا الواقع المتردي تشهد البلاد موجة غلاء غير مسبوقة إذ بلغ معدل ارتفاع الأسعار حوالي 30% في خلال الفترة الممتدة منذ يوليو 2006 حتى الآن· وتشمل موجة ارتفاع الأسعار فضلا عن المواد الحيوية والاستهلاكية الأساسية، قطاع المحروقات الذي بلغ في الأيام القليلة الماضية ارقاما قياسية غير مسبوقة في لبنان، ما ساهم في ارتفاع الأسعار بصورة مباشرة· في المقابل فإن القطاع العقاري يكاد يكون الوحيد في لبنان الذي ما زال يشهد رواجا واضحا رغم الزيادات التي طرأت على الأسعار التي تراوحت بين 40 و50% للأراضي الفضاء وأكثر من 70% للمباني· ويعزو الخبراء أسباب هذه الظاهرة إلى عدة عوامل اولها الاقبال الخليجي على شراء العقار في لبنان، وهذا عائد بدوره الى تزايد حجم الكتلة النقدية في الدول النفطية من جهة· وربما لتوتر العلاقات بين دول الخليج وايران بما يعيد الى أذهان صغار المستثمرين العرب المشهد الكويتي - العراقي في تسعينات القرن الماضي، ويرجع الخبراء ارتفاع أسعار العقارات المبنية في هذا المجال إلى ارتفاع أسعار الحديد الخام الذي يستورده لبنان من السوق الأوروبية بشكل كبير، بما يعني ان عامل ارتفاع سعر اليورو الذي بلغ في لبنان أرقاما قياسية غير مسبوقة يشكل سببا مقبولا لهذه الظاهرة، إذ يؤكد المهندسون أن 30% من تكلفة البناء الاساسية مرتبطة بالكامل بالمواد المعدنية الخاضعة لسعر صرف اليورو على غرار الحديد والالمنيوم وأنابيب جر المياه والصرف الصحي المستخدمة عادة في الابنية السكنية والتجارية· فضلا عن الاسباب المباشرة ، يشكل العرض والطلب والاقبال على شراء العقار في لبنان عاملاً مساعداً على ارتفاع الأسعار، بما يحرم الطبقة المتوسطة القليلة في البلاد من التملك بحيث يقتصر تملك الشقق السكنية الفخمة على الخليجيين او المغتربين، فيما يكتفي قسم كبير من اللبنانيين بتملك الشقق العادية او المتواضعة· وكانت الاحصاءات الاخيرة قد اشارت الى ان نسبة 85% من الشقق المبنية في لبنان منذ عشر سنوات ما زالت مرهونة، سواء للمصارف الخاصة، او لمصرف الاسكان، او المؤسسة العامة للاسكان، بما يؤكد ان جميع هذه الوحدات السكنية بيعت عن طريق القروض· وفي ظل هذه المعطيات يتوقع الخبراء ان تشهد البلاد المزيد من التدني في مستوى المعيشة، في مقابل الاستمرار في ارتفاع اسعار العقارات في لبنان، بحيث يقول الخبراء إن القطاعات الوحيدة المستمرة في لبنان على تصاعد تقتصر على القطاع المصرفي ، وقطاع البناء وبالتالي العقار بصورة عامة·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©