الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العالـــــم يحتفل بمئويــــة كاتبــة الأطفال السويديـــة ليندجريـــن

العالـــــم يحتفل بمئويــــة كاتبــة الأطفال السويديـــة ليندجريـــن
28 نوفمبر 2007 23:15
من الصعب التصديق أن ثمة كاتباً في العالم لا يتمنى الاحتفاء به كما احتفت السويد، ومعها العالم، بمئوية كاتبة الأطفال الشهيرة أستريد ليندجرين· كل مدارس السويد خصصت يوما كاملا لمئويتها، فقرأ التلاميذ قصصها ومثلوا بعض مسرحياتها، والجامعات كرست يومها الدراسي بالاستماع الى محاضرات ومداخلات نقدية عن أدب ليندجرين· المسارح هي الأخرى قدمت عروضا خاصة، والمكتبات أجرت تخفيضات كبيرة على مطبوعاتها· والإذاعة والتلفزيون غطيا ساعات طويلة من مساحة بثهما للكاتبة وإبداعها· وعلى المستوى العالمي أصدرت ألمانيا طابعا تذكاريا، وخصصت يوما للثقافة باسمها· وفي الولايات المتحدة الاميركية عرضت مسرحيات وأفلام موضوعاتها هي قصص ليندجرين· وهانوي أصدرت في المناسبة ثلاثة من كتبها، وزعتها بأسعار مخفضة في عموم فيتنام· والملفت أن منظمة قرية الطفل العالمي قررت بناء قرية باسمها في جمهورية أفريقيا الوسطى تخليدا لدورها في دعم وحماية الطفل· وعلى سعة الاحتفالات بمئويتها يجتمع منظموها على دافع واحد: هو الامتنان لكاتبة أدخلت السعادة الى قلوب الأطفال، ولبطلة أكثر قصصها شهرة ''بيبي ذات الجوارب الطويلة'' التي صارت جزءا من عوالمهم الفنتازية· من أين جاءت ''بيبي''؟ ''من طفولتي'' تجيب ليندجرين نفسها· وتحكي لنا قصة ولادة بطلتها كما تحكي قصة للأطفال: ولدت في نوفمبر عام 1907 في بيت أحمر اللون تحيطه أشجار التفاح من كل صوب· المزرعة التي عشنا فيها كان اسمها ''نيس'' وهي ما تزال تحمل نفس الاسم· المزرعة قريبة جدا من مدينة فيمربي في منطقة سمولاند· عشت طفولة هانئة مع عائلتي، وكنت سعيدة، أيضا، في مدرستي، التي لم تبعد سوى ربع ساعة مشيا على الأقدام، عن بيتنا في جادة بولربي· مثل بقية الأطفال في هذا الشارع بدأت طفولتنا وانتهت فجأة، لقد أصبحنا مع الزمن، وبسرعة كبارا، فمنعنا من تلك الألعاب، التي منحتنا الفرحة، فرحة كالتي وصفتها في سلسلة قصص ''قرية بولربي''· لقد خرجنا وبلمح البصر الى العالم الكبير· انتقلت الى ستوكهولم· درست الإدارة فيها وعملت موظفة في أحد المكاتب، وبعد وقت قصير تزوجت وأنجبت طفلين، لارس وكارين، وهما من طلب مني سرد الحكايات· لقد حكيت لهما القصص لكني لم أكتبها· فقد اتخذت قرارا مع نفسي بألا أدخل عالم الكتابة أبدا، رغم إلحاح زملائي الطلبة الذين كانوا يكررون دوما: ستصبحين كاتبة وكاتبة كبيرة· في إحدى المرات كلفت بواجب إعداد مادة عن الكاتبة السويدية الكبيرة سلمى لاجرلوف وحياتها· وحينها خفت، ولكني حاولت على أي حال، ولم يدر في خلدي ان الكتابة تولد مثل هذه المتعة· ولكن بدايتي الحقيقية، ككاتبة أطفال بدأت هكذا: في عام 1941 أصيبت ابنتي كارين بمرض التهاب الرئة وهي في السابعة من عمرها· في كل يوم، وأنا أجلس بجانب سريرها، كانت تلح علي لقص حكايات لها· وفي إحدى المرات سألتها: أي الحكايات تريدين؟ فأجابت: حكاية ''بيبي ذات الجوارب الطويلة''· لقد اخترعت هي هذا الاسم في لمح البصر، لهذا لم أسالها أي شيء، فقط بدأت بسرد القصة، ولأن الاسم غريب فقد سردت حكاية غريبة أيضا· بعد وقت أحبت ابنتي هذة الحكاية وأحبها أصدقاؤها، فبقيت ولسنوات أحكي لهم وأحكي حكايات بيبي· بيبي·· الى العالم في شتاء عام ،1944 زلت قدمي وانكسرت وبقيت راقدة في فراشي أياما طويلة، وحتى أبدد الضجر قمت بكتابة قصة بيبي على الآلة الطابعة، وخطرت على بالي فكرة إرسالها الى إحدى دور النشر وتقديمها هدية لابنتي في عيد ميلادها العاشر على شكل كتاب· الدار رفضت نشرها ولكني أرسلتها الى دار أخرى التي أقامت مسابقة لقصص الأطفال· بعد مدة اتصلوا بي وأخبروني ان قصصي فازت ونشروها في كتاب تحت نفس الاسم: ''بيبي ذات الجوارب الطويلة''· وهكذا ظهرت أشهر أعمالي على الإطلاق، والتي ترجمت الى عشرات اللغات العالمية، وتحولت الى السينما والمسرح في أكثر من بلد· بعدها كتبت أكثر من ثلاثين كتابا والعشرات من الحكايات المصورة وعددا كبيرا من المسرحيات وقصصا للسينما· حياة ريفية وعالم غرائبي بعد سنوات من رفضه نشر كتابها، اعترف الناشر السويدي ان سبب قراره يعود الى غرابة الحكايات وغرابة هذه الطفلة· وأضاف من غير المعقول تصديق حكاية بطلتها طفلة تأكل طبق الحلوى بلقمة واحدة وترفع حصانا بيد واحدة، وتتصرف بحرية تامة· هذا التحفظ وبحسب معظم النقاد اعتبر العنصر الأساسي في انتشار قصص ليندجرين· فبيبي شخصية قوية، يتيمة ووحيدة، مشاكسة ولكنها محبة للخير· هذه الصفات نقلت حكايات ليندجرين من المألوف الى عالم غرائبي أقرب الى عالم الكبار· وعن هذا قالت ليندجرين بنفس البساطة: من ينظر بعين الكبار الى شخصياتي فلن يتقبلهم، ولكن علينا ان ننظر لهم بعين الطفل نفسه، ان نصغي الى دواخلنا، ألم نريد، حين كنا صغارا، ان نكبر وأن نصبح أقوياء وذوي سلطة؟ هكذا ببساطة هي شخصياتي وهذه هي بيبي· مخيلة الطفلة أستريد كثيرا ما أسال عن مدى تأثير أطفالي وأحفادي على مخيلتي الروائية، وأقول بكل سهولة أنا لم أبدع قصصي من خيال أطفالي، أنا بسهولة كتبت عن طفولتي، وبوضوح أكبر أنا لا أصغي إلا لصوت الطفل الذي في داخلي· ولهذا انا أكتب عن الطفل الذي كنته يوما، عن الطفلة الفلاحة البسيطة الفقيرة· وللحقيقة أقول إنني لم أكتب حكايات مناخاتها تجري في ستوكهولم إلا بعد ستين عاما من الإقامة فيها، كل حكاياتي تدور في الحقل والريف الذي عشت فيه· لم أقصد في قصصي نوعا من النصح التربوي، ولم أنقل أفكارا كبيرة، ولم أكتب لفئة خاصة من الاطفال، كل ما كنت أصبو اليه في قصصي هو منح الأطفال لحظة من السعادة، تشبه تلك السعادة التي شعرت بها حين قرأت لي أمي أول قصة مكتوبة أهداها لي والدي في عيد ميلادي الرابع· إسعاد الأطفال هي أمنيتي الوحيدة ولا شيء عندي سواها·
المصدر: ستوكهولم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©