الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

شوقي وحافظ تعاملا مع تراث الشعر بكثير من المحبة والاحترام

شوقي وحافظ تعاملا مع تراث الشعر بكثير من المحبة والاحترام
28 نوفمبر 2007 23:14
على مدى ثلاثة أيام شهد المجلس الأعلى المصري للثقافة مؤخرا مؤتمرا بعنوان ''حافظ وشوقي'' بمناسبة مرور خمسة وسبعين عاما على وفاتهما، وجرت مناقشة 18 ورقة نقدية، ليس من بينها ورقة واحدة عن حافظ إبراهيم، ومعظم الأوراق جاءت عن شوقي وهناك ثلاث ورقات عن شوقي وحافظ معا· ولم يكن ذلك مقصودا من منظمي المؤتمر ولا مخططا له، ولكن هكذا جاءت الأوراق· ويؤكد الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي انه تم وضع اسم حافظ أولا في عنوان المؤتمر، وكل منهما كان يستحق مؤتمرا وحده، ولكن الوفاة جمعت بينهما، ففي عام 1932 رحل امير الشعراء أحمد شوقي بعد شاعر النيل حافظ إبراهيم عن عالمنا· ومرت الندوات والامسيات بهدوء وبلا زحام، على غير المتوقع في مثل هذه المناسبة، ولم يتابع الشعراء الجدد المؤتمر ولا اهتموا بالامسيات، خاصة شعراء قصيدة النثر، الذين قرروا الا يحتفلوا بشاعرين من شعراء القصيدة المقفاة والموزونة، وكذلك فعل معظم شعراء السبعينيات، واحد منهم فقط شارك وهو الشاعر حسن طلب بحكم انه عضو لجنة الشعراء بالمجلس الاعلى المصري للثقافة التي اعدت للمؤتمر، وشارك لسبب اخر عبر عنه بالقول ''حتى لا يقول البعض انه ليس في مصر شعراء وشعر''· ومن بين أوراق المؤتمر تلك التي قدمها الدكتور محمد عبدالمطلب بعنوان ''شوقي وحافظ في مرآة النقد'' وهما عنده ينتميان إلى المدرسة الاحيائية التي قادها محمود سامي البارودي، والتي ارتكزت على الموسيقى العروضية واللغة والخيال والمعنى، ومن هذه الركائز بدأ البارودي الاحياء والتجديد وتبعه في ذلك الرواد العظام وفي مقدمتهم شوقي وحافظ· ويحمل الدكتور عبدالمطلب بشدة على النقد الذي وجه إلى هذه المدرسة بأنها تنتمي إلى التقليد، وأنها مجرد تقليد للشعر القديم، ومن بين القائلين بذلك أدونيس، وان تجديدها ما هو الا تراجع للخلف وتذكر للقديم فقط، وان اقصى ما كان يحلم به كل هؤلاء الشعراء هو ان ينبهوا القراء وجمهور الشعر إلى المتنبي والبحتري وغيرهما من شعراء العرب القدامى· ويطلق الدكتور عبدالمطلب على ذلك الرأي انه نقد فاقد للصلاحية وبلا قيمة لأنه تناسى الشرط التاريخي والحضاري فما من ابداع إنساني الا استعاد ماضيه لكي يبني عليه حاضره ومستقبله وقد تعامل شوقي وحافظ مع تراث الشعر العربي بكثير من ''المحبة والاحترام'' لكنهما لم يذوبا فيه بل حرص كل منهما على ان تكون له اضافته التي اكسبته خصوصية· وقال انه رغم الجمع بين شوقي وحافظ فإن طرق كل منهما في التجديد تختلف عن الآخر، واعتمد كل منهما على ثقافته وخبرته، احمد شوقي كان يتمتع بثقافة واسعة في التراث العربي، شعرا ونثرا، ثم سافر إلى باريس للدراسة وهناك تعلم الثقافة الغربية في منابعها الاولى واجاد الفرنسية وكان يجيد التركية إلى جوار العربية، وهكذا اتسع افقه وانعكس ذلك على شعره، وجاء تجديده غير مسبوق خاصة اشعاره للاطفال وقصائده المغناة بالاضافة إلى المسرحيات الشعرية التي قدمها وتنوعت بين الادبي والتاريخي، مثل ''مجنون ليلى'' وبعدها ''كليبوباترا'' و''علي بك الكبير'' اما قصائده فقد عبرت عن وجدان المسلمين والعرب عموما، وتغنى بامجاد العرب ونضالهم ضد الاستعمار· والأمر اختلف بالنسبة لحافظ فهو لم يتم تعليمه واضطر للعمل مبكرا، ولم يتمكن من اجادة أي لغة اجنبية ولم يطالع الانتاج الادبي والفكري لاي ثقافة اخرى، ودراساته العربية لم تكن وفق تصور منهجي، ولكنه قرأ بجهده بعض دواوين الشعر العربي وبعض كتب التراث، وجاء شعره معبرا عن قضايا الناس بشكل مباشر وكان يتابع بجدية الحياة اليومية، لذا عرف بالشعر السياسي والاجتماعي، في مختلف المناسبات، وكان وطنيا صميما وهو لم يكتب الشعر فقط، بل لديه كتاب ''ليالي سطيح'' وهو تأملات اجتماعية وانسانية في حياة المصريين على غرار كتاب المويلحي ''حديث عيسى بن هشام'' وكان متأثرا بالمويلحي إلى حد بعيد ومازالت معظم الاراء التي ابداها وعلق عليها صالحة بمعيار زماننا وأيامنا· ويذهب الناقد الدكتور أحمد درويش إلى اننا اكثر احتياجا الآن إلى حافظ وشوقي، فهما قمة عصر فيه روح المد والامل في اللغة عامة وفي الشعر والنثر خاصة وكتب كل منهما شعرا ونثرا، واثمرت تلك الروح حيوية واتساعا وتجددا في مجالي اللغة والابداع العربي· واوضح ان اللغة العربية آنذاك كانت تخرج من عصر الرطانة والسجع الثقيل ومحاولات التتريك، وكانت تحاول التعبير عن منجزات عصر جديد، ومجاراة حركة النهضة الادبية، والفكرية في العالم، وهكذا سعى حافظ وشوقي إلى ان يدخل الشعر العربي معهما مجالات ابداعية جديدة مثل المسرح والشعر التاريخي وشعر الاطفال وكتب كل منهما الشعر الوطني والقومي، وبرع فيه، وكانت اهتمامات شوقي وكتاباته بالعالم العربي والاسلامي كله واهتم حافظ بالقضايا الكبرى في مصر، وجددا معا موسيقى الشعر وصوره وقوالبه التعبيرية· ولم يقفا عند هذا الحد حيث اتجه شوقي إلى كتابة القصص والروايات مثل ''الست هدى'' والمسرحيات الشعرية، وقام حافظ بتعريب رواية ''البؤساء'' للفرنسي فيكتور هوجو، وفي كل ذلك كان كل منهما يزيد اللغة جمالا وتجديدا· الشوقيات وديوان حافظ اهتم شوقي بديوانه وبقية كتبه فصدرت ''الشوقيات'' أول مرة عام 1898 ثم توالت طبعاتها في حياته، وقدم لها بدراسة أقرب إلى السيرة الذاتية ثم قدم لها د· محمد حسين هيكل، وكذلك ظهرت مسرحياته الشعرية ورواياته بينما حافظ إبراهيم لم يكن مهتما بجمع ديوانه بل جمعه محمد ابراهيم هلال وصدر الجزء الاول منه عام 1901 وصدر الجزء الثاني عام 1907 والثالث بعد 4 سنوات وفي عام 1937 بعد وفاة حافظ بخمس سنوات، رأى وزير المعارف بالحكومة المصرية علي زكي العرابي ''باشا'' ان يجمع شعر حافظ، وانتدب لذلك من قاموا بجمعه وكلف احمد امين وابراهيم الابياري بشرحه وترتيبه ففعلا ذلك، ويضم الديوان 360 قصيدة، وتلك هي الطبعة المعتمدة إلى اليوم·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©