الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأفعال لا الأقوال لحل الأزمة

28 نوفمبر 2007 23:14
لايبدو في الأفق القريب أن هنالك مخرجا جاهزا للأزمة السياسية الخانقة التي دخل فيها شريكا الحكم في السودان اليوم؛ لكن ثمة مؤشرات قد تنبئ بأن الأزمة قد ضبطت عند حدودها الراهنة واحكم ضبطها حتى لا تتطور إلى درجة تهدد بانفجار ينسف الوضع السياسي الهش، وإذا كانت النبرة ''والكلام الخشن''، قد اختفت مفرداته من خطاب الرئيس البشير أمام مؤتمر حزبه (المؤتمر الوطني) الذي انعقد وانفض نهاية الأسبوع، فإن ذلك في حساب المراقبين واالمتابعين لتطورات السودان الدرامية هو أحد المؤشرات التى تشير مقروءة مع خطاب رئيس الحركة الشعبية -تلاه نيابة عنه أمام المؤتمر نائبه مالك عقار- إلى حالة الضبط التي قررها الفريقان دون سابق اتفاق· فالبشير اقترح في ختام المؤتمر رد التحية بمثلها على رسالة إخواننا في الحركة الشعبية التي قدموها للمؤتمر العام للجلسة الافتتاحية، ووجه المؤتمر العام إلى استنفار كل إمكاناته وخبراته وعلاقاته للمساهمة في تأسيس مشروعات البنية التحتية والاتصالات، بما يقوي الروابط الاجتماعية بين الشمال والجنوب، ويرمي الأساس للوحدة الوطنية، ووجه المؤتمر بان يهيء مناخا سياسيا يحافظ فيه الجميع على ماحققته اتفاقات السلام، وتطوير فرص السلام بالرأي والحوار البناء· وكل هذه الموجهات الايجابية يملك ''الحزب الحاكم'' أن يحققها بل ويجب أن يفعل لأنه ليس هنالك من بديل عن ''تطوير فرص السلام بالرأي والحوار البناء'' سوى خراب الوطن وتمزقه· مؤشر آخر يشير إلى احتمالات انفراج بعض الأزمة الخانقة، هو الحديث الخافت في السر والعلن حول المؤتمر الوطني الجامع -كان مجرد الحديث عنه مرفوضا من قبل الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني -، فاليوم أصبح من الممكن الحديث عن توافق جماعي لتحقيق السلام والاستقرار والوحدة الوطنية؛ صحيح أن الحديث عن التوافق الوطني (بتعبير رئيس الحزب الحاكم بديلا عن المؤتمر الوطني الجامع بتعبير القوى السياسية الأخرى) يأتي مشروطا بألا تكون من أجندته النظر في الدستورالانتقالي، واتفاقات السلام، وهو الأمر الذي كان الحزبان الحاكمان يرفضانه، ولكل أسبابه الحزبية الخاصة به، لكن مجرد إعلان المؤتمر الوطني على لسان رئيسه، وقبوله لمبدأ التوافق الوطني الجماعي المشروط، هو خطوة في نظر بعض المراقبين يمكن أن تتطور من خلال الحوار الهادئ والنقاش الموضوعي الذي يجب أن تتحلى فيه الأطراف السودانية جميعها بقدر من الصبر والاحتمال، حتى يتم التوافق على حد أدنى يضمن للسودان الانتقال من المرحلة الانتقالية الشديدة الوعورة بسلم وأمان إلى التحول الديمقراطي الحقيقي، ويكفل أن تحقق على أرض الواقع الأهداف الوطنية العليا التي يتطلع إليها السودانيون من وحدة طوعية وعدالة تضمن للجميع حقوقهم الأساسية والشرعية في السلطة والثروة، وينهى إلى الأبد بؤر الحرب والعنف وبالقضاء على مسبباتها· ومع كل ذلك يبقى الامتحان الحقيقي ليس في حسن الأقوال، وإنما عبر تطابق الأفعال مع مقدمات الكلام الحسن، والفرصة الآن متاحة أمام الحزب الحاكم، ليس لسبب أزمته الراهنة مع الشريك (والتي ربما يرى البعض أنها قد دفعته للمبادرة في ''التحدث'' الى معارضيه)، وإنما وبعد كل الدلائل تشير إلى أن ''أزمة الوطن، تجاوزت كل الحدود ولم يعد من الممكن إرجاء النظر فيها اعتمادا على عامل الزمن، فالمطلوب اليوم هو أفعال يتأكد معها الناس أن حكامهم مستعدون لتجاوز ذواتهم من أجل ذات الوطن الذي هو أبقى من الجميع· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©