الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مستقبل كندا السكاني

19 مارس 2010 22:37
عبدالله عبيد حسن تهتم الحكومات والشعوب في العالم المتقدم اهتماماً كبيراً بالتقرير السنوي للإحصاء الذي تصدره الجهة الرسمية المكلفة بإجراء عمليات الإحصاء... هذا التقرير ليس مجرد جداول لأرقام تسجل المواطنين وفقاً لنموذج معد سلفاً. الأمر يتعلق بعمل فني يعطي مؤشرات أقرب جداً للصحة، ويحلل بدقة أصناف البشر الذين يشكلون سكان البلد المعين من حيث الإثنية، مكونات المجتمع البشري وأوضاعهم الاجتماعية، وأماكن تواجدهم في المدن والأرياف...إلخ. وتقرير الإحصاء العام السنوي يمثل وثيقة مهمة للمختصين وللمعنيين برسم سياسات البلد المستقبلية من حيث توزيع الخدمات من صحية وتعليمية وتوظيفية، وتوفير فرص السكن للسكان الذين تزداد أعدادهم كل عام. التقرير الإحصائي العام لكندا، تم نشره الخميس الماضي، وحظي كالعادة، باهتمام يليق بأهمية الموضوع، واهتمام الكنديين حكاماً ومواطنين بهذا التقرير بسبب الخصوصية التي تميز المجتمع الكندي، الذي يوصف بأنه مجتمع يتشكل من أعراق ولغات مختلفة، إنه باختصار يمثل سكان العالم كله مجتمعين في أرض شاسعة اسمها كندا. إلى جانب إحصاء السكان، كما هو الآن، يقدم التقرير هذا العام تنبؤات مستقبلية، على الحال الذي تكون عليه كندا إثنياً عام 2031، بعد أن أورد الإحصاء أرقام الإثنيات الآن وأماكن تركيز سكنهم في مدن وأرياف كندا... في قراءة التقرير العام للإحصاء الكثير من المعلومات والتوقعات التي تدعو المرء للتفكير في المستقبل على المستوى العام والشخصي، إذا كان من يحسبون في عداد الأقليات العائدة جذورها لجنسيات وبلاد غير كندية، أي إذا كان المرء مواطناً كندياً بالتجنس، وعن حرص الرواد الأوائل على عدم التفرقة أو التمييز بين المواطنين، لا يجد في الأوراق والوثائق الثبوتية عندما يطلب من أن يذكر جنسيته قبل حصوله على المواطنة الكندية، ولا بلد وهذا حق اختياري للمرء إن شاء ذكره في أوراقه الثبوتية أو رفضه، كذلك بالنسبة للديانة التي ينتمي إليها، فليس لها في الأوراق الثبوتية مكان. التقرير يحوي تبنؤات تستدعي التفكير، مثلاً يتنبأ التقرير أنه في عام 2031 سيزداد عدد ما يطلق عليهم الأقليات الظاهرة بحيث تصبح نسبتهم واحدا من بين كل ثلاثة مواطنين كنديين، وهذه الأقليات تتضمن (آسيويين وأفارقة وجنوب أميركيين وأوروبيين -خاصة البرتغاليين والإسبان والإيطاليين). والحال الآن أنه من بين كل خمسة كنديين واحد ينتمي إلى الأقليات المذكورة. وسيصل عدد المواطنين من هذه الأقليات في عام 2031 إلى 14.4 مليون سيشكلون ثلث سكان البلد، على رأس القائمة أولئك الممتدة جذورهم إلى جنوب آسيا حيث سيصبح عددهم 2.1 مليون، ويليهم أولئك الممتدة جذورهم للصين ليصبح عدد الكنديين الصينيين 1.1 مليون وهم في بعض المدن الكبرى مثلاً سيشكلون ثلثي السكان. لكن الذي لفت انتباهي، ما ورد في التقرير من أرقام بالنسبة للمسلمين عامة وللعرب خاصة. يقول التقرير إن عدد الكنديين من أصول عربية سيتضاعف في عام 2031 ثماني مرات عما عليه اليوم (عرب مسلمين ومسيحيين) ويصل رقمهم إلى 1.1 مليون، وأن الدين الإسلامي سيظل أكثر الديانات سرعة في تنامي أعداد معتنقيه، وأن نسبة المسلمين الكنديين ستتضاعف ثلاث مرات، لتصبح 6.8 في المئة عام 2031، ونسبة المسلمين حالياً تمثل 2.7 في المئة، وذلك وفق إحصاءات عام 2009. وفي الوقت الذي يجتاح فيه القلق أوروبا، خوفاً من أن تصبح عربية ومسلمة، فإن المجتمع الكندي القائم على التسامح والمساواة في الحقوق والواجبات يحتفي ويحتفل بهذا التمازج الإثني ويعرف ويقدر قيمة المهاجرين إليه، ويعرف مكانتهم في بناء الدولة الكندية العصرية، والتي تطمح في أن تكون في عداد دول العالم التي لها دور في تحقيق الإخاء الإنساني. فالعرب والمسلمون الكنديون خرج من صفوفهم علماء متميزون في مختلف فروع العلم: أطباء ومهندسون وأساتذة ومديرو جامعات وكليات عملية، ودورهم في النشاط الاقتصادي والتجاري مشهود له، ونتائج المدارس والكليات تشهد على نجاح الأجيال الجديدة من أبنائهم وأحفادهم، وهم كما قال أحد الكُتاب:(بعض ثروة كندا البشرية). وسترى كندا مستقبلاً رجالاً ونساء يحتلون مكان الصدارة في وطنهم الاختياري، كما فعل أوباما الأميركي المنحدر من أصول أفريقية، وأصبح رئيساً للولايات المتحدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©