السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الخمسات» تحقن دماء الثأر في سيناء

«الخمسات» تحقن دماء الثأر في سيناء
1 مايو 2009 23:02
تمثل العادات والتقاليد في سيناء قواعد حاكمة لتصرفات الأفراد وملزمة لهم أمام المجتمع القبلي. ما جعل العرف كفيلا بتحقيق الاستقرار للأسرة أو تحويل حياتها إلى جحيم ما لم تتحرك سريعا للالتزام بالقواعد والقوانين العرفية الملزمة لأفراد المجتمع القبلي. ورغم أن هذه العادات أخذت طريقها للاندثار. إلا أنه في بعض المناطق في سيناء مازال هناك التزام بها في ظل التواجد القبلي القوي كما أن مصطلحات القضاء العرفي تمثل طوق النجاة والأمان لحياة الإنسان البدوي في سيناء خصوصا في قضايا الثأر بالقتل. إلى ذلك، يقول مسلم الحوص، خبير التراث السيناوي، إنه في حالة وقوع مشكلة قتل فإن الثأر يطال كل أفراد العشيرة حتى الجد الخامس ولابد أن يبادر الشخص الذي خرج من الجد الخامس بإعلان خروجه لدى أحد المشاهير وإلا فإنه مطالب بأن يذهب إلى عائلة القتيل ليشتري الأمان كي لا يطارد من أفرادها وهنا يقوم بدفع غرامة تسمى «قعود النوم» حتى ينام في أمان وسلام. والتي تقدر غالبا بقعود «جمل» وتجري هذه الخطوة من خلال وسطاء ولا بطريقة مباشرة ويعين عليها كفيل من عائلة القتيل لضمان عدم المساس به مستقبلا. وفي شمال سيناء، قامت مؤخرا ثلاث عائلات من قبيلة السواركة أشهر قبائل سيناء هي «النصايرة والشريفات والحجوج». بعقد جلسة فيما بينها لدى أحد كبار المشاهير ويدعى الحاج عيد زويد للتأكد من عدم وجود أي مستحقات مالية أو حالة ثأر لقتل قديم قد تمت بين هذه العائلات. وجاءت هذه الجلسة بعد رغبة البعض من أفراد هذه العائلات في الخروج من نسق الأجداد بعدما تجاوزت الرابطة بينهم الجد الخامس نتيجة تباعد النسب وراحوا يبحثون في الجلسة عن الثأرات القديمة والديون التي قد تكون مستحقة على أحد أفراد العائلة للعائلة الأخرى وتؤدي إلى جرائم قتل. ويقول موسى نصير، من عائلة النصايرة، إنه أراد لنفسه ولأسرته الخلاص وعدم تحمله مشاكل الآخرين من أبناء عائلته وألا يلحق به أي أذى من جانب أي قبيلة عند حدوث حادثة قتل من جانب أحد أفراد هذه العائلات الثلاث الذين أعلنوا خروجهم من العائلة بدلا من أن يضطروا فيما بعد إلى دفع غرامة «قعود النوم» ليشتروا الأمان لهم ولأسرهم. وأوضح الشيخ منصور أبو شريف، من كبار القضاة العرفيين في سيناء، أن التخلي عن الأسر في حالة نشوب الخلافات يعتبر وصمة عار. الآباء والأجداد حتى الجد الخامس مسؤولون عن أي مشاكل تأتي من أفراد عائلتهم. وما بعد الجد الخامس يعفى الشخص من أي التزامات تقع على عائلته لصالح أي عائلة، أو قبيلة أخرى ما لم يعلن خروجه منهم. ويؤكد هذا المعنى القاعدة العرفية أن «الإبل خمسات والرجال خمسات»، وفور حدوث حالة قتل لأحد أفراد أي عائلة يتم دفع ما يسمى «العطوة» وهي مبلغ من المال. ويقوم القاتل وخمسته بإبلاغ بعضهم البعض فورا مهما تباعدت محال إقامتهم حتى يأخذوا حذرهم من خمسة القتيل وقد يلجأ القاتل وخمسته إلى إحدى القبائل المجاورة ليطلبوا الحماية لهم ومساعدتهم في تسوية النزاع بالطرق السلمية عن طريق قبول الدية، حاملين معهم أمتعتهم وأموالهم خلال الأيام الثلاثة التي تلي عملية القتل أو الوفاة فهي تسمى فترة «فورة الدم»، لذا فإن ما ينهب من عائلة القاتل خلال تلك المدة لا يدخل ضمن الدية. وتبدأ حركة الوسطاء في التدخل بطلب»الجيرة» من عائله القتيل «خمسته» ولا يحق لخمسة القتيل الأخذ بالثأر ويسمى كفيل «الوفا». وهو الرجل الذي يوفي بدفع الحق لأهل القتيل وكفيل «الدفا» وهو من يكفل دفع هذا الحق. وقد ترفض إذا كان القتل عمدا. ويضيف الشيخ منصور أبو شريف أن للفرد الحق في «التحرر» عند تجاوز رابطة الخمسة وذلك بالخروج منها ليكون معافى من المطاردة. وذلك بالإعلان لدى أحد المشاهير ذوي الثقل والمكانة العالية بين قومه ويطلق عليه «راعي البيت»، حيث يتم ذلك في ديوان رئيسي بالقبيلة، وبحضور عدد كبير من نفس القبيلة في وجود كفيل لهذا الشخص والذي يتكفل بالوفاء بأي التزام لديه. وتجري هذه الخطوة بهدف السلامة من نتائج المشاكل التي تعددت في هذه الأيام خاصة من الشباب. ويقال هنا:»لا يجيني في هم ولا في دم» أي لا يشركني في هم أو دم. ولو حدث وفاة لهذا الكبير «راعي البيت» يكون لابنه من بعدة التأمين على هذا القول. أما «تجديد الحصوة» فيعني لدى البدو التماسك والعصبة والاتحاد والقوة. وتقوم العائلة بإعلام أفرادها عن تماسك الأجداد معا حتى ما بعد الجد الخامس، وتحدث هذه الخطوة إذا كانت فروع العائلة قليلة وفي حالة خروج أحد أفرادها من بعد الجد الخامس يحدث تفكك وضعف لها وسط العائلات الأخرى بالقبيلة. وبهذه الخطوة تزداد أعدادها ويتكاتفون معا عند الشدائد أو في المسرات. وطالب اللواء محمد شوشة، محافظ شمال سيناء، بالإسراع في اختيار الخمسات من كل عشيرة تابعة للقبائل في شمال سيناء حتى يكونوا ملتزمين أمام أجهزة الأمنية والتنفيذية بحل النزاعات التي تحدث بين الأطراف من مختلف القبائل بعد ان تزايدت بصورة لافتة للنظر. ودعا شوشة مشايخ القبائل إلى جلسات متتالية مع المواطنين في نطاق مسؤولية الشيخ لإقرار اختيار الأسماء الممثلة لكل عشيرة باتفاق كافة الأطراف حتى يمتثلوا لقراراتهم فيما بعد لدعم القضاء العرفي.
المصدر: العريش
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©