الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برنار هيكل: أتكئ على الشعر النبطي لفهم تاريخ المنطقة

برنار هيكل: أتكئ على الشعر النبطي لفهم تاريخ المنطقة
1 مايو 2009 22:35
زار البروفيسور برنار هيكل أبوظبي مؤخراً، للمشاركة في ندوة حول الشعر الشفوي «النبطي» والموروثات التي ينقلها اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، نظمها معهد جامعة نيويورك في أبوظبي، وشارك فيها الدكتور سعد الصويّان من جامعة الملك سعود في السعودية. البرفيسور هيكل من أصل لبناني والدته أميركية، تلقى علومه العالية في جامعة أوكسفورد ويحمل درجة دكتوراه في الدراسات الإسلامية، وهو حالياً بروفيسور في دراسات الشرق الأوسط في جامعة برينستون، له كتابات ودراسات في التيارات الدينية الإسلامية. في بداية حوارنا معه أشار قائلاً: «قبل إقامتي في الولايات المتحدة الأميركية، تربّيت في لبنان، حيث يشكّل موضوع الطوائف والمذاهب والأديان حساسيّة معيّنة دون أن يكون هناك إلمام أو صورة واضحة عن الآخر بالمعنى الديني، أو بالأحرى هناك صورة عن الآخر نمطية ليست قائمة على علم. انطلاقاً من هذه الأجواء انتابني الفضول لدراسة الإسلام وتركّزت دراساتي الأولية على الحركات الأصولية الإسلامية. ورأيت من خلال تعمّقي في الموضوع وفي التوغّل بالتاريخ الإسلامي في المراجع التقليدية الكلاسيكية، أن الأصوليين يركنون ويعتبرونه مهماً ويستشهدون منه إما من القرون الأولى للإسلام أو من القرون الوسطى؛ وهذا ما دفعني إلى التوغل والتعمق أكثر في المصادر الأولى للأصولية». يضيف: «أتيحت لي فرصة زيارة اليمن كمترجم مع بعثة جيولوجية من جامعة «أوكسفورد» التي تخرجت منها، فأطلعت واهتممت بالطائفة الزيدية المتأثرة في المعتزلة، وصارت الحركة لدى الزيدية حركة سلفية إصلاحية معادية للمعتزلة ومعادية للزيدية، فاهتممت بهم وبشخص سمعت به هو الإمام محمد بن علي الشوكاني (ولد في 28 ذي الحجة سنة 1173 هجرية وتوفي عام 1834)، وهو يعتبر مرجعية مماثلة لمرجعية الإمام محمد بن عبدالوهاب (ولد في الرياض العام 1703 وتوفي في العام 1791) لجهة دوره الريادي والمهم في الحركة السلفية في اليمن، فدرست كتاباته وتمحورت رسالة الدكتوراه عنه وقد نشرتها في كتاب». وعن مدى الإسهام الذي قدمته دراساته في تفسير ما لا يدركه الغرب عن الإسلام، يقول: «قمت بالتدريس في جامعة «نيويورك» وحالياً في جامعة «برينستون»، ولاحظت الاهتمام عموماً بالحضارة والثقافة العربية. وأدت أحداث 11 سبتمبر إلى زيادة الاهتمام بها حيث شهدت ازدياداً مطرداً وإقبالاً من الطلاب لدراسة اللغة العربية بنسبة زيادة بلغت أربعة أضعاف. كما زاد الاهتمام بالإسلام ديناً وحضارة، وبالإسلاميين كتيارات سياسية متنوعة». ويبدد هيكل شعور الاستغراب لدى البعض حول اهتمامه بالشعر النبطي، قائلاً: «دخلت عالم الشعر النبطي من ضفاف التاريخ، وأنا استشهد أحياناً ببعض القصائد النبطية لتسليط الضوء على حوادث تاريخية في تاريخ المملكة السعودية، لكنني لست خبيراً في هذا المجال. ثمة من يهتمون بهذا الأمر وهناك مشروع تسجيل الشعر النبطي الشفوي وجمعه. ويعمل الدكتور الصويّان على هذا المشروع». ويرى هيكل أن الشعر النبطي رصد الانتقال من مرحلة البداوة إلى الحضر خاصة خلال مرحلة اكتشاف النفط وما بعده، يقول: «برز شعراء مهمون آنذاك منهم الأمير الشاعر بندر بن سرور الذي عبّر عن التحولات التي طرأت على المجتمع السعودي مع مجيء النفط. فكان مثلاً يتغزل بسيارته ويشبّهها بالناقة، ولديه شعر جميل جداً عن السيارة. لكن موقفه من السيارة ومن التحولات التي رافقت ولحقت اكتشاف النفط جاء متناقضاً فيه مزيج من الحب والكراهية في الوقت ذاته! فالتحولات والنقلة جاءت سريعة بحيث شعر بأن تراث الماضي مهدّد بالاندثار، وخشي أن تضيع هذه التحولات بعض قيم البداوة من شهامة وحسن ضيافة وما إلى ذلك. وبطبيعة الحال، ومع التوجه نحو الاستهلاك في كل المجتمعات العربية، ثمة خشية من فقدان بعض القيم اللصيقة بتلك المجتمعات». وفيما يخص المقدار الذي يمكن للمرء فيه الاتكاء على أغراض الشعر النبطي لفهم تاريخ المملكة أو مطلق منطقة، أشار هيكل: «أعتمد أصلاً في دراساتي على مقابلات ومخطوطات وصحف في دراساتي، كما أعتمد على الشعر ليسلّط الضوء على بعض وجهات النظر لدى القبائل الذين لم يكونوا يكتبون أو يدوّنون التاريخ. فثمة أحداث تعطي وجهة نظر مختلفة عن التاريخ. ويبقى للشعر النبطي أهميته في فهم الثقافة في الجزيرة العربية. ويصف هيكل الشعر النبطي بالحيوية، ربما لأنه استمد حيويته من كونه شعراً عامياً غير «مترجم» إلى الفصحى، يقول في ذلك: «ثمة دور للكتابة باللهجة العامية وثمة دور للكتابة بالفصحى. وبرأيي هما يستطيعان التعايش من دون أية مشكلة. وبطبيعة الحال فإن التدوين أو الكتابة تتطلب نوعاً من الرسميات مختلفة عن الكلام الشفوي. ونجد في اللغة العربية فجوة بين العامية والفصحى أكبر من تلك التي نجدها في اللغات الأوروبية. وعلى أية حال، إذا أردنا الكتابة في مجال اختصاصات معينة، نلجأ إلى الفصحى والأفكار المجردة غالبيتها في الفصحى ولا نجدها في العامية».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©