الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنجلاديش بعد كوارث الطبيعة··· في مهب إعصار سياسي

بنجلاديش بعد كوارث الطبيعة··· في مهب إعصار سياسي
26 نوفمبر 2007 22:12
لا تزال العاصفة السياسية التي أعقبت آخر هجمات الطبيعة على هذا البلد تتواصل، فعلى امتداد ما يقارب العام على سريان حالة الطوارئ المدعومة من قبل الجيش، لا تزال الحريات العامة والأساسية معلقة، بينما دفعت حملة مكافحة الفساد بعدد من أهم القادة السياسيين وأكبر الشخصيات المستثمرة في البلاد إلى السجن، في وقت يواصل الاقتصاد الوطني الهش، ترنحه بين ضغوط الفيضانات والأعاصير في الداخل، وارتفاع جنوني لأسعار النفط في الخارج· وبين هذا وذاك، أصبح ارتفاع سعر المواد الغذائية التحدي الأكبر الذي تواجهه الحكومة الحالية المدعومـــة من قبل الجيش، التي تولت إدارة شؤون البلاد منذ الحادي عشر من شهر يناير من العام الحالي، في أعقاب التظاهرات السياسيـــة التي أفضت إلى إلغاء الانتخابات المقررة، وفرض حالة الطـــوارئ بدلاً عنهـــا· وفوق تزايد موجة التضخم، فقد جاء الإعصار ليشارك الفيضانات في استكمال تدمير حقول الأرز في شهر يوليو الماضي، ولم تنته الكوارث عند ذلك الحد فحسب، بل هب الإعصار الأخير في الخامس عشر من شهر نوفمبر الجاري، ليلحق المزيد من الدمار بما تبقى من أفدنة حقول الأرز القليلة المتناثرة على امتداد الساحل الجنوبي من البلاد· ووفقاً لبيانات برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فقد خلّف الإعصار الأخير وراءه نحو 2,3 مليون نسمة من المواطنين، بحاجة عاجلة للمساعدة الغذائية· وأصبح العمل الغوثي الإنساني الذي أعقب الأعاصير، أصعب محك اختبار تواجهه الحكومة الحالية، متضمنا تجنيب المواطنين شر انتشار المجاعات والأوبئة المرضية، والتأكد من أن توزيع الإغاثة والمساعدات الإنسانية يتم على نحو عادل ولا تطاله ممارسات الفساد· ومن جانبها تقدر الحكومة أن نحو ستة ملايين مواطن قد تأثروا تأثراً بالغاً بالإعصار، وعلى حد رأي ''رحمان صبحان'' -رئيس ''مركز حوار السياسات'' في العاصمة داكا-، فإن هذه المحنة سوف تكون محك اختبار أساسي للحكومة، بما تضعه أمامها من تحديات كبيرة، وما تطالبها به من جهد شاق يتطلب العزم والإرادة· ومما يعرف عن بنجلاديش أنها تعد من أفقر دول العالم، وأن بها أغلبية مسلمة يزيد قوامها على 140 مليون نسمة، بينما يعاني معظم أطفالها الصغار من أمراض سوء التغذية· هذا وقد أشارت استطلاعات الرأي التي أجريت حتى قبل الإعصار الأخير، إلى تراجع ثقة المواطنين في الحكومة القائمة، وفي مدى جديتها في حل أزماتهم ومشاكلهم· وعن تفاقم مشكلة ارتفاع تكلفة الغذاء هذه، تحدث ''عبد العزيز'' البالغ من العمر 63 عاماً، ويعمل حارس أمن في أحد مصانع الملبوسات في منطقة ''بيجنباري'' الشعبية العمالية في أطراف العاصمة داكا-، قائلاً: إنه كان في مقدوره حتى وقت قريب شراء الخضروات من السوق المجاورة لمنزله، أما اليوم وعلى رغم مساعدة ثلاث من بناته العاملات له في توفير احتياجات معيشة الأسرة اليومية، إلا أنه لم يعد قادراً على توفير ما يكفي من الطعام لأسرته''· وقد رأيناه بالفعل وهو يشتري في ظهيرة هذا اليوم، نصف ما أراد أن يشتريه من البقوليات والملفوف، إلى جانب قليل من الأرز والعدس، مع العلم أن هذه الكمية يفترض فيها أن توفر الطعام الذي تحتاجه أسرة مؤلفة من سبعة أفراد· ومضى ''عبد العزيز'' شارحاً لنا هذه المعادلة الصعبة، بقوله: علينا أن نتدبر الأمر، وأن يكتفي كل واحد منا بتناول القليل مما هو متاح اليوم· وضمن الكساد العام الذي ضرب اقتصاد البلاد، قال أحد الخياطين الذين يسكنون في المنطقة العمالية نفسها، إن عمله قد تراجع كثيراً هذين اليومين، فبدلاً من 50 طلباً كان يتلقاها يومياً من قبل، تراجعت الطلبات الآن إلى اثنين على أحسن تقدير؛ وقال متسائلاً: كيف للناس أن يشتروا الملابس الجديدة أصلاً وهم عاجزون حتى عن توفير أبسـط ضرورات الحيــــاة من بصل وزيت وملفوف، أصبح شراؤها صعباً للغاية بسبب ارتفاع تكلفتها؟ أما ''فيروزا بيجم'' -زوجة أحد موظفي الخدمة المدنية- فقد انصب تعليقها على إخفاق الحكومة في خفض أسعار السلع الاستهلاكية الغذائية خاصة، على الرغم من استحسانها لأداء الحكومة في مكافحة الفساد؛ وعلى حد قولها: ''فقد رأيناهم وهم يلقون القبض على بعض المتهمين بممارسة الفساد، إلا أننا نريد منهم تخفيض أسعار المواد الغذائية أيضاً، حتى نتمكن من تدبير معيشتنا اليومية''· وفي البيت المجاور لها مباشرة، كان أعضاء اللجنة الانتخابية، منهمكين في تسجيل أسماء من يحق لهم التصويت، وهم يواصلون جهدهم هذا بيتاً فبيتاً على أمل إعداد قوائم جديدة بأسماء الناخبين، على خلفية الوعد الذي قطعه على نفسه ''فخر الدين أحمد''، القائد المدني للحكومة الحالية المدعومة من قبل الجيش، بإجراء انتخابات عامة بحلول نهاية عام ·2008 غير أن أفق إجراء هذه الانتخابات الموعودة، وما هي الظروف التي يمكن أن تجرى فيها، بالنظر إلى اعتقال اثنتين من أبرز قادة الأحزاب السياسية في البلاد في تهم تتعلق بالفساد، هما ''خالدة ضياء'' زعيمة حزب بنجلاديش الوطني، ومنافستها ''شيخة حسينة واجد'' لا تزال أسئلة عالقة وتصعب الإجابة عنها في الوقت الحالي· وفي ظل قانون الطوارئ الساري، فقد فرضت القيود المشددة على الصحافة، وحرم عليها نشر كل ما من شأنه أن يكون ''مستفزاً'' حسب نصوص القانون، بينما حظرت كافة أشكال النشاط السياسي، بما فيها التظاهر وتنظيم المواكب· كما نص القانون على حظر عقد الاجتماعات السياسية في الساحات العامة، وتصل عقوبة هذا الفعل إلى السجن لمدة خمس سنوات؛ والسؤال هو: متى تتجاوز بنجلاديش أزمتها السياسية الحالية، في أعقاب الكوارث الطبيعية التي عصفت بها مؤخراً؟ سوميني سينجوبتا-داكا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©