الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من يسمع الفصحى؟!

19 مارس 2010 20:44
لو ذهب أحدنا إلى دائرة يراجع فيها معاملاته وتحدث مع الموظف المختص بالفصحى ماذا سيكون رد الموظف أو ما هي النظرة التي سينظر بها إليه المراجعون الآخرون؟ أو لو كان الأمر بالعكس، حيث أجابه الموظف المختص عن سؤاله بالفصحى، ألا يبدو ذلك في أيامنا أمراً غريباً، إن لم نقل مضحكاً وطريفاً؟ أحاول بين حين وآخر تجربة الحديث باللغة الفصحى في البيت، وبين أصدقائي أحياناً أخرى، فألاحظ أنني كمن يعزف لحناً نشازاً في فرقة موسيقية، أو كمن يلقي طرفة!! هذا بين أبناء الضاد، فكيف يكون الأمر مع غير أهلها.. قبل أيام جاءني زميل في العمل محاولاً التحدث بالفصحى يطلب مني خبراً، وعلى الرغم من أنه كان يتحدث معي بالفصحى على سبيل الطرافة، إلا أنني أُعجبت بطريقته ولغته ووجدتها على لسانه مستساغة وعذبة، فيها من الصحيح الكثير، فقلت في نفسي: لماذا لا نتحدث بها فيما بيننا؟ قد يبدو الأمر طريفاً في البداية ولكن سبب الاستهجان والطرافة عند الحديث بها، أو سماعها يعود إلى أسباب منها عدم اعتياد الأذن سماع الفصحى في الشارع وفي وسائل الإعلام، وفي المؤسسات. وخطرت لي تساؤلات: - لماذا لا يخصص يوم في الأسبوع، أو في الشهر أو في السنة، للتحدث باللغة الفصحى بين الطلبة والمدرسين والإدارة، بحيث يمنع الحديث بأي موضوع إلا بالفصحى، قدر الإمكان؟ - ألا تستحق «ضادنا» يوماً في أسبوع أو يوماً في شهر، أو يوماً في سنة؟ - لماذا لا يخصص يوم آخر لمراجعة الدوائر الحكومية باللغة الفصيحة؟ ولا نقول بفرض غرامة على من لا يتكلم الفصحى في ذلك اليوم، بل بوضع نقطة «بأي لون» حتى لا نقول سوداء تنبه إلى أنه «مخالف»!! - لماذا لا تخصص وسائل الإعلام، والتلفزيون والإذاعة بشكل خاص مسابقات للحديث بالفصحى؟ ذُهلت وأنا أقلب قنوات التلفزيون العربية لهذه السطحية والابتذال، والإسفاف، بل والاستهتار بعقول المشاهدين، و»قنوات» لا تكال بميزان، ولا أنزل الله بها من سلطان، عامية، مبتذلة، ومسفّة، تعبت وأنا أبحث عن قناة تتحدث بالعربية الفصحى، وأكثر من ذلك أنني فوجئت ببعض القنوات العربية التي كانت تقدم نشراتها الإخبارية بالفصحى قد حوّلت نشراتها هذه إلى العامية! - كيف سنتحدث بالفصحى، ونحن لا نسمع بها في وسائل الإعلام.. أو في بيوتنا، أو مؤسساتنا! - لماذا لا يطالب الطبيب والمهندس والموظف والاستشاري، بترجمة كلامه والحديث بالعربية. الفصحى ليست لُغة صعبة، إنما هي تبدو كذلك لقلة سماعها، وكل مهجور يصبح غريباً، فإذا كنا لا نسمع «العربية» في بيوتنا، ولا نسمعها في مدارسنا إلا في دروس اللغة العربية، ولا في وسائل إعلامنا، ولا في مؤسساتنا فأين سنسمعها! أذكر أن مسلسلاً تاريخياً باسم «الجوارح» من تأليف وسيناريو هاني السعدي، بالفصحى كان يفرض حظر التجوال في شوارع دمشق عند عرضه كما يفرض الآن أثناء عرض المسلسلات التركية المدبلجة وأكثر من هذا أن الناس أثناء عرضه حفظوا جملاً كثيرة بالفصحى، وأصبح الأطفال يحملون سيوفهم الخشبية والبلاستيكية، مقلدين أبطال المسلسل التاريخي، الذي نال نجاحاً منقطع النظير وكان بالفصحى». نُعاني من فقدان الفصحى، وذلك بعدم سماعها، ولو سمعناها لألفناها، وعشقناها. إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©