الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دويك ... الخمير الحمر أخيراً أمام المحكمة

دويك ... الخمير الحمر أخيراً أمام المحكمة
23 نوفمبر 2007 23:16
في يوم الثلاثاء 20 من نوفمبر الجاري، وبعـــد مضي ما يزيد على 28 عامــاً على وقف المذابح الجماعية والمجازر التي شهدتها كمبوديا على أيدي قادة حركة الخمير الحمر، هاهو ''كينج جويك'' إيفا الملقب بـ''دويك'' والبالغ من العمر 66 عاماً، يتقدم صف المتهمين بتلك الجرائم من قادة الحركة المذكورة بمثوله أمام محكمة علنية· وكان ''دويك'' قد سعى للحصول على إفراج من الحبس بسبب اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم بحق الإنسانية وجهت إليه· وقد أثار حديث محامي دفاعه عن أن حقوق الإنسان الخاصة بموكله قـــد انتهكــت بسبب طول اعتقاله، سخرية الجمهور عليه· يذكر أن ''دويك'' هو الأول بين خمسة قادة رئيسيين من قادة الحركة، الذي تم اعتقاله وبدأت الإجراءات القانونية ضده من قبل محكمة مختصة شكلت له قبل أربعــة أشهر، بعد أن تأخر تشكيلها كثيراً بسبب الحرب والخلافات السياسية حول مبدأ السيادة القانونية الخاصة بهذه المحاكمة، ويتوقع أن تبدأ جلسات المحاكمة الفعلية في العام المقبل· تعليقاً على هذا الحدث قالت ''تشيا فاناث'' -الناشطة في مجال حقوق الإنسان-: ''إن ما حدث فوق الأحلام بحق، لقد عشت في ظل حكم حركة الخمير الحمر، ورأيت ما كانوا يفعلونه بالمواطنين، وتلك السلطات المطلقة التي كانوا يتمتعون بها، ما جعلني غير قادرة على تصديق أن يقف هؤلاء أمام المحاكم يوماً''· وخلال الفترة الممتدة بين 1975-1979 حصدت حركة الخمير الحمر أرواح الكثير من الكمبوديين، إما بقسرهم على مزاولة الأعمال الشاقة، أو بتجويعهم وتعريضهم للمرض، وإما بحبسهم في السجون وتعذيبهم، ثم الدفع بهم إلى ما كان يعرف حينها بحقول الموت· أما اليوم فقد بدا ''دويك'' متضائلاً في كرسيه داخل قاعة المحكمة، حين وجد نفسه في مواجهة لجنة قضاة مؤلفة من خمسة يرتدون الثياب القضائية الحمراء اللون، وفي قاعة محكمة تعج بالمحامين وممثلي الادعاء والكتبة القضائيين، فضلاً عن الحضور من مختلف عامة الشعب الكمبودي· هذه هي اللحظة التي تضاءلت فيها قامة هذا الجنرال، الذي يعد تجسيداً حياً لصلف ربابنة إحدى أبشع المجازر البشرية الجماعية التي شهدتها نهايات القرن الماضي، فبدا هذا الجنرال اليوم مهزوما، قلقاً وهو يكثر من الانحناء للأمام والخلف، وقد خلع نظارته وأعادها إلى مكانها مراراً، وأدار بصره حول القاعة· وما أن طلبت منه المحكمة مخاطبتها حتى وقف رافعاً راحتيه كلتيهما، في إشارة منه لاحترامها· وفي مستهل حديثه -بعد أن أمره رئيس المحكمة بأن يرفع صوته- قال إنه تقدم بالتماس لأنه اعتقل بدون اتهامات لمدة ثماني سنوات وستة أشهر وعشرة أيام· وقد شكلت مدة الاعتقال هذه، التي أمضى معظمها في سجن عسكري، قبل إنشاء المحكمة الخاصة في العام الماضي بمساعدة من الأمم المتحدة، الأساس الذي دعا محاميه ''كارل سافوث'' إلى الدفع بانتهاك حقوق الإنسان الخاصة بموكله، مع العلم أنه لم يتعرض للتعذيب أو الضرب وخلافهما· أثارت هذه المزاعم سخرية وضحكات الجمهور الكمبودي الذي كان يتابع مداولات المحاكمة من خلال شاشة تلفزيونية كبيرة وضعت في قاعة مجاورة لقاعة المحكمة التي اكتظت بالحضور؛ ''فهذه هي طريقة الكمبوديين'' قال ''يك جالابرو'' -مؤسس منظمة ''ليكادو'' المحلية المدافعة عن حقوق الإنسان-، مضيفا رأيه بأن ما يجري أمام عيون الكمبوديين غريب جداً عليهم، لأنهم يدركون جيداً أنه لم يكن ثمة وجود لأي حديث عن حقوق الإنسان سلفاً، حين كان هذا الجنرال المجرم منهمكاً حتى أذنيه في تعذيب وسحل ضحاياه· ولذلك فهم يضحكون، بل للحقيقة تجدني أنا نفسي أضحك على ما يجري أمام عينيّ الآن· في أيام القبضة الحديدية لحركة الخمير الحمر على البلاد، تعرض ما لا يقل عن 14 ألفاً من المواطنين لممارسات التعذيب، تحت الأوامر المباشرة للمتهم ''دويك'' الذي كان يعمل حارساً بسجن ''تاول سلينج''، وأرسلت أعداد كبيرة منهم إلى حقول الموت تحت أوامره أيضاً· ولم يبق من ضحايا ذلك السجن الرهيب، سوى عدد يكاد لا يذكر من السجناء· وتحت أوامره المباشرة، ارتكبت عدة جرائم منكرة بحق الإنسانية، بما فيها الاعتقال التحفظي والتعذيب· ورد ذلك في قائمة الاتهامات التي تلاها رئيس المحكمة· أما عن أساليب التعذيب المتبعة، فذكر رئيس الجلسة، الضرب والطعن والتعليق من الحبال، وخلع الأظافر وإغراق السجناء في حفر مليئة بالمياه· وبعد أن اعتنق الديانة المسيحية عام ،1996 بدا ''دويك'' كما لو كان قد ولد لتوه مسيحياً مؤمناً تائباً، وعلى أتم الاستعداد للاعتراف بجميع خطاياه· وحين اكتشفه الصحفيون في عام ،1999 تطوع بالإدلاء باعترافات مطولة ومفصلة لهم عن مشاركته في الفظائع التي شهدتها كمبوديا على يد قادة حركة الخمير الحمر؛ وفي محاولة منه لتشبيه نفسه بالقديسين المسيحيين، قال ''دويك'': ''بعد تلك التجربة الحياتية القاسية، قررت أن أهب روحي للرب''· والذي لم يحسب له المتهم حساباً حينها، أن من شأن تلك الاعترافات أن تؤذي كثيراً بقية زملائه المتهمين، عندما تبدأ جلسات المحاكمة في العام المقبل· سيث هايدانز-كمبوديا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©