الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تغاريد الكتابـة

23 نوفمبر 2007 02:59
منحتني تجربة الكتابة عامَّة والكتابة من أجل العيش فرصة التوافر على حرق أكثر ساعات يومي بالقراءة والبحث المضني عن الأفكار المتوهجة المصاغة بكلمات ترتقي إلى مصافها من حيث قيمتها الأسلوبية ودلالاتها الجمالية، وهي تجربة على غاية من الأهمية في حياتي ككاتب· لم أجد شخصاً يحدُّ من تعدد قراءاتي وكثرتها، ولم أجد أحداً يعترض على أسلوبي في القراءة· أقرأ من أجل أن أفهم ومن أجل أن أكتب، ومن أجل أن أغتني بالجديد من المعارف؛ أكتبُ من أجل أن أُثري تجربة الكتابة عندي، وأكتبُ من أجل أن أعيش يومي في أزمنة الغربة بعيداً عن وطني الجريح (العراق) الذي مزَّقته الحروب بدايةً والعصابات التقليدية والتكفيرية والإرهابية تالياً· أقرأ بعض الوقت خارج البيت لكني أكتب داخله، أحياناً أقصد مكاناً خارج بيتي للكتابة لكني سرعان ما أتضايق لأنني أشعر ألا حرية تامَّة لي في المكان الذي أكون فيه إلا إذا كان موضوع الكتابة يأسرني حدّ الذوبان فيه· الشاي والسيجار هما رفيقاي عندما أكتب، وعندما أشعر بالتعب من الكتابة أتناول شيئاً من الفاكهة، وأحياناً بزر اليقطين برفقة سماعي لوصلات موسيقية شرقية على آلة ''العود'' أو ''القانون'' أو ''الناي''، وأحياناً أفضِّل الاستماع إلى موسيقى مغاربية وأندلسية بآلات إسبانية· لا تخونني بدايات المقالات، لأنني أفكِّر في أي موضوع أكتبه لأيام قبل الشروع في كتابته· أصحِّح كل فقرة أكتبها قبل أن انتقل للأخرى· وأفضل ساعات الكتابة عندي هي ساعات مساءات الأيام، ولكني عندما أشرع في وضع مشروع كتاب جديد أفضِّل الكتابة في آخر الليل حيث الهدوء وغياب أي مكالمات هاتفية أو مواعيد مع أصدقاء وما أشبه· لا أحب الكتابة في يومي الخميس والجمعة لأن هذين اليومين هما استراحة أسبوعية دافئة بالنسبة لي، وضرورة خاصة لكي أمنح فاهمتي وذاكرتي وذخيرة كلماتي وعباراتي بعض الراحة من أجل جولة كتابية قادمة، إلا أن ما ترجئه مشاغل الحياة من قراءات إلى نهاية الأسبوع تجعلك أمام زمن يمكن استثماره في القراءة أيضاً· بعد عقدين على كتابة أول مقال نشرته في حياتي، صارت الكتابة عندي قدراً لا أستطيع نسيانه أو المراوغة معه بقصد التملُّص منه أو تهميشه، الكتابة شيء جوهري في حياتي· أجد فيها لذَّة ليس لها ثمن يُذكر· بل هي رحمة ربانية محظوظ ذلك الذي ينالها· الكتابة هي حياتي الحقيقية ومن دونها لا أشعر أنني موجود فاعل في هذه الدُّنيا· أخيراً، كل كتابة هي جدوى· رسول محمد رسول rasmad8@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©