تاج محل يتخلى عن العملة الخضراء كرسم لدخول الزائرين

من المعلوم ان ''تاج محل'' قد تم بناؤه ليبقى على مر التاريخ شهادة على الوفاء وعربون للمحبة والإخلاص· الا ان بعض القرارات التجارية العنيدة بدأت تبرهن الآن على التنكر والهجران وبخاصة فيما يتعلق بأحد اكثرالتذكارات شهرة في شبه القارة الهندية حيث أصبح الدولار الأميركي عملة غير مرغوب فيها على الاطلاق لدفعها كرسوم لدخول ذلك الصرح الرائع· تقول صحيفة الاندبندنت اللندنية مؤخراً في ظل الاضطرابات التي بدأت تشهدها اجزاء مقدرة عن الاقتصاد الاميركي بسبب فقدان الدولار لألقه ومكانته التي طالما تربع عليها كالعملة المفضلة لمعظم دول العالم فإن السلطات الهندية قد عمدت فيما يبدو لمراجعة حساباتها بعد أن تكبدت خسارة كميات مقدرة من الأموال عبر السماح لجموع السياح الأجانب بالدفع بالعملة الخضراء لقاء الدخول والتمتع بمشاهدة هذا النصب التذكاري العظيم· وذكرت الحكومة في بيان صدر مؤخراً لوزارة السياحة والثقافة الهندية انها قررت التصرف ''تمشياً مع الممارسات والاجراءات الدولية الرامية لتجنب أي انهيار في الحساب الجاري بسبب التراجع في أسعار الصرف في الدولار الأميركي وبالتالي في الروبية الهندية وما ينتج عن ذلك من تدني في مستوى الإيرادات''· وحتى موعد هذا التغيير فقد درج السواح الأجانب الزائرين لتاج محل في منطقة انجرا الى الجنوب الغربي من مدينة دلهي العاصمة على الدخول الى المعلم السياحي وهم يدفعون مبلغاً ثابتاً بمقدار 5 دولارات ''2,45 جنيه استرليني'' كرسم للدخول - وهو السعر الذي تم فرضه عندما كانت قيمة الدولار تساوي حوالي 50 روبية - ولكن وفي ظل انخفاض قيمة الدولار بمعدل بلغ 12 في المئة في هذا العام مقابل الروبية الهندية واقتراب سعر الصرف الحالي من مستوى 39 روبية مقابل الدولار فقد عمدت الحكومة الهندية الآن الى تثبيت رسم الدخول بالنسبة للأجانب بما يعادل 250 روبية أي بسعر يزيد بقليل على ستة دولارات· ويقول متحدث رسمي باسم الوزارة ''إن هذه الأسعار قد تم تثبيتها لكي تنسجم مع الممارسات والاجراءات الدولية وهي تهدف لتجنب اية خلل في الحسابات كنتيجة لتدني أسعار صرف الدولار مقابل الروبية''· ولكن هذا القرار سوف يمتد تأثيره ليشمل حوالي 120 موقعا سياحيا وأثريا تشرف عليها الجمعية الهندية للآثار تعتبر 27 منها - بما فيها قصر التاج محل - ضمن قائمة مواقع التراث العالمي· الى ذلك فقد درج المواطنون الهند على دفع مبلغ يتراوح ما بين 10 الى 20 روبية لدخول المواقع الأثرية في تفرقة ظلت محل تساؤل جموع الزوار الأجانب الا ان السلطات الهندية استمرت تدافع عن هذه الخطوة بحجة ان معظم الزائرين من وراء البحار يعتبرون أكثر ثراء وغنى من السكان المحليين· وحتى هذه اللحظة فقد اعتاد المواطنون في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقليمي لدول جنوب آسيا ايضاً على عدم دفع الرسوم المرتفعة وكذلك الأجانب ممن يحملون بطاقة الأصل الهندي· ولكن وعلى خلفية الازدهار الاقتصادي الذي تشهده الهند حالياً - بنمو بأكثر من 8 في المئة في كل عام ومع بروز طبقة وسطى جديدة تنعم بالثراء - فإن استمرار هذا النمو بنفس الوتيرة ربما يجعل السلطات الهندية تعيد صياغة هذا الهيكل السعري· على ان صدور السلطة الهندية عن الدولار يعتبر آخر مؤشر للكيفية التي أصبحت تنأى بها العديد من المؤسسات المالية في العالم بنفسها من ما ظل يعرف لأجيال طويلة بأفضل ملاذ آمن للعملات في العالم· وبعد أشهر عديدة من الاضطراب الذي حدث جزئياً بسبب انهيار اسواق الرهن والائتمان في الولايات المتحدة الأميركية فقد بلغ فقدان الثقة في الدولار الى ذروته الى درجة أن العديد من المتعاملين الدوليين شرعوا في تحويل ثرواتهم الى عملات أقوى قيمة مثل الاسترليني واليورو· علماً بأن الهند حظيت بما مقداره 6,5 مليار دولار في العام الماضي دفعها اكثر من 4 ملايين سائح قاموا بزيارة الدولة معظم شق طريقه الى التاج محل لزيارة أكثر المواقع شهرة في العالم والذي ربما أصبح أحد أغلى النصب التذكارية في الدولة!