الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا ضد ملاذاتها الآمنة

20 نوفمبر 2007 00:06
في الوقت الذي تنظم فيه نيويورك حملة ضد السائقين من المهاجرين غير الشرعيين، هاهي مدينة ''سان فرانسيسكو'' تنهض متحدية لتلك الحملة وتعلن استعدادها لتقديم مساعدات جديدة لهؤلاء؛ وهو ما يبدو تحديا متعمدا للقانون الاتحادي في الساحل الغربي للبلاد· ومما لا ريب فيه أنه تحد كبير للأمة الاميركية كلها، ولذا فعليها أن تقف أمامه أمة واحدة ذات هوية وإرادة موحدة· فلماذا الإصرار على هذه الوحدة؟ الإجابة هي أهمية الإبقاء على مبدأ المسؤولية القومية إزاء المشكلات القومية، وهو المبدأ الذي أرسته الحرب الأهلية الأميركية، ضمن عوامل أخرى داعمة لهذا المبدأ، يذكر أن ''إليوت سبيتزر'' الحاكم الديمقراطي لولاية نيويورك قد تراجع عن خطة أعلن عنها سابقاً، تقضي بمنح ترخيص قيادة السيارات للاجئين غير الشرعيين، ليضع حداً بذلك لشهرين كاملين من العراك السياسي حول تلك الخطة· وفي الإعلان عن تراجعه هذا، قال ''سبيتزر'' إن جزءاً أصيلاً من القيادة أن يستمع القائد لرأي الجمهور· وبذلك فقد أذعن لمعارضة ثلاثة أرباع سكان ولايته لخطته تلك· لكن وعلى رغم هذا القرار، فإن الملاحظ بروز عدد كبير من المدن الأميركية في وجه التشريعات الفيدرالية، وإعلانها عدم التعاون في تطبيقها، وليس أدل على هذا من إعلان ثمان بين أكبر عشر مدن أميركية عما ينبئ بتحولها عملياً إلى ''ملاذات آمنة'' للمهاجرين غير الشرعيين، بما فيها مدينة ''نيويورك'' نفسها· وعلى امتداد الولايات المتحدة الأميركية كلها، انضمت المئات من البلديات إلى حركة انتشار الملاذات الآمنة هذه· واليوم فقد مضت مدينة ''سان فرانسيسكو'' إلى اتخاذ خطوة أكثر جرأة في هذا المنحى؛ فوفقاً لما نشرته صحيفة ''سان فرانسيسكو كرونيكل'' الصادرة يوم الأربعاء الماضي، أقر مجلس بلدية المدينة بأغلبية 10-1 إصدار بطاقات هوية محلية لجميع المقيمين في المدينة بصرف النظر عن قانونية إقامتهم فيها، وبما أن عمدة المدينة ''جافين نيوسون'' من المؤيدين لهذا القرار، فإن مما لا شك فيه أن يتحول إلى واقع عملي· لكن وعلى رغم ذلك، فإن الجزء الغالب من الرأي العام الأميركي ضد مثل هذه الإجراءات، فغالبية الأميركيين لا تعارض فحسب سياسات التهاون مع المهاجرين غير الشرعيين، إنما تطالب بخفض المساعدات المالية الفيدرالية المقدمة للمدن التي تحولت إلى ملاذات آمنة لهؤلاء· ونتيجة لفشل خطط وسياسات ''حدود الهجرة المفتوحة'' في وقت مبكر من العام الحالي، فقد ازداد القلق السياسي على الهجرة غير الشرعية أكثر من أي وقت مضى· وما بدا بالأمس خوفاً مبهماً وغامضاً من الفوضى واختلاط الألسن واللهجات، تحددت ملامحه اليوم في شعور محدد بالخوف العام على الأمن القومي للبلاد وسيادتها من خطر الغرباء والمتطفلين· هذا على مستوى عامة الشعب الأميركي، أما النخب، فإما أنها لا تعي حجم هذا الخطر، أو أنها أعلنت عداءها الصريح لهذا الإلحاح الأميركي على الحفاظ على وحدة وسلامة التراب الأميركي، ونتيجة لتضافر مواقف وجهود اليساريين من دعاة التعددية الثقافية، وضغوط أصحاب العمل والاستثمار من اليمينيين والمحافظين، فقد تم تجاهل المخاوف الشعبية الطبيعية والمشروعة من مهددات الهجرة المفتوحة وغير الشرعية· المعلوم أنه ليس لإدارة بوش اهتمام يذكر بفرض قوانين الهجرة وتطبيقها بالصرامة المطلوبة على الخارجين عن القانون، وليس أدل على هذا من أن ''مايكل شيرتوف'' وزير الأمن الوطني كان هو الذراع اليمنى ''لسبيتزر'' حاكم ولاية نيويورك في خطته الفاشلة تلك· لكن وتحت رماد هذا الإجماع الثنائي الحزبي في أوساط النخب الأميركية على التهاون في حماية الوحدة القومية للبلاد، تتأجج نيران الغضب الشعبي؛ ولمن يريد التأكد من صحة هذا، عليه أن يوجه سؤاله إلى ''سبيتزر'' عن الأسباب التي أرغمته على التراجع عن خطته المذكورة آنفاً· لقد آن الأوان لأن تدرك هذه النخب المتهاونة، أن الشعب الأميركي الذي سبق له أن خاض بحراً من العراك والنزيف، حفاظاِ على وحدته القومية خلال ما يربو على مائتي عام، ليأمل في قادته الحاليين أن يحافظوا على وحدتهم هذه في قرننا الحالي، ولئن أعلنت ''سان فرانسيسكو'' تحديها لهذه الوحدة اليوم، فإن على مواطنيها أن ينتخبوا من القادة من يحترمون القانون في أي بقعة من التراب الأميركي· جيمس بنكرتون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©