الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

247 مِهْنَة زاولها النّاس حسب بيئاتهم المُختلفة

30 ابريل 2009 00:52
شهدت دولة الإمارات العربيّة المتحدة، مثل بقية الدول الشقيقة عدد من الحِرَف والمِهَن الشعبيّة التقليديّة منذ الأزمنة القديمة، وبالتحديد عبر العصور الإسلامية وفتوحاتها. وقد ساهمت تلكم الحِرَف والمِهَن الشعبيّة في الإمارات في فترة ما قبل ظهور النفط فيها في زيادة الدخل الرئيس لأبنائها، ومن تلك الحِرَف التي زاولوها الغوص على اللؤلؤ في أعماق مياه الخليج العربيّ، والرعيّ وزراعة الأراضي لإنتاج المحاصيل الزراعيّة فيها، فضلاً عن صيد الأسماك الوفير. ولعلّ المكتبة الإماراتية بحاجة إلى توثيق العيد من التراث والثقافة الشعبيّة للدولة للمحافظة عليها ونشرها بين أبنائها، ومنها موضوع الحِرَف والمِهن العديدة الذي يحتاج إلى جهود متواصلة وفترات زمنيّة مُتباعدة كي يلمّ الباحث بشملها، وهو ما بادر إليه الكاتب عبدالله صالح في كتابه الجديد من جمع مادته وتبويبها ومن ثمّ تصنيفها وفق أسلوب المعاجم، ولذا جاء كتابه ليلقي الضوء على تلك الحِرَف والمِهَن في الدولة. واشتمل الكتاب فضلاً عن المقدمة على موضوع الحِرَف والمِهَن في التراث والتاريخ، موضحاً فيها للأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربيّ التي ترجع إلى العصور القديمة وبالتحديد إلى العام 323 ق.م، عندما سكن لأهميتها الأسكندر المقدونيّ، بعدما أمرّ قادته بالدخول إلى المنطقة بهدف توسيع رقعة إمبراطوريته، وما أعقبها من تطورات تاريخيّة عاشتها الأمة الإسلاميّة، حتى جاء العام 1479م عندما اكتشفها الرحالة البرتغالي فاسكودي غاما، لتدخل المنطقة حقبة تاريخيّة جديدة من الاستعمار البرتغالي الذي استمر طويلاً. الحِرْفَة والمِهَنة في التراث أشار عبدالله صالح لقدوم العصر الإسلاميّ الذي أنصف هذه المنطقة واستعاد ازدهارها بعد هجرات القبائل من داخل الجزيرة العربية، واستقرارها على شواطىء الخليج العربيّ. انتقل بعدها لتعريف الحِرْفَة والمِهَنة في التراث في معاجم اللغة العربيّة، أعقبها الحديث عن العُملات المُنتشرة قديماً في الإمارات نحو: «الروبية الهندية، والروبية الخليجية، والعُملات الخليجيّة- ريال قطر ودبي- ومسميات تلك العملات مثل:» خرده، غوازي، يوبليه، بيزه، روبية، ريال، الدينار». ارتباط المِهَن بأهل المنطقة عرض المؤلف لدلالة ارتباط المِهَن بسكان المنطقة وانتقالها من الأجداد إلى الآباء ومنهم إلى أبنائهم، لأنّها مصدر رئيس لرزقهم في الحياة، حتى باتت حِرَفهم ومهنهم كنية لاصقة بهم . ومن هذه العوائل، الاستاد، والبناي والمطوّع والصايغ والمعلم والحواي والملا والبحّار والسمّاج والحدّاد والنجّار والقلاّف والعبّار والكَيتُوب والقاضي والقصّاب. حسب البيئة أشار عبد الله صالح لموقع الإمارات الجغرافي وتعدد المناخات، الذي أدى إلى ظهور حرف ومهن لمنطقتها قبل أن تعرف لأصحابها وظهرت أربع بيئات وهي: «البيئة الصحراوية، البيئة البحرية، البيئة الريفية، البيئة الجبلية». ثم تحدث مؤلف الكتاب عن الحِرَف والمِهَن حسب المظاهر الاقتصادية والمتمثلة في «الغوص، صيد السمك، البناء، صناعة السفن، التجارة، النقل البري، النقل البحريّ، الرعي، الزراعة. ثم عرض لأشكال الحرف والمِهَن التقليدية وأنواعها وما اعتمد منها على الخبرة اكتسب عن طريق الوراثة أو ما اعتمد فيها على القوة واللياقة أو الدقة أو على النصبّ والخداع أو على الظروف الموسميّة»، بينما تناول لتأثير الحرف والمِهَن في المجتمع الإماراتيّ في نواحي الحياة الاجتماعيّة والحياة الاقتصاديّة والأدب الشعبيّ ذاكرا نماذج منها في الشعر النبطيّ والمواويل البحريّة والأمثال الشعبيّة بعدها ذكر لأثر التحولات الاقتصاديّة على المِهَن وعوامل انتشارها وانحسارها. على حروف المُعجم تناول الكاتب عبد الله صالح في هذا الجزء من كتابه والذي امتد ليشغل حوالى ثلثي صفحاته ذاكراً فيه (247) حِرْفَة ومهنة مارسها الناس في عموم دولة الإمارات، وقد بدأها «بحرف الألف» «استاد»، وختمها «بـحرف الياء» بـ «يلاب»، وقال في «حرف الألف» عن مهنة استاد بأنّها هي مهنة المهندس المسؤول عن فريق من البنائين الماهرين، والذين يقومون بعملية البناء وهو صاحب خبرة ودراية في هذا المجال وفي البناء يقال استاد للذي يقوم بقياس أبعاد البناء المطلوب ويستطيع تحديد أبعاد الجدران والزوايا. وأبو طبيلة هي مهنة يزاولها صاحبها في شهر رمضان ومهمته إيقاظ الناس عند السحور وهو يردد في أثناء سيره في الطرقات وبين البيوت:» قوم يا نايم قوم وحد الدايم قوم» وهو يقرع بطبله الصغير ويجر خلفه حماره، وأما في «حرف الباء» فهناك بيدار فهي حرفة ومهنة تطلق على المزارع وهي مزدوجة ورثت عن الأجداد بحكم امتلاكه لمزرعة ما أما النوع الآخر فاعتبرها مهنة، والبيدار هو الذي يهتم بشؤون مختلف الأشجار في المزرعة من موسم الزرع إلى موسم الحصاد. وفي « حرف التاء» فإنّ تبّاب هي من مهن البحّار الصغير الذي لا يتجاوز عمره بين السادسة والعاشرة إذ يعتبر من البحارة المتدربين ويقوم بخدمة البحارة الكبار، بينما تعني جفّار في «حرف الجيم» مهنة من يقوم بصنع وبيع مجموعة من الجفير وهي السلة المصنوعة من خوص النخل ذي الأشكال والأوان المستخدمة لجمع الرطب ووضع السمك. الحثاوي والخراف والخيّاش تناول عبد الله صالح في «حرف الحاء»، عدد من الحِرَف والمِهَن منها حثاوي مهنة بائع التبغ الذي يقوم ببيع أنواع التبغ، والحجّام هي مهنة طبية تدخل ضمن العلاج الشعبيّ الطبيّ، وصاحبها يقوم بالحجامة وفصد الدم من جسم الإنسان المريض وفي «حرف الحاء»، ذكر لمهنة الخراف وهي مهنة ريفية تقوم على البيدار» المزارع»، الذي يقوم بالصعود إلى النخلة بواسطة حبل قوي يقوم بربطه على وسطه وفي نفس الوقت على وسط النخلة ليتمكن به من الصعود إلى أعلاها لجني الرطب، بينما ذكر لمهنة الخيّاش، ضمن حرف الخاء» وهي كهنة جامع أكياس الخيش وعادة ما يدور حول البيوت ويتخذ صاحبها محلا صغيراً بجانب السوق ليزاول مهنته. الداية والدختر وراعي الجسيف بعدها ذكر في «حرف الدال» للداية وهي مهنة المرأة التي ترافق العروس في مرحلة زواجها أي كالمُربيّة لها في الوقت الحاضر، فهي تقوم بخدمتها بتعريفها ببعض الأمور الخاصة بالمرأة وما عليها فعله بالأمور الخاصة تجاه نفسها وزوجها. بينما قدّم المؤلف في «حرف الدال» للدرزي وتعني لمهنة خياط الملابس، ودختر وهي كلمة إنجليزية وتعني الطبيب أو الدكتور وعرفت في مجتمع الإمارات عن طريق الاحتلال البريطاني، وجاء في «حرف الذال»، ذكر حرف مهنة واحدة وهي «ذباح» ويسمى المحواس أو الحواس وهي وظيفة من يمتهن البهايم ويسمى في بعض البلاد القصاب وهو ليس له محل معين إلاّ ما ندر منه وكان يعطى إكرامية نظير عمله، ومن مهن «حرف الراء»، راعي الجسيف»، وهي مهنة من يبيع كل أنواع السمك المجفف وبعضهم لديه محل صغير في جانب السوق وأما رواد فهي مهنة بائع الرويد والفجل إلى جانب بيعه لبعض الأعشاب والنباتات الأخرى مثل البقل والبصل الأخضر والنعناع والجرجير والفرقو. البيادير والسكّوني والسراي بعدها تناول الكاتب ضمن «حرف الراء» لرقّام الطبول، مهنة الشخص الذي يقوم بحرفة صنع الطبول والدفوف من جلود الماعز، وروابة وهي مهنة من يقوم بترقيع الليخ مقابل اجر معين وفي «حرف الزاي» أشار للزفان وجمعها زفانة وهم مجموعة من البيادير «الفلاحين» الذين يطلق علهم الزفانة فهم يتعاونون معا في حزم مجموعة من جريد النخل على شكل سجادة كبيرة لفرد رطب النخلة عليها حتى تتحول بفضل الوقت تمراً. وفي «حرف السين»، تعرفنا على مهنة السكّوني ذلك البحار الذي يحرك السفينة بواسطة الشراع بالإضافة إلى درايته وإلمامه بتقلبات الجوّ المختلفة من اتجاه الرياح وأنواعها ومواعيدها ومجار البحر ومنازل النجوم وأما السراي والذي يعرف بالمحلية الصراي وهي مهنة بائع المصابيح اليدوية بينما تعني السركال مهنة الموظف القائم بالأعمال وهذا الاسم أطلقه الإنجليز إبان احتلالهم إمارات، فقد كانوا يطلقونها على الموظف القائم بأعماله في البلاد. الشاوي والصفّاد والطوّاش كذلك تناول مؤلف الكتاب ضمن «حرف الشين» من الحِرَف والمِهَن، للشاوي مهنة تاجر الغنم الكثيرة، الذي يقوم باستئجار أو تشغيل مجموعة من الرعيان لرعاية أغنامه حتى يستطيع بيعها ويكسب منها مبلغاً من المال. ومن «حرف الصاد»، فهناك الصفّاد وهي مهنة مُنظف السمك ومُقطعها ويُقال له أيضاً صفَاط أو سفّاط أو صفَاد، أما صقّار فهي مهنة مَن يقوم بتربيّة الصقر وترويضه، وهناك مَن يقوم بتربيته ومِن ثمّ بيعه بأثمان باهظة لِما يشكله هذا الصقر من رمزٍ للإمارات. بينما عرض عبدالله صالح في «حرف الطاء» لمهنة الطوّاش وجمعها طواويش وهُم تجار اللؤلؤ ومن أصحاب الجَاه والمال، الذين يقومون بعملية بيع وشراء اللؤلؤ، ويمتلكون الدكاكين ومراكب الغوص... بينما نقرأ في طنّاف وهي مهنة الرجل الذي يقوم بقيادة قافِلَة الجِمَال في الترحال وكثير من الناس يلجؤون إليه كونه شخصاً ذا دراية وخبرة بالطُرُق الآمنة في الصحراء وغيرها... العبّار والعكّاس والغِيص كذلك عرفنا لـ «العبّار» في «حرف العين» من المِهَن البحريّة القديمة، وهو الرجل الذي يقوم بنقل الناس على مركبه الصغير من ضفة إلى أخرى مقابل أجرٍ من المال، ويعني العكّاس لمهنة المصوّر الفوتوغرافيّ التي عرفها مجتمع الإمارات إبّان وجود المستعمر الذي جلبها معه، وكذلك خلال رحلات المستشرقين الذين جابوا المنطقة الخليجيّة، ونطالع في «حرف الغين» الغيص، مهنة البحّار الذي يقوم بعملية الغوص للبحث عن اللؤلؤ، وهذا يتطلب من صاحبه أن يكون شجاعاً وقوياً وذا نَفَسٍ طويل لتحمله تحت الماء وبقاء فترة زمنيّة طويلة...وحكى في «حرف الفاء» لثلاث حِرَفٍ منها للفتّال الذي يقوم بفتل الحِبَال مِن ليف النخل ثم يحولها إلى حِبَال جاهزة... القلأّف والكَرّاني والكندري في حين جاء في «حرف القاف» من الكتاب لحِرفة القلاّف لمهنة صانع السفن التقليدية ومهندسها الأول، وللقاري أي مهنة قارئ القرآن الكريم الذي يُستعان به في مناسبات عدّة، بينما أورد في «حرف الكاف» للكرّاني مهنة قارئ أو كاتب الرسائل، الذي عادة ما كان يجلس في السوق لمساعدة الناس في كتابة الرسائل للأهل والأقارب... منها مهنة الكندري، أي السقّاء أو الراوي وهو الرجل الذي يضع الماء الذي يجلبه من الآبار البعيدة داخل بعض الصفائح المعدنية ويضعها على حماره وهو يمرّ على البيوت لتوزيعها على الناس مقابل أجرٍ مُعين. ومن «حرف اللام» هناك الِيلام وهي من المِهَن الدخيلة في مجتمع الإمارات وتُعرف بالحواي الذي كان يتجوّل بين البيوت وهو يبيع بعض حاجياته، وأما في الميم فهناك مهن ذكرها المؤلف منها المُلا مهنة الخطيب الذي يُلقي بالنصائح والوعظ على الناس، ويحثهم على اتبّاع ربّهم وسُنّة نبيّهم صلّى الله عليه وسلّم. النوخذه و... اليلاّب كما عرض عبدالله صالح في «حرف النون» لمهن أخرى نحو النوخذه لمهنة قائد السفينة وربّانها الأول، وفي حرف الهاء للهاوية مهنة بائع الماء، وفي «حرف الواو» للوزّان لمهنة الرجل الذي يتولّى أمور الوزن في السوق، وأما مِسْكُ ختام مفردات حِرَف ومِهَن كتابه «بحرف الياء» الذي أورد فيه لثلاثة منها وهي اليزّاف، ويزوة، و اليلاّب والتي تعني مهنة الرجل الذي يقوم بترتيب الحقل للزراعة من أحواض على الطريقة البدائيّة نظير مبلغ من المال
المصدر: محمّد رجب السامرّائي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©