الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
30 ابريل 2009 00:50
لقد تأسّس مشروع كلمة منذ شهور قِصارٍ، ولكنّ إنجازاته الكبيرة التي بدأت تُطلّ على القرّاء تدلّ على: كأنّها انطلقتْ منذ سنواتٍ طِوالٍ. ولقد وُفّق القائمون على هذا المشروع المعرفيّ العظيم حين فكّروا في تأسيسه في هذه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي يعمل مسؤولوها كالنّمل ليلاً ونهاراً، وصيفاً وشتاءً. وللترجمة منافعُ ثقافيّة وفكريّة ومعرفيّة عظيمة، إذْ يستحيل على أيٍّ منّا أن يعرف أكثرَ من بضعِ لغاتٍ، لقصر العمر من وجهة، ولضعف الملَكة الإنسانيّة ومحدوديّة إدراكها، من وجهة أخرى. ولذلك تأتي الترجمة التي تساعد المثقّف القارئَ على قراءة عدد كبير من اللغات في لغة واحدة، أي في اللّغة الأمّ التي يعرفها؛ فما شئت، إذن، من ترجمات من الفرنسيّة، والألمانيّة، والإنجليزيّة، والإسبانيّة، وربما الروسيّة، والإيطالية لاحِقاً... فهذه هي اللّغات التي تمثّل أرقَى الإنجازات الفكريّة والمعرفيّة لدى هذه الأمم. ولقد صدر بعدُ عن مشروع «كلمة» عشرات عناوين، منها: «الفلسفة: أندري كونت»، و»أصول الفكر اليونانيّ»، و»ليفيناس: من الموجود إلى الغير»، و»عشرة أسئلة في علم النفس والتربية»، و»ميشال فوكو»، و»فلسفة كانط النقديّة»، و»الأدب الإنجليزيّ»، و»نيتشه»... وإذا كنّا ندرك الصعوباتِ الكأداءَ التي تُساوِرُ سبيل المترجمين العربِ الذين ينقلون المعرفةَ من مصادرها الأولى، في لغاتها الأصليّة، إلى اللّغة العربيّة، وخصوصاً ما له صلة بالمصطلح؛ فإنّ ذلك لا يمنع من المضيّ قدُماً في تطوير هذا المشروع الحضاريّ العظيم حتّى يشمل مستقبَلاً مئات العناوين في السنة الواحدة، في انتظار الطمَع في الألوف!... وكنت أودّ أن أهمس في أذن الصديق الدكتور علي بن تميم أن يخرج عن تقاليد مؤسسات الترجمة العربيّة التي تجتزئ فقط بترجمة ما هو مكتوب في اللغات الغربيّة إلى اللّغة العربيّة، فيمتدّ طموحه إلى الترجمة من العربيّة إلى اللغات الأجنبيّة، حتّى نبشّر بفكرنا وأدبنا وثقافتنا، فنبلّغ رسالتنا الفكريّة إلى غيرنا. ذلك بأنّه أَنَى لنا أن نفكّر في الشروع في إنجاز هذا الشِّقِّ من رسالة مشروع كلمة، وليس ينبغي أن نظَلّ ننتظر بعض المستشرقين الغربيّين، حتّى يرضَوْا علينا، ليترجموا بعضَ أعمالنا العربيّة الكبيرة إلى لغاتهم، فكثيراً ما تَعْرُو اختياراتِهم نوايا قد لا تكون على ما يراد لها، أو يراد منها... فالترجمة من العربيّة إلى اللّغات الغربيّة كثيراً ما خضعت لاختيارات إديولوجيّة وسياسيّة، ولم تعتمد في اختياراتها، إلاّ في الأطوار النادرة، على عظمة العمل الأدبيّ العربيّ ما لم يكنْ مبشّراً بالقيم التي يتبنّاها المترجم الأجنبيّ... حقّاً، إنّ الترجمة من العربيّة إلى اللغات الأجنبيّة أعوص بكثير من الترجمة من تلك اللغات إلى العربيّة، ولكنّنا نعلم جميعاً أنّ في العالم العربيّ من متقني اللغات الغربيّة، إتقاناً عالياً، ما يمكّن لهم من نقل أعمالنا العربيّة إلى تلك اللغات في لغة عالية، وأسلوب رفيع. فلتمضِ «كلمة» في إنجاز مشروعها العظيم، ففي البدء كانت الكلمة!..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©