لكل فنان وجهه الآخر الذي لا يراه الجمهور، ويدفعه الفضول للبحث عنه ومعرفته بعيداً عن وجهه الذي اشتهر به· في هذه الزاوية نقرأ الملامح الأخرى للمشاهير من خلال مرآة الذات··
التي يسرّون لها بالأسرار والذكريات الخاصة·
النجمة يسرا - ضيفتنا الأولى في هذه الزاوية- وشت مرآتها ببعض جوانب شخصيتها وعكست على سطحها الفضي اللامع، بريق صدقها وصراحتها·
ابنة النسيم عاشت ''سيفين محمد حافظ نسيم'' طفولة قاسية بسبب انفصال والديها، وعاشت مع أمها عدة سنوات قبل أن يستعيدها والدها لتعيش معه·
تتذكر تلك المرحلة: ''كان والدي يعاملني بقسوة وأراد حرماني من التعليم، لكنني صممت أن أحصل على شهادة ''ا··''، ولعل معاناتي من تلك القسوة دفعتني للعمل كمضيفة جوية لأهرب من حياتي على الأرض وأحلق مع أحلامي في الفضاء، إلى أن شاهدت سعاد حسني تصور أحد المشاهد الخارجية لفيلم ''أين عقلي'' فتمنيت أن أصبح مثلها، بعدها بسنوات تحققت أمنيتي وصار اسمي ''يسرا'' وشاركتها فيلم ''الجوع''·
إنما ماذا يمكن أن تكون ردة فعل والدها حين تصارحه أنها تعشق السينما وتتمنى أن تصبح مثل سعاد حسني؟
تقول يسرا: ''كان نصيبي علقة ساخنة، وهددني بالقتل! لكن مدير التصوير عبد الحليم نصر-صديق والدي- استطاع إقناعه، فمثلت في فيلم ''قصر في الهواء'' وتوالت أعمالي السينمائية لكن والدي لم يكن راضياً، وحدث خلال تصويري فيلم ''بياضة'' أن قاطع التصوير وضربني وشجَّ رأسي، حينها نصحني رشدي أباظة قائلا: ''عليك أن تتخذي قرارك الآن''·
يبدو أن إعطاء النصيحة يكون غالباً أسهل من العمل بها، بخاصة إذا ما تعلقت باتخاذ قرار صعب! تعلق يسرا ثم تردف قائلة: فكرت بكلامه وتعذبت في قرارة نفسي إلى أن اتخذت أهم وأصعب قرار في حياتي وهو الانفصال عن والدي والبدء وحدي في الحياة· رفضت العيش مع والدتي لئلا أسبب لها المشاكل، وذهبت للعيش مع خالتي وزوجها الذي احتواني وعطف عليّ فعرفت في بيته معنى الأسرة، لذا بكيت كثيراً عندما رحل عن الحياة، لأن عيشي معهم جعلني أتوق إلى تكوين أسرة، وقد فعلت ونجحت في تكوين أسرة وإن لم أحق حلم الأمومة·
وفي عودة إلى جادة الحب والمشاعر الدافئة تكشف يسرا عن أول حب في حياتها:
''أحببتُ رشدي أباظه وأحبني كثيراً، ولم أجد رجلاً في حياتي يجيد معاملة المرأة كما رشدي أباظة، لكن حين طلبني للزواج حال فارق السن بيننا وكذلك المرض دون إتمامه''·
تضيف: الحب هو أجمل ما في الدنيا، ومن يحدثني عنه كأنه يفتح طاقة نور أمامي، بخاصة وأنني الآن في حالة حب مستديم وأراه الحب الأكبر في حياتي مع زوجي المخرج خالد صالح سليم، فنحن لسنا مجرد زوجين بل حبيبين وصديقين وأشعر بأنه أبي وابني في آن معاً''·
وللصداقة معنى رائع لدى يسرا، وعن ذلك تقول: لي أصدقاء مقربون وآخرون يضيئون أيامي، ومهما انشغلت بأفلامي فإنني حريصة على التواصل معهم، في مقدمتهم يأتي المخرج الكبير يوسف شاهين والمخرجة إيناس الدغيدي·
لا تحول انشغالات يسرا الفنية بينها وبين ممارسة هواياتها المتعددة والتي تتحدث عنها بحب:
''أهوى سماع الموسيقى والأغاني، وأمتلك مكتبة صوتية ضخمة، كما أن القراءة هي من أساسيات يومي، وأعشق السفر والرحلات لذا زرت الكثير من البلاد، لكن أكثر مكان استمتعت فيه ''سيناء'' وتحديداً ''شرم الشيخ'' حيث الطبيعة الخلابة''·
أما آخر ما همست به يسرا لمرآتها فهو سر جمالها الدائم الذي تقول عنه: السر يكمن في ابتعادي عن الأحقاد والصراعات، كما أنني لست مغرورة ولا أغار· الخير هو الجمال الداخلي الذي يجعل الآخر يشعر بجمالك الخارجي·
عدد اليوم
