الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلام بين العرب والإسرائيليين... ليخرج حصان طروادة أولا

السلام بين العرب والإسرائيليين... ليخرج حصان طروادة أولا
17 نوفمبر 2007 23:59
هل سئم الأميركيون من أزمة الشرق الأوسط؟ السؤال قد لا يلقى هوى لدى أولئك الذين يعتبرون أن استمرار الأزمة هكذا لنحو ستة عقود هي، بصورة أو بأخرى، ضرورة استراتيجية لأن الصراعات الاقليمية جزء لا يتجزأ من المفهوم الفلسفي للإمبراطوريات، حتى أن الرئيس ''رونالد ريجان'' تبنى نظرية ''حرائق الغابات'' التي تعني تصنيع حروب تحت السيطرة ولأغراض جراحية محددة· هذه المرة يعقد المؤتمر الدولي في ''أنابوليس'' لا في مدريد، ولا في اسطنبول، ولا في لندن، أي على المسرح الأميركي، وبرعاية أميركية، وبقناعة أميركية بضرورة إقفال الملف -الأساس، أي الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي-، وإن قال ''ايهود اولمرت'': إن معاهدة للسلام بعيدة جداً جداً· كان الديبلوماسي الأميركي الشهير ''افريل هاريمان'' الذي رافق الرئيس ''فرانكلين روزفلت'' إلى مؤتمر يالطا (عام 1945 مع ''جوزيف ستالين'' و''ونستون تشرشل'')، وظل لسنوات طويلة سفيراً للولايات المتحدة في موسكو، قال: ''في الحرب، نقتفي أثر الشيطان، في السلام بين بين···''؛ ولعل هذا الرجل حمل السياسي والصحافي الفرنسي الراحل ''جان - جاك سرفان - شرايبر'' على أن يكتب في مجلة ''الاكسبرس''، ولدى انعقاد مفاوضات باريس بين الأميركيين والفيتناميين في النصف الأول من السبعينيات، على إسداء النصيحة التالية: ''حتى القليل من الشيطان يفترض أن يكون ممنوعاً هنا''! هل كان هذا وراء قول ''دنيس روس''، وهو الديبلوماسي المخضرم والذي طالما عُرف بعلاقاته مع إسرائيل (حتى أن نجمة داود كانت تزيّن مكتبه في وزارة الخارجية): ''مَن يمنع الأرواح الشريرة من تفجير المفاوضات؟''، هذا بعد أن يشير إلى ''البلبلة الميتافيزيقية'' داخل أزمة الشرق الأوسط· يقول ''هنري كيسنجر'': ''في هذه الأزمة، غالباً ما يدخل الوسطاء من الباب الخطأ''، إذاً، من أين دخل هو؟ ببساطة قال: ''لا مجال للدخول إلا من عقول الرجال''· بالخداع أم بالمنطق؟ حتى ''توماس فريدمان'' يعتبر أن المؤتمر الدولي لا يمكن أن يتحوّل -كما العادة- إلى كرنفال أو إلى حفل جنائزي، فهذا اختبار للصدقية الأميركية نفسها؛ وفي رأيه انه إذا فشل المؤتمر، فالنتيجة أن مسلسل الحروب سيعود إلى المنطقة، حتى وإن تمزقت القضية الفلسطينية ولم تعد تنطوي لا على الديناميكية السياسية ولا على الديناميكية السيكولوجية اللازمة· ولكن مَن يصدّق ان وزير الدفاع الأميركي السابق ''دونالد رامسفيلد'' قال لشخصية عربية صديقة انه لولا بلاده، لـ''دفعت الحكومات الإسرائيلية بأكثر من مليون عربي يقيمون داخل الدولة العبرية إلى الهجرة''· الهجرة القسرية بطبيعة الحال، بعدما كان النائب الراحل ''رحبعام زئيفي'' قد استوحى نصاً توراتياً ليقول بترحيل الفلسطينيين (الترانسفير) لأن بقاءهم يعني أن أرض الميعاد لا تزال ''بين مخالب العرب''· إذاً، كيف يتحمّل الإسرائيليون الذين يضيقون ذرعاً بعرب عام ،1948 قيام دولة فلسطينية على حدودهم؟ بطبيعة الحال سيكون ''قدامى الفلسطينيين'' بمثابة قاعدة بشرية هائلة وتابعة للدولة الإسرائيلية داخل الدولة العبرية· في نظر وزير الشؤون الاستراتيجية ''افيجدور ليبرمان'' أن هذا هو البلاء العظيم: ''حصان طروادة في عقر دارنا وعلى مرأى من عيوننا''، وإن كان قد وجد الحل بقوله: ''أن ننقل هؤلاء الفلسطينيين بالشاحنات ونلقي بهم في البحر الميت''· بالطبع، لا أحد في العالم أعرب عن ذهوله، أو عن صدمته، لأن ''ادولف هتلر'' (أو مَن هو أسوأ بكثير) تقمّص ذلك الرجل، فقط الفرنسي ''باسكال بونيفاس''، المطارَد من قِبَل الهيئات اليهودية، اعترض بشدة على مَن يعدّون العدّة لتنفيذ ''الهولوكوست الفلسطيني''· إنه ''افيجدور ليبرمان'' على كل حال· المشكلة قد لا تكون هنا، إذ بحسب الباحثين في مركز ''جوثمان'' الإسرائيلي، يوجد 62 في المائة من اليهود الذين جرى استطلاعهم (نشرت الاستطلاع صحيفة يديعوت احرونوت) يؤيدون فكرة أن تقوم حكومتهم بكل ما يلزم لتشجيع العرب الإسرائيليين على الهجرة''· تعقيباً على ذلك، رأى المؤرخ ''موشي زيمرمان''، في ''معاريف'' أن هذا يفترض ألا يثير العجب، ويشير ''زيمرمان'' إلى أن ثلثي اليهود لا يرغبون في السكن في أبنية يقطنها عرب، ودون استبعاد إنشاء وزارة لتشجيع الهجرة؛ في ضوء ذلك، هل يقصد ''ايهود اولمرت'' الذي قال ''إن علينا أن نتنازل عن أحلامنا (هل المقصود إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات؟)''· ورغم معاهدات السلام ومظاهر الانفتاح التي جعلت الصادرات الإسرائيلية إلى البلدان العربية ترتفع في العام الفائت إلى 8 مليارات دولار، يشير المؤرخ ''زيمرمان'' إلى أن طبيعة السياسات التي تنتهجها تل أبيب ''تجعلنا ننتظر أن تذوب الثلوج على القطب المتجمّد الشمالي لكي تذوب الثلوج بين اليهود والعرب''· إذا، إن المعاهدة البعيدة، البعيدة جداً، لن تبرم إلا بعدما يرحل فلسطينيو إسرائيل إلى فلسطين بحدودها المستحدثة، ولكن ما هو رأي ''ادوار جيرجيان''، المساعد السابق لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ومدير معهد ''جيمس بيكر''؟· يقول: ''الإسرائيليون يفاوضون على 4 آلاف عام من الماضي و4 آلاف عام من المستقبل، وهذا مرهق بل ومستحيل''· أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©