الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اضطرابات جنوب السودان••• تهدد نيفاشا !

اضطرابات جنوب السودان••• تهدد نيفاشا !
30 ابريل 2009 00:16
يقول مسؤولون من جنوب السودان، إن حكومة الجنوب الناشئة تهددها جملة من المشكلات، بما فيها النقص الحاد في السيولة، إلى جانب تصاعد التوترات العرقية التي تشعل نيرانها حكومة حزب ''المؤتمر الوطني'' الحاكم في الخرطوم• هذا ويتوقف مستقبل السودان عموماً على ما يحدث في شقه الجنوبي الغني بموارد النفط، حيث خاض متمردو ''الجيش الشعبي'' و''الحركة الشعبية لتحرير السودان''، حرباً أهلية امتدت21 عاماً ضد الخرطوم، على خلفية مطالب تاريخية وعرقية، من بينها تمييز النخبة العربية الحاكمة في الشمال ضد أهل الجنوب• وقد حصدت تلك الحرب أرواح ما يزيد على مليوني شخص، بينما نزح ملايين القرويين هرباً من جحيم العنف• وفي عام ،2005 أبرمت اتفاقية ''نيفاشا'' للسلام، بدعم أميركي، لتضع حداً للحرب الأهلية، وتفتح الطريق أمام تحول ''الحركة الشعبية'' إلى حكومة شبه مستقلة ذاتياً، إلى جانب اقتسامها السلطة مع الحكومة المركزية في الخرطوم، فضلا عن إجراء استفتاء عام حول تقرير مصير الجنوب في عام •2011 وبموجب تلك الصفقة برزت ''الحركة الشعبية لتحرير السودان'' باعتبارها أحد الأحزاب السودانية القليلة القادرة على مناهضة حزب ''المؤتمر الوطني'' المهيمن على الشمال• لكن بينما انصب اهتمام العالم على إقليم دارفور، إذا بمشكلات الجنوب تتفاقم وتزداد• ذلك أن حكومته التي بلغ عمرها الآن أربع سنوات، تواجه عجزاً مالياً شهرياً قدره 100 مليون دولار، بسبب تراجع العائدات النفطية، وفقاً لأحدث التقارير الدولية• وعلى امتداد الإقليم كله، تواجه السلطات المحلية مشكلة انتشار الغارات على الماشية والأبقار، وتصاعد التوترات القبلية التي طالما أمكن السيطرة عليها إبان سنوات الحرب• وفي بلدة ''بور'' الكثيفة الأشجار، حيث اندلعت نيران الحرب الأهلية، تحولت الغارات التي تستخدم فيها الحراب والسواطير، إلى ما يشبه العمليات العسكرية• كما تستخدم المليشيات العسكرية القبلية، البنادق الآلية والقاذفات الصاروخية، إلى جانب اتصال أفرادها مع بعضهم البعض عبر الهواتف النقالة••• وذلك لسرقة الآلاف من الأبقار• ففي شهر فبراير المنصرم، أحكم شبان من مليشيا قبيلة ''نوير لو'' سيطرتهم على بلدة بكاملها، مؤدين بذلك إلى نزوح 5 آلاف من سكانها المدنيين، بينما كانت تقف القوات العسكرية الجنوبية مكتوفة الأيدي دون أن تفعل شيئاً، على حد إفادة المسؤولين المحليين وعمال الإغاثة الذين أكدوا مقتل ما لا يقل عن 700 مواطن في تلك الحادثة• وفي رد انتقامي من قبيلة ''مورلي'' على ذلك الهجوم، قتل ما يزيد على 250 من الجانبين، حسبما يقول المسؤولون المحليون أيضاً• ووفقاً لـ''ابراهام جوك أرينج''، محافظ محافظة ''بور''، فإنه ''يتعذر علينا جمع الضرائب، ولا نستطيع فتح المدارس ولا حفر آبار المياه، بسبب عدم توفر الأمن''• بيد أن انتقادات الجنوبيين الموجهة إلى ''الحركة الشعبية'' نفسها، تعالت مؤخراً• فخلال السنوات الأخيرة، تورط عدد من المسؤولين الجنوبيين في فضائح فساد أهدرت فيها ملايين الدولارات• كما برزت النزعات القبلية في ممارسة الساسة الجنوبيين الذين يتهمون بعضهم بعضاً ويوظفون النزاعات العرقية فيما بينهم، من أجل تحقيق المصالحه الذاتية الخاصة• ومن الشكاوى المثارة أيضاً، تمركز السلطة بيد قبيلة ''الدينكا'' التي ينتمي إليها زعيم الحركة جون جرنج• يضاف إلى ذلك ما يقال عن عجز حكومة الجنوب عن تمدد سلطاتها وخدماتها المقدمة للمواطنين، إلى أبعد من حدود العاصمة الإقليمية جوبا• فمثلا يقول اللواء ''رياك أكون رياك''، مدير شرطة ولاية جونجلي، إن لديه قوة شرطية قوامها 3000 فرد يمكنهم القيام بواجب الدوريات الأمنية• لكن المشكلة هي عدم توفر ما يلزمهم من معدات، إذ لا يزيد عدد الشاحنات المتوفرة للولاية كلها عن 8 شاحنات• وفي المقابل، تتوفر الأسلحة لمعظم قبائل المنطقة، بما فيها بنادق الكلاشنكوف الآلية التي يمكن شراء الواحدة منها مقابل بقرتين فحسب• والأخطر من ذلك انتشار ثقافة العنف والحرب لدى معظم قبائل الإقليم• وليس في وسع الشرطة فعل أي شيء ما لم تنزع الأسلحة من القبائل• وفي تلك الانتقادات ما ينم عن ضعف الثقة في الحكومة المحلية وقدرتها على توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، وفي مقدمتها خدمات الأمن• من جهة أخرى كشفت عدة قرائن، بما فيها إلقاء القبض مؤخراً على قارب محمل بالذخائر والأسلحة المتجهة من الشمال إلى قبيلة ''المورلي''، الأكثر ضلوعاً في سرقة الماشية• وعليه فقد أعرب كثير من أنصار ''الحركة الشعبية'' عن تفهمهم لتفاقم معاناة الجنوب• ويذكر أن القائد الراحل جرنج، كان قد وضع جنوده المتمردين الشباب، على طريق التدريب السياسي، الهادف إلى تجاوز النزعات القبلية وغرس رؤيته الوحدوية الرامية إلى توحيد السودان• هذا ويؤمن كثير من القادة الجنوبيين اليوم، بأن واقع الحياة في إقليمهم، بل مصير اتفاقية ''نيفاشا'' والسودان كله، كان يمكن أن يكون مختلفاً جداً لو لم يمت جرنج في حادث تحطم الطائرة التي كانت تقله إلى الخرطوم ذات ليلة من العام نفسه الذي أبرمت فيه اتفاقية السلام• ستيفاني ماكرومين -جنوب السودان ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©