عربياً ودولياً: حراك الساحات «يحرّك» الثقافات

طغى حراك الساحات العربية الذي اندلع في تونس في الشهر الأخير من العام الماضي، ومن ثم انتقل إلى مصر، فليبيا واليمن وسوريا... طغى على طبيعة النشاط الثقافي في الدول المعنية، وفي بقية الأقطار العربية المتأثرة بها بطبيعة الحال. وكانت «الثمرة» الأولى لانتفاضات الميادين إلغاء معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي كان مقررا له أن يقام في شهر فبراير الماضي، أي في خضم ثورة 25 يناير المصرية التي أطاحت بعهد الرئيس السابق حسني مبارك. لكن هذا الحراك الشعبي، بأساليبه وغاياته، الذي «فرمل» الحراك الثقافي لفترة، عاد لكي يفرض نفسه على الفعاليات الثقافية العربية والدولية، فيصبح محورا لمقارباتها، ويتصدر «نجومية» النتاجات الإبداعية من روايات ومجموعات شعرية ومعارض فنية وأفلام وغيرها. فيما يلي التقاطات من أهم الأحداث الثقافية، العربية والدولية، التي تركت علامات خلال 2011: 21 مارس بتكليف من منظمة اليونيسكو كتبت الشاعرة الإسبانية كلارا خانيس كلمة خاصة باليوم العالمي للشعر، استخدمت فيها مقاطع من قصيدة للشاعر أدونيس وهي تتحدث عن «الفكر الهزيل» كثمرة لـ»بابل إعلامي»، كما استندت إلى قصيدة الشاعر الراحل محمود درويش «سجل أنا عربي» في حديثها عن الهوية. 25 يونيو انتخب الكاتب اللبناني الشهير أمين معلوف عضوا في الأكاديمية الفرنسية بعد الروائية الجزائرية آسيا جبار التي تعتبر أول شخصية عربية تدخل هذه المؤسسة العريقة، التي تأسست في 1635 للسهر على احترام اللغة الفرنسية وتكوين قاموسها. وخلف معلوف عالم الاناسة كلود ليفي ـ ستروس الذي توفي في اكتوبر 2009 عن 101 عاما وقد انتخب في 1973 في مقعد هنري مونترلان. ٌأغسطس حضر الشاعر الراحل محمود درويش في الساحة الثقافية والفنية العربية، مثيرا الجدل من خلال المسلسل الذي أعده عن حياته الممثل السوري فراس ابراهيم بإخراج لنجدة اسماعيل أنزور، تحت عنوان في حضرة الغياب. وقد أثار المسلسل لغطا كبيرا في أوساط المثقفين وبين محبي الشاعر بسبب الضعف الفني الذي اعتراه. وكان من أبرز المنتقدين للمسلسل «مؤسسة محمود درويش» في رام الله معتبرة أنه يشكل «إساءة للشاعر وصورتَه وحضورَه في الوعي الثقافي العربي والإنساني». 25 أغسطس تعرض رسام الكاريكاتير السوري العالمي علي فرزات لاعتداء بالضرب المبرح في دمشق على أيدي قيل أنهم ينتمون للأمن السوري بسبب مواقف الفنان ورسومه ضد النظام. واتسمت رسومات الكاريكاتير اليومية التي ينشرها علي فرزات على موقعه والتي يتابعها جمهور عريض، بالكثير من الجرأة والقوة، وقد تناول فيها شخصية الرئيس بشار الأسد، وهذا ما لم يفعله أي رسام داخل سوريا. 6 أكتوبر حصل الشاعر السويدي توماس ترانسترومر على جائزة نوبل للآداب 2011 وهي المرة الأولى التي يحصل فيها على الجائزة مؤلف من السويد منذ أربعين عاما. منح توماس ترانسترومر الجائزة الأرقى في عالم الأدب مكافأة على بساطة أسلوبه الذي يفتح الأبواب على الواقع ويرتقي بالإنسان كما أوضحت الأكاديمية السويدية في وصفها لأعمال هذا الشاعر. 12 إلى 16 أكتوبر كعادته كل عام قدم معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في دورته الجديدة آلاف الكتب والعارضين، مؤلفين بارزين من مختلف أنحاء العالم، وممثلي صناعة النشر الدولية، بالاضافة للعديد من الفعاليات الثقافية كالمؤتمرات الدولية، والجوائز الأدبية الكبرى. وكان البارز في هذه الدورة حضور الحراك الديمقراطي في شمال أفريقيا في فعاليات المعرض. 19 أكتوبر فاز الكاتب جوليان بارنز بجائزة (مان بوكر) العريقة للرواية لعام 2011 وذلك عن كتابه The Sense of an Ending «الإحساس بالنهاية» الصادر عن «جوناثان كيب ـ راندوم هاوس». وسبق لبارنز الوصول ثلاث مرات إلى القائمة القصيرة لجائزة «المان بوكر» وكانت المرة الرابعة في عام 2011 وهي المرة التي حالفه فيها الحظ. 3 نوفمبر ‎ منحت جائزة غونكور (Le prix Goncourt‏) للكاتب الفرنسي ألكسي جيني عن روايته الاولى «فن الحرب الفرنسي»، والجائزة تعنى بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية تمنحها أكاديمية غونكور للعمل النثري الأفضل والأخصب خيالاً في العام كما تعتبر الجائزة الأعرق والأرقى أدبيا في فرنسا، وتكمن المفاجأة في أن الجائزة جاءت لتتوج الكاتب عن أول عمل روائي له. 11 ديسمبر احتفلت القاهرة وعدة عواصم عربية وعالمية، بمئوية الأديب المصري نجيب محفوظ (1911 ـ 2006)، الحائز على جائزة نوبل للآداب. وأقيمت بالمناسبة فعاليات متنوعة بينها ندوات ومعارض وأفلام وعروض لملصقات الأفلام السينمائية التي كتبها، ونظمت مسيرة مسيرة لموكب شعبي في شارع المعز لدين الله الفاطمي، الذي يضم كثيرا من البيوت والمساجد الأثرية، وصولا إلى بيت السحيمي، الذي شهد جلسات بمشاركة 30 كاتبا وروائيا، قدموا شهاداتعن الأديب الراحل. 30 ابريل توفي الكاتب الارجنتيني ارنستو ساباتو عن 99 عاما، وهو من أب من أصل إيطالي، وأم من أصل إيطالي ـ ألباني، ويعتبر الكاتب الارجنتيني الأهم الذي كان لا يزال على قيد الحياة. وحاز عام 1984 جائزة ثيرفنتيس، اعرق الجوائز الادبية باللغة الاسبانية. وفي السنة ذاتها ترأس اللجنة الوطنية للمفقودين، التي نشرت اعمالها حول جرائم الدكتاتورية، وفي عام 1979 قلدته فرنسا وسام الشرف، وقد حصل كتابه «ملاك الظلمات» في هذا البلد على جائزة أفضل رواية أجنبية. 7 يونيو توفي المؤلف الموسيقي اللبناني رئيس المعهد الوطني العالي للموسيقى وليد غلمية الثلاثاء عن 73 عاما بعد صراع طويل مع المرض. وكان غلمية قائد الأوركسترا السيمفونية اللبنانية الذي شاء أن يحولها إلى الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية في العام 2009. 1 سبتمبر نعت الجامعة الأميركية في بيروت ودائرة التاريخ وعلم الآثار فيها أستاذ الشرف في الدائرة البروفسور كمال سليمان الصليبي، الباحث والمؤلّف والمؤرّخ المرجعي. وعُرف الدكتور الصليبي بحضوره العلمي ومكانته الأدبية البارزة كمؤرخ وصاحب نظريات ناقضت مفاهيم شائعة وراسخة على مستوى المنطقة والعالم. ووضع كتباً بالعربية والانكليزية، ومعظمها تُرجم أو عُرّب بقلمه أو بمراجعته ودارت حوله نقاشات طويلة. 9 سبتمبر غيب الموت الروائي الكبير خيري شلبي عن عمر يناهز 73. شلبي كاتب وروائي مصري من مواليد 31 يناير 1938، له سبعون كتابًا ما بين الرواية والقصة والدراسات والمسرحية والسيرة الذاتية والغيرية، من أشهر رواياته: السنيورة، الأوباش، الشطار، الوتد، العراوي، فرعان من الصبار، موال البيات والنوم، ثلاثية الأمالى (أولنا ولد - وثانينا الكومي - وثالثنا الورق)، وغيرها. 22 أكتوبر نعت الساحة الثقافية في مصر الكاتب الصحفي أنيس منصور، الذي شكل موهبة أدبية وصحفية كبيرة. وإلى جانب الصحافة برع الكاتب الراحل في أدب الرحلات، وألف كتبا عديدة منها: «بلاد الله لخلق الله»، «غريب في بلاد غريبة»، «اليمن ذلك المجهول»، «أنت في اليابان وبلاد أخرى»، «أطيب تحياتي من موسكو»، «أعجب الرحلات في التاريخ»، «حول العالم في 200 يوم» الذي يُعد الأكثر انتشارا.