الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنصرية في إيطاليا... وحش قابل للإفلات

العنصرية في إيطاليا... وحش قابل للإفلات
15 نوفمبر 2007 02:08
من رأي ''الكساندر نكيرفور''، وهو نادل روماني مهاجر حديثاً إلي إيطاليا، أنه ليس من الحكمة أن يفصح المرء عن جنسيته الرومانية هذين اليومين في أي من المدن الإيطالية· وفي الوقت نفسه راقب ''لورينتيو أبوستال'' -وهو عامل بناء إيطالي- عدداً من زملائه وأصدقائه الرومانيين المرعوبين، وهم يجمعون أمتعتهم على عجل ويغادرون بلاده هرباً عائدين إلى موطنهم الأصلي رومانيا أو إلى أي دولة أخرى خارج إيطاليا! كانت موجة من الجرائم الوحشية، بما فيها اغتيال زوجة أحد كبار القادة العسكريين البحريين الإيطاليين، يتهم فيها المهاجرون الرومانيون، قد دفعت حكومة يسار الوسط الإيطالية إلى اتخاذ قرار باستبعاد أعداد كبيرة من هؤلاء اللاجئين، بينما وصفت هذا الإجراء الجماعات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، بأنه غير مسبوق في تاريخ الاتحاد الأوروبي· يذكر أن الحكومة الإيطالية أصدرت أمر طوارئ في الثاني من شهر نوفمبر الجاري، قضى بتخويل السلطات ترحيل وإبعاد المهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي، متى ما شكل وجودهم في إيطاليا خطراً على الصحة العامة أو أمن المواطنين - تم ترحيل 30 من هؤلاء إلى بلادهم· إلى ذلك اضطرت مجموعات كبيرة من المهاجرين إلى مغادرة الأراضي الإيطالية طوعاً واختياراً منها، خوفاً مما قد تتعرض له من هجمات وردود فعل من الشعب الإيطالي الغاضب على موجة الجرائم التي ارتكبت مؤخراً ضدهم· وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، شوهدت شاحنات عديدة وهي تكتظ بالأمتعة والممتلكات والمسافرين الرومانيين المتوجهين نحو الطريق السريع المؤدي إلى خارج الحدود الإيطالية· هذا وقد أثار قرار الحكومة الإيطالية المذكور، موجة انتقادات واسعة من قبل مسؤولي الاتحاد الأوروبي ومجموعات حقوق الإنسان، إلى جانب إحداثه خلافات داخل ائتلاف حكومة ''رومانو برودي'' نفسها· وفي حين يتعاطف الكثير مع إيطاليا بسبب موجة الجرائم الوحشية التي ضربتها مؤخراً، إلا أن هناك تحذيرات في الوقت نفسه من خطر استهداف قومية أو جنسية بعينها وتطبيق عقوبات جماعية عليها· وعلى حد قول ''رينيه فان دير ليندن'' -رئيس إحدى الهيئات الرئيسية التابعة للبرلمان الأوروبي- فإنه ليس صحيحاً أن يؤدي اعتقال عدد من الرومانيين أو الاشتباه فيهم بارتكاب الجرائم هذه، إلى بدء ما يشبه حملة ''ملاحقة الساحرات'' لجميع المهاجرين الرومانيين إلى إيطاليا؛ مضيفا: إنه ربما يحق للحكومة الإيطالية ترحيل واستبعاد عدد من المهاجرين بدعوى حماية الأمن العام، بيد الواجب أن تخضع كافة القرارات إلى المراجعة القضائية، وأن تتخذ على أساس فردي وليس جماعي· في الجانب الآخر نفى المسؤولون الإيطاليون أن يكونوا قد استهدفوا قومية أو جنسية واحدة دون غيرها، وأكدوا أنهم يحاولون حل أزمة تتعلق بفرض النظام والقانون في البلاد لا أكثر؛ غير أن أنحاء مختلفة من إيطاليا شهدت تنامياً لمشاعر العداء للمهاجرين في الآونة الأخيرة، على رغم أن المجتمع الإيطالي قد عرف بتعدده وترحيبه بتدفقات هجرة كبيرة إليه من الخارج عبر العقود والحقب الماضية، لدرجة انصهار هذه الكيانات المهاجرة فيه وتحولها إلى جزء من الهوية الإيطالية نفسها· ومع ارتفاع موجة الجريمة خلال الفترة المذكورة نفسها، فقد أشارت أصابع الاتهام إلى مجموعات المهاجرين بصفة خاصة، وكانت النقطة الحاسمة في تنامي موجة الجريمة والكراهية للأجانب في إيطاليا، حادثة اغتيال ''جيوفانا ريجياني'' زوجة القائد العسكري البحري، البالغة من العمر 47 عاماً، التي وقعت في أواخر شهر أكتوبر المنصرم· فقد تم التحرش بها ذات مساء أثناء نزولها من مترو الأنفاق واقتيدت وضربت واغتصبت، ثم تركت لتلقى حتفها في أحد مجاري المياه القذرة المظلمة· وقد كشف التشريح الذي أجري لجثتها فيما بعد، أنها دخلت في غيوبة طويلة قبيل استسلامها للموت أخيراً· هذا وقد اعتقل أحد المهاجرين الرومانيين ووجهت إليه التهمة الرئيسية في جريمة اغتيالها· في المقابل فقد كانت ردة فعل غضب الشارع الإيطالي عاصفة، ما أرغم الحكومة على الاستجابة لتلك النقمة الشعبية على الفور، حيث سارعت بإجازة أمر الطوارئ المذكور، وإرسال أعداد كبيرة من قوات الشرطة والبلدوزرات إلى المعسكرات والمناطق السكانية التي تقيم فيها مجموعات الغجر والمهاجرين الرومانيين؛ كان أول المعسكرات الذي أزيل في تلك االمنطقة، ذلك الذي يقيم فيه المتهم باغتيال السيدة ''ريجياني''، وفي الليلة التي لقيت فيها السيدة حتفها، شوهدت مجموعة ملثمة من الشباب الإيطاليين وهي تهم بطعن وضرب أربعة من المهاجرين الرومانيين خارج إحدى البقالات في العاصمة روما، ذكرت السلطات الصحية أن حالة أحدهم خطيرة للغاية· وفي اليوم التالي مباشرة لهذا الحادث، تعالت أصوات الجمهور الرياضي بنداءات وألقاب عنصرية شنيعة، أطلقت على ''أدريان موتو'' وهو لاعب روماني الأصل في فريق ''فيورينتينا'' الإيطالي لكرة القدم، أثناء مباراة كان يشارك فيها في العاصمة روما· ومن ناحيته أكد وزير الداخلية ''جوليانو أماتو'' أهمية إجراءات الاستبعاد هذه، درءاً لتنامي مثل هذه النزعة بين المواطنين الإيطاليين· وعلى حد تعبيره فإنه لا بد من إحكام القفص جيداً على هذا النمر الوحشي الشرس، المملوء بمشاعر الحقد والعنصرية والكراهية للأجانب، قبل أن يفلت من السيطرة· جاء ذلك خلال تصريح له لصحيفة ''ربابليكا''· وبالطبع فإن ما يلفت النظر في إجراءات الإبعاد هذه، أنها صادرة من دولة أوروبية بحق مواطنين منتمين إلى دولة شقيقة من دول الاتحاد الأوروبي· يذكر أن قرارات وإجراءات روما السابقة الخاصة بتسريع إجراءات الإبعاد هذه، كانت قاصرة على المشتبه بهم بارتكاب جرائم الإرهاب، وأن غالبية هؤلاء من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط· لكن وتعليقاً على هذه الإجراءات الأخيرة الواسعة التي استهدفت المواطنين الرومانيين على وجه الخصوص، فقد وصفتها ''جوديث سندرلاند'' الباحثة لدى منظمة ''هيومان رايتس ووتش'' بأنها تشكل سابقة جديدة في تاريخ الاتحاد الأوروبي· محررة في الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©