الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات التركية - الأميركية... عداوة بعد محبة

العلاقات التركية - الأميركية... عداوة بعد محبة
13 نوفمبر 2007 01:46
سبق للولايات المتحدة أن رحبت بتركيا كديمقراطية إسلامية معتدلة باعتبارها النموذج الذي تسعى إلى انتشاره في باقي المنطقة، وخاصة أن تركيا بالإضافة إلى كل ذلك تعتبر حليفاً أساسياً لأميركا ضمن حلف شمال الأطلسي، وتستضيف فوق أراضيها الطائرات الأميركية· ومع ذلك واجهت وزيرة الخارجية الأميركية ''كوندليزا رايس''، أثناء زيارتها إلى أنقرة بداية الشهر الجاري معضلة التخفيف من حدة التوتر الناشئ عن المتمردين الأكراد في العراق، في بلد أصبح اليوم من أكثر البلدان في العالم مناهضة لأميركا، بحسب النتائج التي أظهرها استطلاع للرأي أجري مؤخراً· وحسب المحللين فإن لقاء رئيس الحكومة التركي ''رجب طيب أردوجان'' السيدة رايس يفترض أن يضغط على الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات ضد حزب العمال الكردستاني المتمركز في العراق؛ ومع أن البعض يتوقع تحسن الموقف التركي إزاء الولايات المتحدة في حالة الاستجابة لطلبات رئيس الوزراء، إلا أنه بالنظر إلى عمق المشاعر المناهضة لأميركا التي تعمقت خلال السنوات القليلة الماضية، فإنه من غير المرجح أن ينقلب الرأي العام التركي بالسرعة المرجوة· فقد كشف استطلاع للرأي أجري مؤخراً من قبل مركز ''بيو للأبحاث'' أن 9 بالمائة فقط من الأتراك يتبنون نظرة إيجابية حول الولايات المتحدة (بتراجع عن 52 بالمائة عن العام 2000)، وهو الرقم الذي وضع تركيا في مؤخرة البلدان 46 التي شملها الاستطلاع· يوضح ذلك ''إحسان داغي'' -أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أنقرة- بقوله: ''لقد اعتاد الناس هنا النظر إلى أميركا باعتبارها تهديدا للأمن القومي التركي، وهو ما لم يكن يخطر على بال أحد قبل خمس سنوات، لكنها أصبحت النظرة السائدة اليوم''· وقد زاد من ترسيخ هذا التصور لدى الرأي العام التركي خلال السنتين الأخيرتين، صدور الكثير من الكتب والأفلام التركية ذات الشعبية الكبيرة التي تظهر أميركا وتركيا في خصام، بل وحتى في حرب· ويحذر المراقبون من التداعيات الخطيرة للنظرة السلبية التي يتبناها الرأي العام التركي على مستقبل العلاقات بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي· وفي هذا الإطار يضيف البروفيسور ''داغي'' قائلا ''لقد بات الاعتقاد السائد لدى الناس هو أن الولايات المتحدة لم تعد صديقة، أو حليفة''· وتأتي السلسلة الأخيرة من التطورات لتزيد من حدة التوتر بين البلدين من قبيل طرح مشروع قرار في الكونجرس الأميركي يعتبر المجازر التي ارتكبت في حق الأرمن خلال الأيام الأخيرة من عمر الإمبراطورية العثمانية إبادة جماعية، وهو ما ترفضه تركيا بشدة ويلهب المشاعر الشعبية· والأكثر من ذلك، جاءت الهجمات الأخيرة لمسلحي حزب العمال الكردستاني على القوات التركية لترسيخ الاعتقاد السائد على نطاق واسع بأن واشنطن لا تقوم بما يلزم للتخلص من حزب العمال الكردستاني بشمال العراق؛ وقد أدى ذلك بتركيا إلى حشد قواتها على الحدود مع العراق مهددة باجتياح المناطق الشمالية، رغم رفض الولايات المتحدة· وفي هذا الإطار كتب ''علي بولاك''، الصحفي في جريدة ''زمان'' ذات التوجه الليبرالي والإسلامي مقالا جاء فيه: ''لقد أصبحت الحقيقة الواضحة أن الخطر على تركيا لا يأتي من جيرانها، بل من حلفائها، وكل تطور جديد يضع تركيا في مواجهة مع حلفائها الغربيين''· ويضيف ''جوندوز أكتان''، سفير تركي سابق وعضو في البرلمان عن حزب ''العمل الوطني'' اليميني قائلا: ''يجتاح الرأي العام التركي شعور بالإحباط والغضب، لذا يريد الأتراك من الولايات المتحدة اتخاذ خطوات ملموسة ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، وأن تتفهم المشاكل التي نواجهها في تركيا''· بيد أن المراقبين يضيفون عاملا داخليا إلى المشاعر المناهضة لأميركا والمنتشرة على نطاق واسع في تركيا، يأتي في مقدمتها صعود حزب إسلامي معتدل إلى السلطة، ورجوع إشكالية التوفيق بين العلمانية والإسلام إلى السطح· وفي الوقت نفسه أدى تجدد الصراع مع حزب العمال الكردستاني إلى تسليط الضوء على المشكلة الكردية وطريقة معالجة التنوع الإثني ومصالحته مع المشاعر القومية المتجذرة في تركيا· ويعبر عن هذا الواقع ''عمير تاسبينار'' -مدير البرنامج التركي في معهد ''بروكينز'' الأميركي- بقوله: ''تجد تركيا نفسها اليوم محصورة بين الشرق والغرب، وبين الإسلام والعلمانية، وبين القوميتين التركية والكردية''، مضيفاً أنه ''منذ انتهاء الحرب الباردة تعيش تركيا المشاكل ذاتها التي واجهتها في الماضي، لكن تركيا تلقي باللوم على الغرب''· ويرى المراقبون من داخل تركيا وخارجها أنه باستطاعة أنقرة نزع فتيل الأزمة بإسقاط معارضتها التفاوض مباشرة مع حكومة إقليم كردستان العراق بزعامة قائدها ''مسعود البرزاني''؛ لكن البروفسور ''داغي'' من جامعة أنقرة يعتقد أنه من دون تدخل أميركي ضد حزب العمال الكردستاني ليس هناك من شيء تستطيع تركيا تقديمه لحلحلة الأزمة· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: أنقرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©