الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحكومة الأميركية... المسؤول الأول

12 نوفمبر 2007 01:46
ثمة حلقة ضائعة في النقاش الذي أثير حول سلوك شركة ''بلاكووتر'' الذي أودى بحياة مدنيين عراقيين أبرياء، فالواقع أن شركة الأمن لا تقوم سوى بتنفيذ ما نص عليه عقدها مع وزارة الخارجية الأميركية التي كلفت بحماية دبلوماسييها، ولذا لن يفيد في شيء وضع ''بلاكووتر'' والشركات الأمنية الأخرى العاملة في العراق تحت إشراف وزارة الدفاع كما أُعلن عن ذلك يوم الثلاثاء قبل الماضي· لقد تعرضت الشركة منذ ذلك الحادث لانتقادات عنيفة بسبب ما يصفه الكثيرون بالتكتيكات المفرطة في العنف التي تتبناها الشركة، غير أن الأمر ليس مرتبطاً بالاستخدام المفرط للعنف من قبل الشركة الأمنية، بقدر ما يرتبط بتشدد وزارة الخارجية الأميركية في عدم السماح بسقوط ضحايا من موظفيها في العراق وتفادي ذلك بشتى الوسائل والسبل· الحال أن هذه المقاربة تُضاعف من احتمال تكرار مآسي مشابهة لتلك التي حدثت في شهر سبتمبر الماضي، خاصة وإن إرسال عدد كبير من الدبلوماسيين والموظفين إلى العراق للمشاركة في عمليات إعادة الإعمار وبناء الدولة العراقية لن يمر دون دفع ثمن قد يكون باهظاً أحياناً، وهو ما بدأت وزارة الخارجية تدركه مؤخراً· اللافت أن الشعبة المسؤولة داخل الحكومة الأميركية على تعزيز العلاقات مع الحكومة والشعب العراقيين هي ذاتها المسؤولة عن تآكل الدعم العراقي وتلاشيه، لقد وضعت مصلحة الأمن الدبلوماسي التابعة لوزارة الخارجية الأميركية قواعد تنظم استخدام القوة من قبل المتعاقدين فيما يسمى بـ''سياسة مهام إطلاق النار''، وفي الشهر الماضي أوصت لجنة مصالح الحماية الشخصية في وزارة الخارجية الأميركية بتعديل القواعد المتشددة، ومنح ضمانات إضافية حتى لا تتكرر حوادث إطلاق النار العشوائية مثل ''الأخذ في الاعتبار سلامة المدنيين، وبذل الجهود لتجنب وقوع ضحايا منهم''· وفيما يتعلق بشركة ''بلاكووتر'' فقد نفذت أكثر من 16500 مهمة أمنية بموجب العقد الموقع مع وزارة الخارجية، ولم تلجأ إلى إطلاق النار سوى في 1% من تلك المهام· وطيلة تلك الفترة التي تولت فيها ''بلاكووتر'' حماية الدبلوماسيين الأميركيين كان المشرفون من وزارة الخارجية حاضرين وشاهدين على العديد من حالات إطلاق النار، ولم يعارضوا السلوك العدائي للشركة· ولا بد من الاعتراف أن وزارة الخارجية الأميركية تتحمل مسؤولية واضحة، فكما أكد ''إيريك برينس'' -المدير العام لشركة ''بلاكووتر''- بقوله: ''تقوم وزارة الخارجية بتحديد المهام وتخصيص السيارات وتوفير السلاح، وهم يقولون لنا أين نتوجه وماذا نفعل''، وحسب العقود الموقعة بين الطرفين، تسمح الوزارة بانتهاج أساليب عنيفة وتكتيكات متشددة في الدفاع عن الدبلوماسيين مما يزيد من احتمال سقوط مدنيين؛ ومن غير المرجح أن يؤدي استبدال ''بلاكووتر'' بشركة أخرى، في حين أن تطبيق ''سياسة مهام إطلاق النار'' مع قواعد القيادة المركزية للجيش الأميركي يعد أولى الخطوات على الطريق الصحيح· ومع أن نقل الإشراف على الشركات الأمنية من وزارة الخارجية إلى وزارة الدفــاع قد يساعــد على الأقـــل في تحديــد مقرات الشركــات في العراق ووجهات تحركها، إلا أن ذلك لن يضيف الكثير إذا ما استمرت الشركــات تتلقى أوامرها من الضباط المتعاقدين مع وزارة الخارجية· لقد فتحت وزارة الخارجية تحقيقاً داخلياً وأعفت رئيس مصلحة الأمن الدبلوماسي، إلا أن منح الحصانة للمتعاقدين المتورطين في عملية إطلاق النار العشوائية ببغداد يشكل سابقة خطيرة، لا سيما وأن مكتب الأمن الدبلوماسي هو المسؤول عن التعاقد مع ''بلاكووتر'' ومراقبة المهام التي تقوم بها، فالمتعاقدون يفترض بهم الخضوع لنفس المعايير والقواعد القانونية التي يخضع لها الموظفون الفدراليون، وإلا فإنه سيصبح من السهل على الحكومة ليس فقط تصدير مهامها إلى القطاع الخاص، بل أيضا إعفاءه من المسؤولية في حال تورطه· وفي هذا الإطار يبرز دور الرأي العام الأميركي والكونجرس اللذين يتعين عليهما ألا ينخدعا بمسألة تفويت المهام إلى المتعاقدين، والبحث عن المسؤولين الحقيقيين الذين ركزوا على حماية الموظفين الأميركيين وتهاونوا في الحفاظ على حياة العراقيين· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©