الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

سلطـان القـاسمـي: أعمـل على موسـوعة تروي تـاريخ الخليـج

سلطـان القـاسمـي: أعمـل على موسـوعة تروي تـاريخ الخليـج
17 ابريل 2016 19:20
سيف الشامسي (لندن) رغم ضجيج المكان وزحمة المتجولين من حولنا في معرض لندن للكتاب، إلا أن اللقاء مع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة خرج كعادته ممتعاً وشائقاً. كيف لا وأنت ترتوي من نبع صافٍ يفيض بالمعلومات والقصص التاريخية، ويسافر بك عبر الزمن وأنت جالس في مكانك. وعلى مدى ساعة ونصف الساعة، تمنينا لو طالت أكثر، سعدنا فيها ونحن نستمع إلى ردود صاحب السمو حاكم الشارقة على أسئلتنا في اللقاء الذي جمعه مع ممثلي وسائل إعلام الإمارات في ركن هيئة الشارقة للكتاب. خلال اللقاء، كشف لنا صاحب السمو حاكم الشارقة عن مشروع كتابه الجديد، وعن رأيه في الأحداث الجارية من حولنا، وأسباب عدم كتابته عن الأحداث المعاصرة، وكشف لنا عن العلاقة الطويلة التي تربطه بـ«صاحبة الجلالة»، الصحافة. ونبدأ من مشروع صاحب السمو حاكم الشارقة القادم، وهو مشروع كبير يعكف على العمل عليه حالياً، ويتمثل في إعداد موسوعة عن تاريخ الخليج منذ بدايات تكوينه في العصور الجيولوجية ولغاية الآن، يتناول مختلف المراحل المتعاقبة التي عاشتها المنطقة، ويركز على حصر تاريخ المنطقة منذ تكوين المجتمعات الحضرية في الخليج ولغاية الآن. وقال سموه: هذا العمل يهدف إلى إعادة كتابة تاريخ الخليج كله، منذ بدايات تكوينه الجيولوجي ولغاية الآن، ويتناول بالبحث والتسجيل الأقوام الذين تعاقبوا عليه، والأحداث التي شهدها ومرت عليه، وهو عمل ليس بالسهل ويحتاج إلى فترة طويلة من الزمن لإنجازه؛ لأنه عمل ضخم ويحتاج إلى توثيق الكثير من المعلومات، ولكن ما يهمني في هذه المرحلة أن أضع بذرة هذا المشروع، وفي المستقبل من الممكن أن يأتي من يكمل المسيرة ويضيف عليه. وأضاف سموه: «إن تاريخ منطقة الخليج يحتاج إلى توثيق شامل، خاصة أن هناك الكثير من الجوانب التي لم توثق بعد، كما أنه لا توجد الكثير من المراجع في هذا الجانب، والاستثناء الوحيد ربما يكمن في الموسوعة الإنجليزية عن المنطقة الخليجية، التي وضعت خلال فترة الاستعمار البريطاني للمنطقة. والتي قام بوضعها لورد كيرفي خلال وجوده في المنطقة سنة 1903. وقال صاحب السمو حاكم الشارقة: «لا شك في أن هذا العمل ضخم، ويحتاج إلى وقت من أجل إصداره، حيث أخطط لإصداره في سبعة مجلدات، ولكني حالياً لا أستطيع تحديد جدول زمني لإنجاز العمل، أو موعد صدور الجزء الأول منه؛ لأن هذا عمل فكري يحتاج إلى الكثير من البحوث معمقة، وأنا حالياً في مرحلة البحث». حاكم الشارقة والصحافة وتطرق صاحب السمو حاكم الشارقة في الحديث إلى علاقته بالصحافة، حيث كشف عن أن لديه علاقة طويلة بـ«صاحبة الجلالة»، حيث عمل في أواخر الخمسينيات، مراسلاً لمجلة آخر ساعة، من خلال تزويدهم بالأخبار والمعلومات عن كل ما يدور في الشارقة، خاصة في ما يتعلق بالتصدي للاستعمار الإنجليزي. وقال سموه،: «علاقتي بالصحافة بدأت بالمصادفة عن طريق جلال عارف، الذي كان يقوم برحلة من مصر إلى نيودلهي سنة 1956، ويومها كان الطيران المصري يتوقف خلال الرحلة في مطار الشارقة، وعند توقفه في الشارقة كان يبحث عن الأخبار والمعلومات عن المنطقة ليرسلها إلى المجلة، وقد التقيت به واتفقنا على أن أقوم بتزويد المجلة بالأخبار والتقارير عن الشارقة». وأضاف سموه: «كل ما نشر في تلك الفترة في (أخبار الساعة)، كنت أنا مصدره، حيث كنت أقوم بتزويدهم بالمعلومات باستمرار، مدفوعاً برغبتي في التصدي للاستعمار الإنجليزي، وكشف أساليبه، خاصة أنني كنت من ضمن المشاركين في الأعمال النضالية ضده، وكنت أقوم بإرسال الأخبار عن طريق الأشخاص في البداية من الشارقة، تحت اسم مستعار، وبعد ذلك لكي لا ينكشف أمري بأنني المصدر وراء تلك التقارير التي تكتب في المجلة، قمت بإرسالها عن طريق الكويت بدلاً من الشارقة مباشرة». وأضاف سموه: «بعدها، أسست مجلة اليقظة في سنة 63، وقد كنت أكتبها كاملة (يقول وهو يبتسم)، كنت أكتب الأسئلة وأقوم بالإجابة عنها، وفي تلك الفترة تواصلت مع خليفة النابودة من أجل طباعتها بمطبعته في بر دبي، واستمرت المجلة لمدة محدودة من الزمن. كما قمت بإصدار صحيفة مدرسية، بنسختين واحدة بالعربية والأخرى بالإنجليزية». زيادة الوعي وعن رأيه في الصحافة في الوقت الحالي بالمقارنة مع حالها في السابق، خاصة مع وجود بعض الآراء التي ترى أن وضعها السابق كان أفضل من الحالي خاصة ناحية طرح القضايا، قال سموه: «المرحلة في السابق كانت مختلفة تماماً عن المرحلة الحالية، في السابق كانت الصحافة مندفعة مع محيطها والمتمثل في المد القومي العربي، ولم يكن هناك من يحاسبها على ما تقول وما تكتب، باعتبار أن الناس كانوا بسطاء في تلك المرحلة، لكن الوضع حالياً اختلف بتاتاً، ودرجة وعي القراء زادت عن قبل، ولم يعد بالإمكان تقديم أي شيء للجمهور المتلقي إن لم يكن مدعوماً بالحجج والبراهين القوية التي تدفع القراء لتصديق الصحيفة». وفي هذا الصدد، جدد صاحب السمو حاكم الشارقة دعوته الدائمة لوسائل الإعلام للتعامل بمهنية في طرح القضايا، والبعد عن كل ما يسيء ولا يفيد، معتبراً أن النقد البناء خير وسيلة لعلاج الأخطاء وتصحيح أوجه القصور، بينما اعتماد أسلوب التجريح والإثارة لا يفيد ولا يساهم في تصحيح أي خطأ، كما أنه لا يخدم المجتمع ولا الصالح العام. عام القراءة طالب صاحب السمو حاكم الشارقة، بأن تكون كل أعوامنا مخصصة للقراءة، معتبراً أن القراءة عادة دائمة ترافق صاحبها باستمرار في مختلف الأوقات، وقال سموه: «القراءة من أحب الأمور إلى قلبي؛ لذلك أول شيء أفعله في يومي منذ الصباح الباكر هو القراءة، وإذا أردنا أن ننشئ جيلاً قارئاً علينا أن نزرع حب القراءة في نفوس النشء منذ الصغر، وهو ما تفعله الشيخة بدور في دار كلمات، بالتوجه إلى كتب الأطفال واليافعين، ونشر القراءة بينهم». واستطرد سموه: «هذا ما أحاول أن أفعله من خلال المشاركة الدائمة في برنامج البث المباشر، وهي الاستفادة من هذا المنبر في توجيه الشباب والمجتمع، وفق جرعات بسيطة؛ لأن تغيير المجتمع لا يمكن أن يحصل دفعة واحدة، أنت لا تستطيع أن تقول للمجتمع اذهب يميناً أو يساراً وتتوقع أن يمتثل». الكتابة عن الحاضر وتناول صاحب السمو حاكم الشارقة أسباب تفضيله الكتابة في التاريخ، وعدم التعليق وتناول الأحداث الحاضرة في الكتب المتعددة التي أصدرها، بالقول: «إن الصراع الدائر من حولنا ليس له مثيل، وليست هناك حقيقة مؤكدة يمكن أن يستند عليها الكاتب في تناول الأحداث الحالية، بالإضافة إلى أن التاريخ لا يكتب وقت حصوله، ولكن يكتب بعد فترة وبعد أن تهدأ الأمور وتنجلي الحقائق كافة». وأضاف: «زمن الأحداث لايكتب فيها أي شيء؛ لأنه لو كتبت فيها فإنك ستنحاز إلى جهة على حساب أخرى، وعلى سبيل المثال لو كان المؤرخ يكتب بعد الهزيمة والانتصار، فإنه سينحاز للجهة المنتصرة على حساب الخاسرة، والكثير من المسجلات في التاريخ كتبت خطأً؛ لأن من يكتب لمصلحة السلطان لا يكتب الحقيقة، وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون بالخلط بين كتابة التاريخ وبين سرد الأحداث، كاتب التاريخ الحقيقي المتحرر من أي ميول لا يكتب في زمن الأحداث، ولكن يكتب بعد فترة من نهايتها وظهور نتائجها كافة، كي يستطيع أن يقدم مادة توثق التاريخ وليست مادة تشرح الأحدث الجارية من حوله؛ لذلك كل كتاباتي هي توثيق لأحداث سابقة، بداية من كتاب سرد الذات الذي كنت أتحدث فيه عن تجربتي الشخصية، مروراً بـ(حديث الذاكرة) بأجزائه المختلفة، وهو عمل توثيقي عن دولة الإمارات والشيخ زايد، ومسيرة قيام دولة الاتحاد، كما أنني لا أكتب عن الأحداث الحاضرة تجنباً لإثارة الحساسيات، ربما لو كنت في موقع غير موقعي الحالي لفعلت، لكن موقعي الحالي يمنعني من ذلك لكي أرفع الحرج عن الآخرين، بصفتي حاكماً فإن الكثيرين لن يستطيعوا الرد على كتاباتي وأنا لا أريد أن أكمم الأفواه». شهادات تاريخية تطرق سموه بالحديث إلى الأسباب التي تدفع الكثيرين من الشخصيات في الإمارات إلى تجنب كتابة سيرهم الذاتية وتقديم شهادتهم التاريخية على المرحلة التي عاصروها على الرغم من التجارب الثرية التي يملكونها، والتي يمكن أن تساعد على كتابة تاريخ المنطقة والإمارات بشكل أفضل، بالقول: «نحتاج إلى جهة تقوم باستكتاب هذه الشخصيات، لأن بعضهم لا يمانع في كتابة سيرته الذاتية لكنه لا يعرف كيف، باعتبار أن ملكة الكتابة ليست موجودة عند الجميع، وأعتقد أنهم يحتاجون إلى من يساعدهم في صيغة مسيرتهم ووضعها في كتاب، وهذا أمر طبيعي، لأن الكتابة تحتاج إلى أشخاص متمرسين، يعرفون كيف يتعاملون مع المعلومة ويحسنون توظيفها في المكان المناسب. ليت قومي يعلمون وانتقل الحديث إلى المعاني الموجودة في أعمالة الأدبية والروائية، وهل هي تمثل نوعاً من أنواع الإسقاط على الواقع المعاش من حولنا والأحداث الجارية فيه، قال صاحب السمو حاكم الشارقة: «في كل عمل هناك معنى ورسالة توجه، كما أن الروايات تمنح الكاتب الفرصة للتفريغ عن ما يدور بداخله، انظر إلى مسرحية «عودة هولاكو» التي صدرت في سنة 1998 وإلى الأحداث التي أعقبتها سنة 2003 باحتلال بغداد، وانظر إلى مسرحية «الحجر الأسود» التي صدرت قبل أربع سنوات، وإلى الأحداث الجارية في وقتنا الراهن والاحتقان الطائفي الذي تعيشه بعض المناطق في الخليج، وأنا دائما أردد ليت قومي يعلمون». وحول دعوته التي أطلقها خلال حفل تدشين النسخة الإنجليزية من كتابه «تحت راية الاحتلال» بضرورة إعادة كتابة تاريخ شركة الهند الشرقية ودورها الاستعماري في المنطقة، وهل يعني ذلك ضرورة إعادة كتابة تاريخ الإمارات والمنطقة، قال سموه: «في الحقيقة من الصعب كتابة تاريخ المنطقة لان لدينا حساسية كبيرة في التعامل مع الأمور التاريخية، بعكس الحال من الإنجليز، ونظرا إلى الجدل الذي أثاره كتاب بيان الكويت، وربما تعرف رأيي أكثر في هذا الموضوع من خلال كتاب تحت راية الاحتلال».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©