الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا المزهوة بنفسها... ترحب بساركوزي رغم بقاياه الديجولية

أميركا المزهوة بنفسها... ترحب بساركوزي رغم بقاياه الديجولية
10 نوفمبر 2007 01:02
بزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لنظيره الأميركي جورج بوش، وتجوالهما معاً في مقر الأخير بـ''ماونت فيرمون''، يخط الاثنان أكثر من مجرد بداية لتحسن كبير في علاقات باريس بواشنطن· هذه الزيارة -خاصة وأنها تأتي في ظل الحرب الأميركية الجارية على العراق- إنما ترمز إلى عودة التوازن والاستقلالية في العلاقات الفرنسية الأميركية· فمثلما احتاجت واشنطن إلى حليفتها الفرنسية في الأمس البعيد، بغية مساعدتها في كسر احتكار بريطانيا للتوسعات الاستعمارية، فإن فرنسا اليوم تفضل تلك الصديقة الأطلسية المتفهمة والمتمسكة مع صداقاتها في القارة الأوروبية الحديثة· كانت العلاقات الفرنسية-الأميركية قد طالها خراب هائل جراء المعارضة المتشددة التي أبداها الرئيس الفرنسي السابق ''جاك شيراك'' للغزو الأميركي للعراق؛ بيد أنه بدا واضحاً كذلك، أنه قد تم تمكين الرئيس الفرنسي الجديد ''ساركوزي'' -ذي الميول الواضحة نحو واشنطن- من التعبير عن مدى تعلقه وحبه لأبناء العم سام نتيجة لتغير الظروف السياسية التي أحاطت بشن الحرب على العراق· وضمن هذه التغيرات، لم تعد أميركا اليوم التي يزورها ''ساركوزي'' هي أميركا ما قبل الحرب، التي تعين فيها على ''شيراك'' أن يتعامل مع دولة متغطرسة ومزهوة بعظمتها إلى حد الجنون· أما اليوم فقد أتيحت لـ''ساركوزي'' زيارة دولة بدت أكثر تواضعاً وقدرة على التعامل مع حلفائها الغربيين· فوفقاً لرأي ''سايمون سيرفاتي'' -مدير البرنامج الأوروبي بـ''مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية'' بواشنطن- فقد صادفت زيارة ''ساركوزي'' هذه لأميركا لحظة مهمة في الشراكة بين البلدين لسببين رئيسيين؛ أولهما أنه كان في اعتقاد واشنطن سابقاً، أن في وسعهـــا القيـــام بواجباتها والتزاماتهــــا الدوليـــة منفردة، وكما نرى فقد ولّى زمن القطبية الأحاديـــة هذه، ما حمل واشنطن على الاعتراف بحاجتهــــا للحلفــــاء· وثانيهما بروز فرنسا نفسها في عهد رئيسها الجديـــد، باعتبارها الحليف الأكثر قدرة على الوقوف إلى جانــب واشنطن ودعمهــا في تحقيق ما تسعى إليه· يذكر أن إيران احتلت أهمية قصوى في جدول أعمال الرئيسين ''بوش'' و''ساركوزي'' خلال الزيارة، وقذ اتفق كلاهما على ضرورة منع طهران من الحصول على ما تسعى إليه من الأسلحة النووية،· ومن جانبه فقد أمّن ''ساركوزي'' على سياسة الرئيس ''بوش'' الرامية إلى تبني سياسة فرض العقوبات الموازية على طهران -خارج إطار الأمم المتحدة- أي من جانب أميركا من جهة، والاتحاد الأوروبي من الجهة الأخرى حسب فهم ''ساركوزي'' لمعنى توازي العقوبات· ليس ذلك فحسب، بل وجدت سياسات إدارة بوش الحالية، الرامية لإيجاد حل سلمي للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، دعماً كبيراً لها من قبل القيادة الفرنسية اعتباراً من بدايات العام الحالي· والمعروف عن ''ساركوزي'' أنه الأكثر ولاءً لإسرائيل بين كافة الرؤساء الذين تعاقبوا على قصر الإليزيه خلال عدة عقود مضت؛ ومما لا ريب فيه أن هذا الولاء لإسرائيل سوف يلقي بتأثيراته على الدور الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي بين بقية قوى الرباعية الدولية الأخرى ''الولايات المتحدة الأميركية، الاتحاد الأوروبي، روسيا، والأمم المتحدة''· وعلى حد قول ''سيرفاتي'': إن ساركوزي هو الرئيس الفرنسي الأول منذ عام ،1967 الذي تعرب تل أبيب عن محبتها له حقاً· أما من جانبها، فإن من الطبيعي أن تحدد واشنطن توقعاتها من هذه الزيارة الفرنسية فيما يتصل بتجديد دماء العلاقات الأميركية-الفرنسية، فإلى جانب زيارة ''ماونت فيرمون'' فإن مخاطبة ساركوزي لجلسة مشتركة لكلا مجلسي الكونجرس الأميركي شكلت لحظة خاصة هي الأخرى، ليس أقلها عودة ''المقليات الفرنسية'' إلى قائمة الأطعمة المقدمة في الكونجرس، بعد توقفها لفترة طويلة بسبب الموقف الفرنسي من الحرب إبان إدارة شيراك· لكن وعلى رغم بوادر التفاؤل هذه في عودة العلاقات الفرنسية الأميركية إلى طبيعتها، هناك من المحللين من حذر من مغبة الإفراط في التفاؤل، ومن هؤلاء ''تشارلس كوبشان'' -أستاذ وخبير السياسات الخارجية بجامعة جورجتاون بواشنطن- الذي يرى أن ميول ''ساركوزي'' الواضحة نحو الولايات المتحدة الأميركية، لا تعني تحــرره من تلك النزعــة الديجولية الفرنسية الراسخة، التي لا تنطفئ فيها نار الطموح المستمر إلى إبراز دور فرنسا والاتحاد الأوروبي، كقوتين منافستين وموازيتين لأميركـــا· هوارد لافرانشي محرر الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©