الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فيلم الشاب فرويد في غزة يعرض معاناة شعب في مشهد عام

فيلم الشاب فرويد في غزة يعرض معاناة شعب في مشهد عام
28 ابريل 2009 03:29
''يريد المرء أن ينهض ويصرخ من الغضب والحزن والإحباط''•إنه فيلم ''يحرق مثل إشعاع ليزر''• هذه عينات من عناوين لمقالات نقدية كتبها محررو صفحات السينما في الصحافة السويدية عن فيلم ''الشاب فرويد في غزة''• وبسبب جودته وتناوله لحياة الناس في المدينة، التي عاشت أحداثاً مأساوية، أخرها الهجوم الشرس الذي شنته إسرائيل عليها قبل أشهر، أعيد عرضه في أكثر من مدينة سويدية، ضمن إطار فعاليات تضامنية وأخرى ثقافية، إلى جانب عرضه الأول في دور ''سينما الشعب''، المتخصصة بعرض الأفلام غير التجارية والخارجة عن هيمنة سوق العرض الهوليودي• ومع أن الفيلم قد أنتج قبل أحداث غزة فإنه كسب معنى إضافيا بعدها• لأنه ببساطة يتابع، الظروف القاسية التي يعيشها الناس هناك، والتي لم تتغير، بل زادت سوءا عما كانت عليه، حين جاء المخرجان السويديان بيو هولمكفيست وسوزان خادرليان، قبل أكثر من سنتين إلى غزة ليسجلا يوميات الطبيب النفساني عايد الحمداني، ويعرضا من خلاله الحياة التي يعيشها الفلسطينيون• من خلال العينات، التي يستقبلها عايد في عيادته، أو بالأحرى التي يذهب إليها أغلب الأوقات، يتعرف المشاهد على تفاصيل المشهد العام لحياة قاسية، أقل ما يقال فيها إنها مدعاة لتأزمات جسدية ونفسية، لا تحتاج لطبيب واحد يعالجها، بل إلى مليون طبيب نفساني، كما يقول عايد نفسه• فمرضاه هم من كل الفئات والانتماءات: نساء، أطفال، مقاتلون، وعاطلون عن العمل• كل منهم وجد نفسه في وضع نفسي صعب يتطلب مراجعة عايد• وعايد من جانبه كان يتفهم معاناتهم فيتحمس لمعالجتهم، وفق طريقته الخاصة التي تنبع من استقلاليته وحياديته المهنية• ولأنه شاب، يبلغ الثامنة والعشرين من العمر، ويتمتع بقدرة عالية على الإقناع ويمتن بأسلوبه العلاجي الصبور الثقة بينه وبين مراجعيه، اختاره المخرجان ليكون نقطة استقطاب تتبلور من خلالها صورة واضحة عن الناس والظروف الاقتصادية والسياسية التي تحيط بهم• فالنساء هن أكثر الشرائح تأثرا بالأوضاع السيئة التي تحيط بهن، وبالتالي تنعكس بدرجة واضحة على أطفالهن، ولهذا هن الأكثر ترددا على العيادة• وعلى المستوى السياسي نلمس التناقض والتباين الكبيرين في وجهات النظر التي يحملها الرجال، على وجه الخصوص، فيما يتعلق بالتعامل مع عدوهم أو مع الجهات السياسية التي ينتمون إليها• كل هذا تتابعه الكاميرا بطريقة غير مباشرة• ستكتفي بمتابعتها رحلة عمل الطبيب عايد اليومية إلى عيادته، أو زيارته لمرضاه في منازلهم• لتلتقط وتلتقي بكل عينات المجتمع• كل حالة منها تعطينا فكرة كافية عن طريقة تفكير صاحبها• والمكان نفسه يعبر، دون مباشرة أيضا، عن أحاسيس ساكنيه ويفضح مشاعرهم• فالشارع الذي يشهد اشتباكات مسلحة بين عناصر حماس والسلطة، يعبر خير تعبير، عن الخلاف السياسي الحاد بين الفلسطينيين أنفسهم، وعصبية الأطفال تعبر بدورها عن التأزم النفسي وانعكاس حالة البيت على سلوكهم• باختصار يمثل عايد ومرضاه حالة شعب بأكمله، وهنا تكمن جودة العمل السينمائي• فالمخرجان لم ينجرا إلى إغواء عرض المشهد الحياتي بصورته البائسة، والتي كررتها وسائل الإعلام، ولو انجرا إليها لجاء شريطهما كواحد من الريبورتاجات التلفزيونية المكررة• إن صدق التعبير والعفوية التي يتمتع بها عايد وفرت امكانية كبيرة لصانعي الفيلم وحققت لهما مبتغاهما في صنع فيلم محايد وموضوعي وكبير التأثير على مشاهديه• بدون شك ساعدت خبرة هولمكفيست الذي أشتعل أعمالا سابقة عن القضية الفلسطينية منها؛ ''غيتو غزو'' عام ،1948 في إنجاح عمله الجديد• كما شكل مع خادرليان ثنائي موحد الرؤية لموضوع حساس لكنه حيوي سينمائيا، وساعد تفاهمهما في توسيع دائرة التسجيل البصري• فأمتد عميقا وواسعا ليغطي مساحة كبيرة من الموضوع، الذي يمكن القول إنه اشبع بحثا بصريا، وكانت محصلته: إقبال جماهيري كبير وإطراء نقدي واسع يفخر كل مخرج سينمائي بالحصول عليه•
المصدر: ستوكهولم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©