الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحلام مجنونة!

13 فبراير 2011 21:36
اندهشت كثيراً، وعجزت عن التعليق بكلمة واحدة، عندما سألت ولدي يوماً بعد أن انتهى من قراءة كتاب “ألف ليلة وليلة”، وأجابني دون تفكير: “الكتاب ليس إلا مجموعة أحلام بسيطة من الناس الفقراء الذين يجوعون بطبيعتهم إلى الطعام اللذيذ، والقصر الفخم، والمرأة الجميلة.. إنها عبارة عن أحلام مجنونة”!. .. لا أعرف لماذا وضعتني هذه الإجابة أمام محاولة تفسير القول الشائع: “المجانين في نعيم”، وحاولت أن أستقرئ مغزاه رغم يقيني بأنه يتعارض مع حقيقة نعمة “العقل” الإلهية. ففي أحيانٍ كثيرة أشعر بأن أكثر الناس راحة في هذه الدنيا هم المجانين!. ولما لا ..؟ فهم يعيشون في حلم مستديم، ويعيشون الدنيا كما يرغبون وكما يشتهون. فهم ليست لديهم ضغوط أو مشاكل أو هموم أو حتى أحلام. وإذا وجد الشخص المجنون الناس حوله لا يفهمونه ولا يستجيبون له ولا يتفاعلون معه، وصفهم هو بالمجانين، وأنه هو نفسه العاقل الوحيد في هذا العالم. فالإنسان دائماً يعاني من صراع نفسي عنيف كامن في أعماقه، فهو يرغب ويتمنى ويشتهي أموراً كثيرة، لكن الحياة الاجتماعية تضطره أن يكبتها ويخفيها. فالآداب الاجتماعية تفرض عليه نوعاً معيناً من السلوك، لكن غرائزه العارمة تدفعه إلى مخالفة ذلك السلوك. ومن ثم يعاني صراعاً نفسياً أليماً. لكن الطبيعة هيأت للإنسان مخارج عديدة يخفف بها شدة هذا الصراع، منها النوم والأحلام، فنعمة النوم راحة بدنية ونفسية في آن واحد. ولولاه لهلك الإنسان. وبه أيضاً يشبع رغباته المكبوتة أو ينفس عنها فالأحلام تعد “صمام أمان” يحمي النفس من الانفجار. والأحلام من الألغاز التي تحير الإنسان، فإذا كان الشخص الكبير يحلم متأثراً بما يجري له في حياته اليومية، فالسؤال الذي يطرح نفسه:” لماذا يحلم الطفل الرضيع، وإلا كيف نفسر ابتسامة طفل نائم لا يتعدى عمره بضعة أيام؟. .. يقال إن الحُلم عبارة عن نسيج من الأحداث ـ أشبه بشريط سينمائي يستعرضه المخ، ويأتي أثناء النوم على شاشة اللاشعور، أو اللاوعي، عندما يكون الشعور غائباً والعقل الباطن حاضراً، بخلاف أحلام اليقظة التي تترجم في صور آمال أو طموحات يتطلع إليها الإنسان ويحلم بتحقيقها على أرض الواقع وهو في حالة يقظة. ويقول عنها “فرويد” إنها هبة من الله، لأنها عبارة عن عملية تهريب للرغبات المكبوتة بدواخلنا، وهي أهم وسيلة ينفث بها الإنسان عن نفسه وعن الضغوط التي يواجهها، إنها بمثابة العلاج النفسي الخفي”! .. مصيبة الإنسان أنه يشعر بوجود الناس حوله، ويتأثر بالرقابة المفروضة عليه منهم. وهو لا يندفع في تيار رغباته وأفكاره الخاصة مخافة أن يضحك عليه الناس أو يعاقبونه. لهذا فهو يلجأ إلى الأحلام ليستعيض بها عن الدنيا التي لم يجد نفسه فيها، ويخلق لنفسه دنيا أخرى رحبة ومتسعة يرغبها ويشتهيها، قليلاً أو كثيراً. ومن هنا جاءت مقولة “كل إنسان مجنون في منامه”!. .. على أية حال، الحلم حالة إنسانية رائعة، وليس بوسع أحد مهما كان أن يحجر على أحلام الآخرين حتى وان كانت أحلامهم نوعاً من الجنون! خورشيد حرفوش kho rshied.harfo sh@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©