الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الاستغناء عن الفقهاء ضرور..· ولا يتبعهم إلا جاهـل!

الاستغناء عن الفقهاء ضرور..· ولا يتبعهم إلا جاهـل!
9 نوفمبر 2007 02:08
يعد الدكتور أحمد مبارك البغدادي أستاذ الفكر السياسي الإسلامي بقسم العلوم السياسية في جامعة الكويت من أبرز المفكرين والكتاب الليبراليين على المستوى الخليجي والعربي، ويدخل دائماً في سجال وحرب ضروس -من خلال أعمدته ومقالاته الصحفية على صفحات الجرائد- مع خصومه الإسلاميين· مشكلته الأكبر مع الإسلاميين -أو أصحاب التيار الديني كما يفضل أن يسميهم- هي أنهم ينطلقون في مبادئهم وأفكارهم من أساس المرجعية الدينية والتي يعتقد أنها لا ترتقي إلى مستوى بناء حضارة إنسانية، بينما هو ''الديمقراطي'' ينطلق في مبادئه وأفكاره من أساس الليبرالية والعلمانية، وبالتالي لا توجد أرضية مشتركة تجمع بينه وبين الإسلاميين· يتبنى البغدادي مواقف ''متشددة'' من الفقهاء وتفسيراتهم الدينية المستمدة من ''الكتب الصفراء''، ويرى أنهم حوّلوا حياة الناس إلى جحيم؛ لأنهم يخاطبون الناس بأسلوب التهديد والوعيد والتحذير من عذاب الله، ويدعو إلى الاستغناء عنهم، بل وإلى منع برامجهم الدينية في وسائل الإعلام· الحوار التالي مع البغدادي يأخذك -عزيزي القارئ- إلى عالم أفكاره وتصوراته حول الدين والحياة·· ولك الحرية في تبني آرائه أو رفضها: ؟ أنت متهم بالتطرف والتشدد في مواقفك تجاه خصومك من أصحاب التيار الديني، بالرغم من أنك تدعو إلى التسامح مع الآخر بغض النظر عن دينه وخلفيته الفكرية، إلا أنك حاد جداً في التعامل مع الإسلاميين؟ ؟؟ هناك فرق بين الحدية والتطرف، فالحدية قد تكون جزءاً منه بسبب الطبيعة الشخصية إلا أن التطرف، أو ما أفضل أن أسميه التشدد، فهو أنني عندما أعتقد أن وجهة نظري صحيحة ولي أدلة تؤيد موقفي هذا، ومن ثم أرفض الطرف الآخر إذا كان لا يريد أن يناقش الحجة بالحجة· وبالنسبة للتيار الديني، فهو للأسف الشديد يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، ويصدر الأحكام على الآخرين· وللأسف فإن بعض الدول العربية تساند التيار الديني من خلال القوانين ولا يتركون لي كمثقف خياراً سوى المواجهة· وإذا كان الطرف المقابل غير متسامح فليس أمامي إلا أن أكون بدوري كذلك· فأنا لست من الذين يرون الحلول الوسط في حياتي الشخصية وعلى مستوى علاقاتي مع الآخرين، وأبتعد عن المنطقة الرمادية· هناك من يعيب عليّ ذلك ولكنني أستاذ جامعي ولست سياسياً، ولو كنت سياسياً لقبلت بالحلول الوسط حسب ما تمليه المصالح، أما في حالتي هذه فإن الأمور بالنسبة لي إما أسود أو أبيض· وعلى الآخرين أن يتقبلوا هذه الحقيقة أو يردوا عليها بالحجة· دعم السلطة ؟ كيف تتهم الأنظمة العربية بأنها تؤيد التيار الديني، وفي واقع الحال هناك أمثلة عديدة على الظلم الذي وقع على هذا التيار، وأبرز مثال على ذلك في الوقت الحاضر قانون الطوارئ في مصر، ألا يعمل به منذ 35 عاماً، لصد الإخوان المسلمين؟ فيما تمارس أنظمة أخرى ممارسات عديدة بحق التيار الديني· ؟؟ لا·· المسألة ليست كذلك، عليك النظر إلى القوانين، فهي في الغالب تصب في صالح الفكر الديني· على سبيل المثال- لا الحصر- قانون الجزاء يجرم الفكر إذا مثلاً تم انتقاد التاريخ الإسلامي أو تفسير ديني معين فإن ذلك يعرض الشخص إلى المحاكمة والغرامة أو السجن، وكلها أحكام متشددة تصب في صالح التيار الديني· وكمثال آخر يوضح كيف أن الحكومة مع التيار الديني، فعندما يأتي فقيه ويكفر الطرف الآخر، وهذا التكفير يفتح باب التحريض على القتل، لا تقبل الحكومات الشكوى ضد هذا الفقيه باعتباره محرضاً على القتل، لأنه ينطلق من رأي ديني· وأيضاً مسألة قتل المرتد، أنا أرى أن المرتد يجب ألا يقتل، وأن الحديث حديث آحاد لا يؤخذ به في الأحكام، وهذا الفقيه يمكن أن يقف على المنبر ويكفر من يشاء ويحرض ضد من يشاء تحت سمع وبصر الحكومة، والتي بدورها لا تحرك ساكناً· فالقول إن الحكومات تضطهدهم غير دقيق، وإنما سعيهم إلى السلطة هو الذي يدفع الحكومات في أن تواجههم، لأن السلطة تدافع عن نفسها ولا تدافع عن المجتمع· ولكن من الناحية المالية والاجتماعية فإنهم يتمتعون بالكثير من المميزات·· انظر إلى مؤسساتهم الاجتماعية ولجانهم الخيرية التي تتزايد وتنتشر باستمرار·· كل الأمور تشير إلى أنها تصب في صالحهم· ؟ إذاً، هل تعتقد أنهم يزدادون انتشاراً أم أنهم وصلوا إلى حد معين لا يستطيعون التقدم من بعده؟ ؟؟ أنا أعتقد أنهم لا يكتفون بما حصلوا عليه ويريدون المزيد·· أعني، من الذي يأخذ المثقفين إلى النيابة والمحاكم؟ هم أتباع التيار الديني، ومن الذي يطبق نظام الحسبة كما يدعون؟ أتباع التيار الديني، وقس على ذلك· إقصاء الخصم ؟ ألا يفهم من هذا الطرح أنك تدعو إلى إقصائهم، وكأنهم نبتة سرطانية يجب استئصالها من جسد الأمة؟·· بعبارة أخرى كيف ينبغي أن تتعامل معهم الحكومات؟ ؟؟ لا أدعو إلى ذلك·· وإنما أعتقد أن الدولة الديمقراطية أو المدنية يجب ألا يكون فيها مرجعية دينية·· أي لا تحدد الديانة في هويات المواطنين، ويجب إذا كان على السنة الحق في مناهج التعليم أن يكون الأمر كذلك للفرق الدينية الأخرى ويجب احترام أصحاب الديانات غير السماوية·· إذا هم رفضوا ذلك فإنهم يضعون أنفسهم كما يقال في علم السياسة خارج نطاق العقد الاجتماعي· ذلك العقد الذي يضمن أننا نعيش بسلام ونعيش بتناغم وانسجام، ومن يرفض ذلك يجب استبعاده· انظر إلى أوروبا التي هي أم الديمقراطية هل يحق لرجل الكنيسة أن يقوم بالتصويت أو الترشيح؟ لا يحق له ذلك، ومع ذلك هي أم الديمقراطية! هل مجلس الوزراء يصدر قوانينه وتشريعاته وفقاً للدستور أم المرجعية الدينية؟ لكن التيار الديني عندنا يريد أن يطبق المرجعية الدينية في أمور حياتنا كلها· لذلك، إذا كان الأمر بيدي، وكانوا يصرون على أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة الذي يعتمد على الدين، فإني سأستبعدهم من المناصب التي تصنع القرار، وسأراقب أنشطتهم· أما إذا قبلوا بالعقد الاجتماعي فأهلاً وسهلاً بهم· العقد الاجتماعي ؟ من الذي يصيغ العقد الاجتماعي في نهاية الأمر، ففي الوقت الذي ترى فيه أنت العقد الاجتماعي بصورة معينة، يراها غيرك بطريقة أخرى! ؟؟ العقد الاجتماعي نظرية وضعت حول تأصيل نشأة الدولة، لأنه عندما كانت الدولة في الغرب لها أصل مقدس عند الكنيسة، جاء المفكرون وقالوا إن الدولة شأن دنيوي، وإن الناس اتفقوا على أن يعيشوا بينهم بسلام، وإن الدين هو العنصر الذي يفرق بينهم، لأن الصراعات الدينية هي الأشد دموية، لذلك ناضل المفكرون والفلاسفة في الغرب حتى اتفقوا على استبعاد الكنيسة وفصلوا بين الدين والدولة، وبالتالي هم تقدموا وجميع الدول الدينية تخلفت وتأخرت· هذه حقيقة لا جدال فيها ولا تعني أن نتخلى عن الدين، وإنما لا يجب أن يكون للرأي الديني القول الفصل في قضايانا اليومية· وبالتالي فإن الجماعات الدينية لا تريد أن تكون في وضع متساو مع بقية الشرائح، وتريد أن تتفوق عليها· ؟ إن أتباع التيار الديني يبنون مواقفهم بناء على فكر وأيديولوجية يختلف عن الذي تطرحه، ويعتقدون أن لهم الحق في أن يدافعوا عن فكرتهم التي يؤمنون بها·· ويريدون إقامة الحكم الرشيد في الأرض؟ ؟؟ إذا كانوا مصرين على ذلك تأكد أنه لن يستطيع تحقيق ذلك في السر، ولابد أن يدخلوا في حرب ضروس مع المجتمع·· ؟ وماذا إذا حصلوا على تأييد المجتمع؟ üü إلى الآن أعتقد أن هذه الفرضية غير صحيحة·· فالمسلمون يلهثون وراء الأموال التي تمتلكها الجماعات الدينية، بدليل أن كل ما يتصل بالثقافة والفنون والأدب لم يتقدم الإسلامييون فيه خطوة واحدة· وأكثر ما نجحوا فيه البنوك الإسلامية المقتبسة من الغرب، وتوزيع الإحسان على الناس· هذا كل نجاحهم، وهو في النهاية لا يؤدي إلى شيء· ؟ تقصد أنه ليس لديهم مشروع حضاري؟ ؟؟ إطلاقاً، ولا يوجد لديهم حتى تصور لكيفية إقامة الخلافة، ومنهم من لا يرى ضرورة ذلك كالتغير الذي حصل في الإخوان المسلمين في مصر، حيث تقدموا بإنشاء حزب جديد حتى يبعدوا عن أنفسهم شبهة الحكم·· فهم في نهاية الأمر إن لم يقتنعوا بالدولة المدنية فلن يستطيعوا أن يقيموا الدولة الدينية· ولذلك فهم يرفضون مقارنة دولتهم بدولة طالبان أو التجربة السودانية، فإذا غيّر الإسلاميون ذلك في منهجهم وعملوا على توظيف الدين في الصالح العام دون أن يؤذوا الآخرين، عندها سيصبحون جزءاً من المنظومة الاجتماعية· أما أن يضعوا أنفسهم فوق المنظومة الاجتماعية، فأعتقد أنه يجب أن نخالف ذلك· ؟ هل هناك اتصال بينك كمفكر ليبرالي وبين الإسلاميين، وهل سعى أي منكما إلى الجلوس مع الآخر للمناقشة والتحاور للاتفاق على نقاط مشتركة؟ ؟؟ لا يوجد أي اتصال بيننا· فأنا مع الديمقراطية وهم ضد الديمقراطية، أنا مع المساواة وهم ضد المساواة، أنا مع الليبرالية والعلمانية وهم ضدها·· فلا توجد نقاط التقاء بيننا· إسلاميون معتدلون ؟ ألا تعتقد أن هناك من الإسلاميين من هم وسطيون ومعتدلون أو من يصنفون على أساس أنهم: Moderate Islamists؟ ؟؟ أنا لا أؤمن بنظرية الإسلامي المعتدل، لسبب بسيط، لأنه لا يوجد ماركسي معتدل· فعندما تتبنى فكرة دينية ذات أساس عقائدي وتفسر كل شيء من خلالها لا يمكن أن تصل إلى حلول وسط مع الآخر· أصلاً لا توجد أرضية مشتركة، فكيف تكون معتدلاً؟ لذلك فإن جماعة السلف في الكويت يحاربون الوسطية، من جانب آخر لم تنجح الوسطية في الكويت، فبالتالي لا توجد نقاط التقاء· ؟ أليس هم الوسطيون الذين يتولون قضية الحوار مع الغرب·· ويلتقون مع رجال الكنيسة لبناء الجسور والتواصل الحضاري والتفاهم المشترك؟ ؟؟ حسب علمي إلى الآن يرفضون الالتقاء مع حاخامات اليهود· فقط يحاورون المسيحيين· ويرفضون الاعتراف بالبوذية والهندوسية كأديان·· فإذا تمسكوا بهذه المواقف، فإنه يستحيل الحوار مع الآخر· ؟ أنت تدعو إلى التركيز على العهد المكي من الرسالة النبوية الذي فيه خطاب مبني على التسامح مع العالم، وعدم الالتفات كثيراً إلى الآيات والأحكام التي نزلت في القرآن خلال العهد المدني لأن الخطاب نزل فيه والمسلون في حالة حرب·· ألا يفسر قولك هذا أنك تدعو إلى أن نأخذ ببعض الكتاب ونترك بعضه، أو أن نأخذ قلماً أحمر ونشطب على الآيات التي ترى أنها لا تتلاءم مع الواقع؟! ؟؟ لا·· هو في الحقيقة لا ينطبق علي هذا القول بسبب بسيط، لأن الآيات والسور المكية نزلت بدون أسباب نزول وإنما للدعوة· والخطاب فيه (يا أيها الناس) وتذكير قريش والمشركين بما حدث في القرون الأولى وما حدث لهم بسبب كفرهم وشركهم· أما في الآيات المدنية فإن هناك أسباب نزول محددة، تتسم بالخصوصية وليس بالعمومية·· فالذين يتبنون الفكر الديني يجعلون من الجزءين جزءاً واحداً باعتباره مطلقاً وليس نسبياً· نسبية الظروف أنا أرى أن الآيات التي فيها أسباب نزول تؤخذ بصورة نسبية·· أي هناك أمور توقفت كالغنائم والسبي وملك اليمين· ومثلاً عمر بن الخطاب أوقف سهم المؤلفة قلوبهم، وتم تعطيل حكم قطع يد السارق عام المجاعة، فهناك اجتهاد في النص· فإذا لم يكن الظرف ملائماً للنص فعليك أن تتوقف عن تطبيقه· خذ مثالاً اليهود كانوا على عداوة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، أما اليوم فإن هناك فتاوى تجيز الصلح مع اليهود لأننا في حالة ضعف· ولو كان العرب يقدرون على مواجهة إسرائيل لما ترددوا في ذلك، تصديقاً للآيات (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) لكن لأن اليهود أقوى منا اليوم وقادرون على إيذائنا، فإننا نقدم الفتاوى التي تجيز الصلح مع إسرائيل· لذلك فإن القاعدة عندي هو نسبية الظروف، وإن الاجتهاد يجب أن يكون حتى في النص خلافاً للقاعدة التي اتفق عليها الفقهاء أنه ''لا اجتهاد في النص''، والعبرة عندي بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، خلافاً أيضاً للقاعدة الفقهية· وهذا قد شرحته في كتاب أحاديث الدنيا والدين· فالحل كما اعتقده هو أن نعيد قراءة التفسير الديني وليس بالضرورة أن نقدس كتب التفسير القديمة· فما هو قابل للتطبيق كان بها وما هو غير قابل للتطبيق يوقف· وليس هناك مشكلة في هذا الأمر· أنا على العموم أرى ضرورة إعادة تفسير القرآن، وألا يقوم بذلك الفقهاء فقط، وأن يشارك في ذلك الليبراليون، لأن الفقهاء ليس عندهم العلم المطلوب، فعلومهم متحجرة وقديمة وكتب صفراء لا تستحق أن تكون جزءاً من الحياة المعاصرة، يمكن أن نقرأها كتراث· فلماذا نقدس كتب التفسير، وهي في النهاية تفسير بشري وكثير منها غير عقلاني·· وكذلك بالنسبة لتاريخنا الذي هو غالباً تاريخ سمعي وليس مكتوباً· الحلال والحرام أعتقد أن أخطر ما نعانيه هو إدخال الدين في كل شيء حيث أصبح الإنسان العربي المسلم يشعر بالإثم دائماً·· ودائم السؤال عن الحلال والحرام، وما يجب وما لا يجب إلى درجة السخف·· إن خير الخطائين التوابون، وكما قال عليه الصلاة والسلام إنه ''لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم''· فالإنسان لا يتعلم إلا من الخطأ، لكن أن يضع نفسه دائماً في حال التأثيم وأنه يسكون مصيره النار، ويتجاهل رحمة الله وأنه غفور رحيم·· وما وصلنا إلى هذه الحالة إلا بسبب رجال الدين الذين يخطئون الناس· هذا التأثيم الذاتي مشكلة كبيرة· البرامج الدينية ما يروج له رجال الدين هو الخوف دون الرجاء·· لذلك ترى الكثير منا يركض وراء التفاهات كتفسير الأحلام والخوف من السحر والمس· لا أدري لماذا لا يركب الجني إلا المسلمين ويترك العالم كله· وإذا تلاحظ أن أكثر زبائن مفسري الأحلام والمعالجين من أعمال السحر والمس هن النساء لأنهن مظلومات· وهذا هو خطورة التيار الديني الذي يروج لهذه الأشياء التي فيها ضرر على الحياة· عندي حديث نبوي اعتبره قاعدة ''استفت قلبك وإن أفتوك''، فالدين الإسلامي بسيط، والشخص الذي يقرأ ويكتب لن يصعب عليه فهم الدين لولا تعقيدات الفقهاء· هل المطلوب منا أكثر من أن نؤدي الأركان الخمسة، ونحسن إلى الناس ونتخلق بالخلق الكريم؟ هذه التعقيدات التي أدخلها الفقهاء في حياتنا ما هي إلا بسبب رغبتهم في الاسترزاق وعمل أهمية لأنفسهم· لذلك أرى من الخطر أن يشاهد الشباب البرامج الدينية· ولو كنت وزيراً للإعلام لمنعت البرامج الدينية· القراءة سأجبر الناس على القراءة، وسأضع لهم منهجاً من التعليم المدني والديني بلغة معاصرة ولا أدخل الناس في متاهات الفقهاء· ألا تسمع الأسئلة التي تطرح في هذه البرامج الدينية التي معظمها أسئلة تبريرية ومحاولة للوصول إلى حل ما عن طريق فقيه· التعليم الذاتي أعطني أي قضية ولننظر إذا كنا نحتاج إلى فتوى أو لا·· خذ على سبيل المثال الذي يشرب الخمر، فإذا لم يردعه عقله عن ذلك فكيف بالفقيه أن يثنيه عن شرب الخمر الذي هو بالتأكيد يعرف بحرمته ليس بأقل مما يعرفه الفقيه· فالله حرم الخمر لضرره على العقل، وإذا كان هذا الشخص الذي يعرف كلام الله وحكمه لا يرتدع بأوامر الله فكيف له أن يرتدع بما سيقوله الفقيه؟ المشكلة أننا لا نريد أن نعلم أنفسنا، ونعتمد على العلم الشفهي· والفقهاء لا يقولون شيئا جديداً، فقط يتباكون ويحركون وجدان الناس· فصرنا مثل الذي تعود على الوجبات السريعة واستغنى عن الطبخ في المنزل فأصبح مريضاً، واعتمادنا على الفقهاء دون التثقيف والتعليم الذاتي من أسباب مرضنا الفكري كمسلمين، فالفتاوى مضرة بالصحة العقلية· المسلمون غير مستقرين فكرياً لأنهم لا يقرأون، ولو قرأوا وتثقفوا لأصبحوا في خير كبير ولاستغنوا عن رجل الدين· فرجل الدين زائد عن حاجتنا وهو أصلاً غير موجود في الإسلام· وهو لا يشكل شيئاً في حياتي، وكالصفر بالنسبة إلي· الفتاوي هناك فرق كبير بين الصحابة الذين كانوا يستفتون رسول الله في الوقت الذي لم يكتمل فيه التشريع والدين الإسلامي، عن الوقت الحاضر الذي فيه الدين بيّن للناس جميعاً إذا قرأوا· وأتمنى زوال المؤسسة الدينية، وأن تتحول وتذوب في المجتمع المدني·· وما الفائدة من وجود وزارة الأوقاف· لماذا نبني مسجداً ولا نبني مدرسة أو مسرحاً؟ ·· هل رأيت فقيها يؤيد الفنون؟ لا يوجد·· كلهم يدعون إلى تكسير التماثيل والرسوم يجب أن تكون من غير أرواح بحجة أنه يوجد حديث· ذلك صحيح في الماضي لوجود عبادة الأوثان، أما الآن فإن السبب قد انتفى· لم أر رجل دين يساهم في الحضارة، فإما يكفر الناس وينفرهم أو يداهن السلطة، فما الفائدة منهم؟ أنا عندي دكتوراة في الفكر السياسي الإسلامي فلا يأتي الفقيه ويتفلسف علي! ولكن للأسف الناس تذهب وتستمع إليه لأنه يلبس العمامة أو الغترة بلا عقال، فمثل هؤلاء جهلة سواء عندهم دكتوراة أو شهادة ابتدائية· و أعتقد أن من يتبع رجال الدين يتعمّد ألا يحترم عقله·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©