الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدن تبتهج رغـــم أشـــــباح القلق

عدن تبتهج رغـــم أشـــــباح القلق
16 ابريل 2016 20:17
رعد الريمي (عدن) نظمت مؤخراً في عدن فعالية دولية عنت بإبراز المواهب والإبداع والأفكار الخاصة بهذه المدينة في أجواء محفوفة بالأمل والنجاح والتفاؤل، وكثير من السعادة، هذه الفعالية التي انطلقت لتقول: لا لاحتجاز المدينة في قالب القلق الأمني، معلنين بانطلاق هذه الفعالية كسر حاجز القلق الرافض لكل ألوان الخوف والفتنة التي يقف خلفها النظام السابق الذي يسعى جاهداً لتكبيل هذه المدينة في قالب المناطق المسيطرة عليها الجماعات الإرهابية، ها هي عدن تقيم هذا الكرنفال «الفرايحي» وسط أجواء مليئة بالبهجة والسرور، وفي الفترة المسائية التي غالباً ما تحمل الخوف، إلا أن كل هذه المقلقات لم تقلق الحاضرين، بل حضروا وفرحوا وابتهجوا وسعدوا وأبرزوا مواهبهم. انطلق بمدينة عدن يوم الفعالية العالمية بيتشاكوتشا أو ما يعرف بليالي البيتشاكوتشا في فندق المعلى بلازا في مديرية المعلى، بيتشاكوتشا عدن انطلقت بمزيج من الإبداع والأفكار والتجارب في السادس من ديسمبر الجاري من قلب المدينة، وسوف تنعكس هذه الأفكار والتجارب إيجابياً على المجتمع للاستفادة من خبرات الآخرين. نظم الفعالية في عدن فريق مبدع من الشباب والشابات بقيادة الأستاذة هبه فهيم حيدر، والأستاذ إلياس خان، وفي تصريح لهما، فقد أعربا عن سعادتهما بتخطي كل الصعوبات والتحديات التي واجهتهم، وعن التفاؤل والسرور بتلقي الكثير والكثير من الطلبات للمشاركة في فتره قياسية. ويعتمد مفهوم العرض على صيغة 20 × 20، إذ يتاح لكل مشارك عرض 20 شريحة عرض، وتخصيص 20 ثانية لكل شريحة لشرح فكرتها، وهي صيغة تجعل العروض دقيقة، وتحافظ على تدفق الأعمال بوتيرة سريعة، وتتيح للشباب منبراً لعرض أعمالهم، وتقدم فرصة للفنانين الطموحين والملهمين والروّاد وأصحاب الأعمال وأفراد من عامة الناس للتعبير عن أفكارهم وعرض مواهبهم، للتواصل والتعارف مع الآخرين. بيتشا كوتشا عدن هذا وتقول الجهة المنظمة أن بيتشا كوتشا عدن أتى لأن مدينة عدن الساحرة التي تحتوي على الكثير من المبدعين والعقول النيرة والتجارب الناجحة بشتى المجالات الفنية والعلمية والثقافية والأدبية والتقنية والتاريخية والكثير من المجالات العديدة والمتنوعة، وبهذا اللقاء يتم تبادل كم هائل من المعلومات والتجارب الناجحة بين المتحدثين والحضور، ووجود مثل هذا الحدث يساعد كثيراً في نهضة الفرد والمجتمع ونشر الثقافة والتجارب الناجحة وبث الأمل بين جميع فئات المجتمع. هذا وقال محمد أحمد - أحد الضيوف: «لقد حققت أمسية (بيتشا كوتشا) نجاحاً كبيراً، إذ شكلت فعالياتها منبراً للمبدعين من عدن، وشهدت الأمسية طرح بعض الأفكار والمفاهيم الرائعة، إذ نتطلع لرؤية مزيد من الأشخاص الأكثر إبداعاً وموهبة ليشاركونا بإبداعاتهم وأفكارهم»، مشيراً إلى أن (بيتشا كوتشا) تسعى لتكون بمثابة منصّة مبتكرة للتعبير الإبداعي في عدن خصوصاً، وكذلك اليمن عموماً. حيث جرى عرض مجموعة من الأفكار العدنية التي ارتأى الفريق المنظم أنها أفكار ورؤى تحتفي بالإبداع، وكان أبرزها. كيف أكون رسولاً ثقافياً؟ هدى علي - مدرسة لغة الإنجليزية - مما لا يروقني في مهنة التدريس هو حصر نفسي في الروتين بهذا القالب، ولذا وجدت نفسي أسعى جاهدة للانفكاك من هذا القالب عبر الابتكار، كانت تراودني أفكار للخروج من هذا القالب حتى دعتني إحدى الصديقات لحضور إحدى الندوات، واستمع إلى محاضرة حول التاريخ وأكثر ما جذب انتباهي عبارة قالتها المحاضرة كانت بالتركيب التالي: كيف تكون رسولاً ثقافياً؟ وبقت هذه العبارة تدور في خلدي، لكني لم أستطع تطبيقها، حتى مضت الأيام، وفي ذات يوم وأنا أقوم بتدريس مادة اللغة الإنجليزية حول درس السياحة في اليمن مع أنني كنت أشاهد الدهشة في عيون وعقول الطلبة إزاء كلمة السياحة، وما معنى السياحة؟ حضرت الفكرة ببالي هو أن أحول هؤلاء الطلبة الذين بلغ عددهم «200» طالبة إلى سياح، وأتعامل معهم كأنهم سياح، ونتعرف وإياهم على الأماكن الأثرية في بلدي ومدينتي عدن، ومن هنا تحولت إلى رسول ثقافي، وتم تنظيم رحلات طلابية لكل الطلاب للمناطق الأثرية في مدينة عدن، واطلاعهم على آثار مدينة عدن تحت عنوان رحلات عدن. الحاجة تولد الإبداع رانيا وائل طربوش، خريجة كلية الهندسة، ومتزوجة وأم لطفل، تقول رانيا «أعمل مصممة ديكورات، ولكن ليست ديكورات بالمفهوم العام والمتداول، وغالباً ديكورات من البالونات، ففكرة تصميم البالونات كانت فكرة جديدة بالنسبة لي جداً، وهي وليدة من رحم المعاناة في يوم «السبوع» يوم مولد مولودي الأول وجدي، كنت أريد أن أفعل له شيء مميز، وهذا دائماً ما يحضر بخلدي، أبحث عن التميز في كل حياتي، ففكرت أعمل له ديكور من البالونات، وللأسف بحثت وتعبت ولم أجد أحداً يقوم بهذا العمل، فبقت الفكرة تدور بخلدي، لماذا لا أتحول من طالبة لهذا النوع من الديكورات إلى مصنعة له طالما أنه غير موجود باليمن وغير متوافر، ومن هنا كان ولدي هو ملهمي الأول، وبدأت بهذه الفكرة التي تحولت فيما بعد إلى مشروع عمل أجني من بعده أموالاً رغم المعاناة، فنحن في اليمن لا تتوافر لدينا البالونات ولا ألوان البالونات ولا غاز الهيليوم الذي يجعل البالونات تسبح في الفضاء، ومع كل هذا لم أيأس أبداً، بل أعمل بكل جد واجتهاد، ورغم ظروف الحرب، كبر الأمل معي من مصممة ديكورات إلى طامحة، فأنشأت مصنع بالونات وغاز الهيليوم». ترميم النفـــــــــوس وفي هذا الصدد تقول الناشطة هبة الذيباني: «مع اقتراب نهاية هذا الشهر، يمر عام على اندلاع الحرب على عدن، الحرب التي دمرت قدراً كبيراً من البنية التحتية لتلك المدينة الصغيرة التي تناضل لتنجو منذ 16 عاماً مضت، الحرب التي نالت أيضاً من نفوس سكانها، وسببت لمن نجا منهم قدراً كبيراً من الألم». وتضيف هبة قائلة: «لكن كبساطة عدن، حاول العدنيون أن يواصلوا حياتهم ويعيدوا ترميمها، حالما بدأ الوضع في الاستقرار بعد طرد الحوثيين منها، عادت الجهود الشبابية للظهور - وإنْ لم تكن قد اختفت كلياً أثناء الحرب - في عدد من المبادرات لإعادة ترميم عدن وتعافيها، منهم من أقام المبادرات لإعادة ترميم أو طلاء بعض الأماكن العامة والأثرية في المدينة، منهم من أقام ورش العمل التثقيفية عن العودة للحياة بعد الحرب كالتعريف بأخطار الألغام والتوعية منها، منهم من أقام وشارك في فعاليات عالمية كمؤتمر دافوس الاقتصادي أو فعالية Pech Kucha، وغيرها من الفعاليات المحلية الثقافية ومعارض الصور الخاصة بتاريخ وتراث مدينة عدن، أشهرها الذي أقيم بجانب مقهى السكران في كريتر، إلى جانب الإصرار على إقامة مهرجان عدن الثاني الذي كان في الصهاريج وتميز بنجاح أعلى من سابقه في العام الماضي، وإقامة بازار عدن الأول الموجه لدعم سيدات الأعمال العدنيات الذي لاقى قبولاً واسعاً، وغيرها الكثير التي تهدف لإعادة إحياء عدن، وإحياء سكانها». وأردفت هبة: «ورغم الأوضاع التي لم تستقر كلياً، إلا أنك في أي فعالية تشارك بها، لن تستطيع ألا تشعر بالرغبة في الاستمتاع بالحياة التي تفجرت في قلوب كل العدنيين، تجدهم متجاهلين كل الأخبار المقلقة، يشاركون في التجمعات والفعاليات فرحين بلقاء بعضهم بعضاً، وبتشارك الأفكار والذكريات التي ربما قد تكون مؤلمة، ثم تناسيها والاستمتاع باللحظة الحالية، ومحاولة التعرف أكثر إلى بعضهم بعضاً، وعلى مدينتهم التي كانوا على وشك خسارتها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©