الهند تطارد أطباء أسنان الشوارع لدعم السياحة العلاجية

اعتاد سيواك سينج طبيب أسنان الشوارع الشاب وخريج كلية الطب على الجلوس على أحد الأرصفة بالقرب من مسجد جاما، الجامع الرئيسي في دلهي القديمة ينتظر زبائنه وهو يطالع ويترقب بنوع من الخوف والقلق ظهور أي من رجال الشرطة الذين درجوا على طلب المزيد من الأموال حتى يتركوه يمارس حرفته التجارية· ولكن أطباء الشوارع أصبحوا الآن يشكلون مصدر حرج بالغ للسلطات في الدولة التي تحاول تطوير السياحة العلاجية وترفض ادعاءات هؤلاء الحرفيين بأنهم يوفرون خدمة أساسية لجموع الفقراء· وتقول صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية إن السلطات الهندية عقدت العزم على تنظيف أرصفة العاصمة نيودلهي من هؤلاء الحرفيين استباقاً لمناسبة تنظيم دورة ألعاب الكمونويلث لعام 2010 عبر اتخاذ المزيد من الاجراءات الصارمة المتشددة· إذ يقول سينج البالغ من العمر 25 عاماً وهو يقبض على حقيبته اليدوية المحتشدة بالأسنان وأدوات الجراحة المقلدة ''لقد أصبحت الحياة صعبة لا تطاق وصارت المهنة إلى زوال وبات من المستحيل على أي منا أن يمارس عمله''· وفي حقيقة الأمر فقد أصبح من النادر إلقاء القبض على أي من أطباء أسنان الشوارع في دلهي بعد أن درجوا على التخفي داخل أسفل المباني وبشكل أشبه بمروجي المخدرات· وفي داخل سوق سادار بازار جلس ماهيندر الذي يمارس حرفه خلع الأسنان أمام ملصق كبير على الجدار لأسنان مبتسمة طالما عرف بأنه الشعار الأوحد لأطباء أسنان الشوارع، وهو يتساءل : ''لماذا تقول الحكومة بأننا لسنا من المحترفين علمآً بأنني أمارس هذه المهنة منذ 35 عاماً؟''· أما محمد علي خان أحد الزبائن المسنين فقد بدا عليه السرور بعد أن تمكن من تركيب ثلاثة أسنان مقلدة في فكه الأسفل بتكلفة لا تزيد على 100 روبية (2,5 دولار أو 1,2 جنيه استرليني) مقابل كل سن· على أن هذه الحملة المتشددة ضد هؤلاء الممارسين في المدن الكبرى مثل دلهي ومومباي قد تزامنت مع طفرة في إعداد خريجي طب الأسنان المؤهلين في الدولة إلى جانب ازدياد المخاوف والوعي بمخاطر مرض الايدز وبشكل فاقم من صعوبة ممارسة المهنة بالنسبة لأطباء الشوارع· ورغم ذلك فقد اعتاد المسؤولون في بلدية دلهي على تلقي روشتة بمقدار 1000 روبية في كل شهر من كل طبيب وبشكل بات يؤدي إلى تآكل هامش الأرباح الضيق اصلاً كما يقول سيواك سينغ وشأنه شأن الآلاف من الخريجين الآخرين المؤهلين فهو يرغب في الهجرة والعمل في الخارج وربما في بريطانيا التي تشهد طلباً متعاظماً على أطباء الأسنان· وكانت دراسة أجريت على 5 آلاف مريض و750 طبيب أسنان قد خلصت في الشهر الماضي إلى أن بريطانيا تعاني الأمرين من قلة أطباء الأسنان المدعومين من الدولة وبشكل يجبر كل واحد من 20 شخصاً على اللجوء إلى طبابة أنفسهم ذاتياً عبر استخدام المهدئات وعمل الحشوات بينما يعمد البعض إلى خلع اسنانهم بأنفسهم· ويشير مجلس طب الأسنان في الهند الجهة المعنية بتنظيم المهنة إلى أنه ليس لديه أرقام محددة لعدد أطباء الشوارع في الدولة ولكن التقديرات تشير إلى أن أعدادهم تقل عن ألف ممارس حيث يقول أحد المسؤولين في المجلس ''من غير المسموح به على أي شخص ممارسة هذه المهنة في الشارع إذ يعتبر هذا أمراً غير قانوني· ويتعين على أي طبيب أسنان مؤهل أن يمارس مهنته من داخل عيادة أو مستشفى''· وعلى الرغم من وجود حوالي 200 كلية للأسنان تخرج حوالي 13 ألف طبيب سنوياً في الهند فقد استمرت المناطق الريفية والمناطق الفقيرة في داخل المدن تعاني من الندرة في إعداد الاطباء المؤهلين وبشكل أصبح يتيح الفرصة للمشعوذين والدجالين والهواة ممن تعوزهم الخبرة والبراعة للدخول إلى ممارسة هذه المهنة· إذ تقدر منظمة الصحة العالمية أن هنالك طبيب أسنان مؤهل واحد فقط لكل 22 ألف شخص في مناطق الهند الريفية· كما خلصت دراسة أجريت على الاطفال من طلاب المدارس في ولاية شيناي في الهند إلى أن أولئك الذين لا تزيد أعمارهم على الثانية عشر يعانون من نخر أو فقدان أو في حاجة لحشو 3,9 من أسنانهم مقارنة بعدد 1,6 سن في المتوسط العالمي· كما أن سوء التغذية وسوء الأحوال الصحية استمر يتسبب في فقدان المواطن الهندي لتسعة من أسنانه في الستين من عمره وإلى 18 سناً في عمر الخامسة والسبعين·