الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشرف··· لا بديل عنه رغم إعلان حالة الطوارئ

مشرف··· لا بديل عنه رغم إعلان حالة الطوارئ
5 نوفمبر 2007 00:34
طيلة خمسة شهور أو تزيد، ظلت الحكومة الأميركية تحاول ابتكار طريقة يمكن من خلالها إنجاز التحول السياسي في باكستان بحيث يتم بشكل يبقي على الجنرال ''برويز مشرف'' في سدة السلطة، وذلك من دون أن تتعرض سياسة الرئيس بوش الخاصة بترويج الديمقراطية في العالم الإسلامي إلى السخرية والتهكم· غير أن ما حدث يوم السبت الماضي، هو أن هذه الخطط المعدة بعناية انهارت رأسا على عقب، تاركةً البيت الأبيض في حالة من الانتظار والترقب لما سيحدث، وبعدد محدود من الخيارات، وعدم وضوح بشأن الطريق الذي سيمضي فيه بعد ذلك· لقد تركت خطوة الرئيس مشرف بفرض حالة الطوارئ، والإمساك بكافة السلطات في يده، وضرب عرض الحائط بالدستور، مسؤولي إدارة بوش في وضع أقرب ما يكون للكابوس، حيث يجدون ديكتاتورا عسكريا مدعوما أميركيا، يخاطر بالاستقرار المدني في دولة تمتلك أسلحة نووية يتعرض شعبها لإقصاء متزايد· وكان بوش قد اشترك في رقصة حساسة مع باكستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر مباشرة بسبب مساندتها الأخيرة في حربها ضد الإرهاب، ومنذ عام 2001 قدمت الولايات المتحدة 10 مليارات دولار مساعدات مالية لباكستان مكافأة لها على ذلك الموقف، خصص معظمها للمؤسسة العسكرية· لذلك، فإنه إذا ما استمرت حالة الطوارئ التي فرضها الجنرال، فإن الإدارة ستجد نفسها مطالبة باتخاذ قرار قطع تلك المعونة، والمخاطرة من ثم بتقويض جهود باكستان في تعقب الإرهابيين، وهي خطوة يعتقد البيت الأبيض أنها يمكن أن تعرض أمن الولايات المتحدة ذاتها للخطر· وقد أخبر الأدميرال ''ويليام جيه· فالون'' قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال ''مشرف'' وكبار جنرالاته في اسلام أباد يوم الجمعة الماضي، أنه سيعرض تلك المساعدة للخطر إذا ما أقدم على فرض حالة الطوارئ، ولكن ما حدث أن الإدارة الأميركية لم تتخذ إجراء مباشرا يتسق مع ذلك، وكل ما تأمله أن تستمر حالة الطوارئ التي أعلنها مشرف لفترة قصيرة، وأن يفي الجنرال بوعده بالتخلي عن منصبه كقائد للجيش، ويعقد الانتخابات في موعد غايته الخامس عشر من يناير القادم· وصفت وزيرة الخارجية الأميركية ''كوندوليزا رايس'' الخطوة الذي اتخذها مشرف، بأنها ''تدعو للأسف الشديد''؛ وتؤكد ''تيريسيتا شافر'' -الخبيرة في الشؤون الباكستانية في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن- أن قرار إعلان الطوارئ سيسبب'' إحراجا كبيرا'' للإدارة الأميركية، وأنها لا تملك الكثير لتقوم به· مضيفة قولها: ''سوف نرى الكثير من محاولات لي الذراع لإجبار الجنرال مشرف على الإعلان عن نواياه، ولكنني لا أرى في الحقيقة أي بديل عن الاستمرار في العمل معه، فليس من الممكن للمسؤولين في الإدارة أن يقرروا ببساطة تفجير الأوضاع في باكستان بأسرها، لأنها الجار المباشر لأفغانستان حيث يوجد 26 ألف جندي من الولايات المتحدة ودول الناتو''· في الحقيقة أن'' لي الذراع'' كان قد بدأ قبل أن يقدم الجنرال مشرف على إعلان الأحكام العرفية بوقت طويل؛ فوزيرة الخارجية ''رايس'' كانت قد أكدت أنها - خلال مناقشات أجريت مع مشرف- ناشدته عدم إعلان الأحكام العرفية؛ ورغم انتقادها سيطرة مشرف على كافة السلطات بموجب أحكام الطوارئ، فإنها لم تصل إلى حد الإدانة الصريحة له، بل وذهبت حد القول إنه يستحق الثناء لأنه ''قد فعل الكثير من قبل من أجل تجهيز باكستان للسير فيما وصفته ''بالطريق إلى الحكم الديمقراطي''· يلقي هذا التناقض الظاهري الضوء على المأزق الذي تجد إدارة بوش نفسها فيه في الوقت الراهن· فلفترة طويلة من الوقت كان هناك نوع من الخوف العميق في الإدارة الأميركية وعلى وجه الخصوص بين مسؤولي الاستخبارات تجاه احتمالات تطور الأوضاع في باكستان، وهو ما جعلهم يتبنون رأيا مؤداه أن مشرف على ما فيه من عيوب أفضل للمصالح الأميركية من أي شخص آخر مجهول، في ذلك البلد الذي يقع في القلب من الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد الإرهاب· وفي الشهور الأخيرة كان البيت الأبيض يأمل أن تؤدي صفقة تقاسم السلطة بين الجنرال ''مشرف'' ورئيسة الوزراء السابقة ''بنظير بوتو''، إلى مساعدة الجنرال على التمسك بالسلطة مع إضفاء صبغة ديمقراطية في نفــس الوقــت على نظامه· يتنبأ الخبراء في الوقت الراهن بأن الولايات المتحدة ستراقب الوضع في باكستان عن كثب خلال الأيام القادمة، كي ترى إلى أي مدى سيذهب الجنرال في الضرب على أيدي خصومه؛ كما يتوقع هؤلاء الخبراء أن ينصب جزء كبير من اهتمام واشنطن على السيدة ''بوتو''، كما سيراقب المسؤولون الأميركيون أيضا ما إذا كانت المعارضة الباكستانية المنقسمة على نفسها بما فيها حزب السيدة بوتو قادرة على التوحد وعلى تشكيل تحد خطير للجنرال مشرف أم لا؟ كما سيراقبون أيضا رد فعل المؤسسة العسكرية التي انخفضت روحها المعنوية بسبب الهجمات الانتحارية المتوالية ضد الأهداف العسكرية في الآونة الأخيرة· مهما سيحدث، فإن الخبراء يقولون إن قرار الجنرال مشرف لم يكن بالخبر السار أبدا بالنسبة لإدارة بوش· فحتى لو عادت باكستان مرة ثانية إلى طريق الديمقراطية، فإن الأمر المرجح هو أن يؤدي القرار الذي اتخذه مشرف بإعلان حالة الطورائ إلى تلويث سمعته، وإضفاء ظلال من الشك وعدم المصداقية على أي انتخابات تعقدها حكومته· شيريل جاي ستولبيرج هيلين كوبر محررا الشؤون الخارجية في نيويورك تايمز ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©