السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مساعدات ضارة!

4 نوفمبر 2007 01:41
ثمة الكثير من سوء الفهم الذي يلف أسباب ودوافع رفض القوى الإيرانية المؤيدة للديمقراطية للـخمسة والسبعين مليون دولار التي ترصدها حكومة الولايات المتحدة لمساعدة المجتمع المدني في بلادها· وبداية، اسمحوا لي، باعتباري شخصا قضى ست سنوات في سجن ''إيفين'' بطهران بتهمة ملفقة هي المساس بالأمن القومي، بتوضيح ما الذي نعارضه وما الذي نفضله· اليوم يخيم شبح الحرب فوق منطقتنا؛ والحال أن الأحرى بإيران والغرب أن تكون بينهما علاقات ود وسلام؛ غير أن السلام هو نتيجة للديمقراطية، والشعب الإيراني يريد دولة علمانية ديمقراطية ملتزمة باحترام حقوق الإنسان، ولهذا، فعلى الغرب ألا يخشى إيران ديمقراطية· وباعتبارها دولة أصولية، تعد إيران اليوم مَصدر خطر، غير أنها خطيرة بالنسبة لشعبها، وليس بالنسبة للولايات المتحدة، فالشعب الإيراني، في حاجة إلى الحرية والديمقراطية والسلام، وليس إلى ظروف الحرب والمخاوف الدائمة من وابل محتمل من الصواريخ الأميركية· غير أن بذور الديمقراطية تحتاج إلى تربة خصبة حتى تنبت وتنمو، والحقيقة أن التربة في دول المنطقة خصبة ومواتية لتغذية الأصولية؛ وفي حالة إجراء انتخابات نزيهة في هذه البلدان سيفوز الأصوليون؛ في حين أن البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي يمكن أن تفوز فيه قوى الحداثة والديمقراطية في حال إجراء انتخابات حرة ونزيهة هو إيران· فالانتقال السلمي إلى الديمقراطية هو هدفنا؛ غير أن النظام الإيراني يقمع ويضطهد المجتمع المدني بذريعة حرب مقبلة، ويصف خصومه بدمى الولايات المتحدة ومرتزقتها· إن البلدان تقدم مساعدات خارجية بناء على مصالحها القومية؛ وغني عن البيان أن الجهات التي تتلقى هذه المساعدات مطالَبة بالانحياز إلى سياسات الجهات المانحة والانسجام معها، ونحن نعي هذا الأمر انطلاقا من الدعم الإيراني لحزب الله في لبنان ومجموعات أفغانية مختلفة، وهو ما يفسر ـ وبدون مفاجأة ـ رغبة الشعب الإيراني في أن تكون حركته الديمقراطية مستقلة عن أي حكومة أجنبية وغير خاضعة لها· لا بد من الإشارة إلى أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية في آسيا وأفريقيا إنما تمليها المصالح السياسية والاقتصادية الأميركية، وليس الخوف على الديمقراطية· فتركمانستان وكازاخستان وقيرغستان وطاجيكستان وغيرها، جميعُها بلدان تربطها بالولايات المتحدة علاقات صداقة، وذلك بالرغم من أنها تنتهك حقوق الإنسان ولها أنظمة مستبدة، ومع ذلك، فإن الإدارة الأميركية لم تعر، في أي من هذه الحالات اهتمامها لخروقات حقوق الإنسان فيها، ولم تر ضرورة لتخصيص دعم مالي من أجل المساهمة في جعل هذه الحكومات تتبنى الديمقراطية! بطبيعة الحال، تحتاج الحركة الديمقراطية والمؤسسات المدنية في إيران إلى تمويل؛ غير أن هذا الأخير ينبغي أن يأتي من مصادر إيرانية مستقلة، ولذلك، فعلى على الإيرانيين أنفسهم أن يدعموا الانتقال إلى الديمقراطية؛ إذ يمكن للرعايا الإيرانيين المقيمين في الخارج مساعدة هذا الانتقال· والواقع أن العديد من الشروط الاجتماعية اللازمة للانتقال الديمقراطي متوفرة في إيران اليوم؛ أما الدولارات، فلا تستطيع أن تخلق حب الحرية الذي يحتاجه الأفراد لجعل الانتقال الديمقراطي أمرا ممكنا· وتأسيسا على ما سلف، فطلبنا من الكونجرس هو كالتالي: لإزالة أي سوء فهم، نأمل أن يوافق المشرِّعون الأميركيون على مشروع قانون يحظر الدعم المالي للأفراد أو المجموعات التي تعارض الحكومة الإيرانية· فالحركة الديمقراطية في إيران ليست في حاجة إلى الصدقات، وإنما إلى الدعم المعنوي للمجتمع الدولي والتنديد بالنظام الإيراني لانتهاكه الممنهج لحقوق الإنسان· ما هي الأشياء الأخرى التي تحتاجها الحركة المنادية بالديمقراطية في إيران؟ الواقع أن الحكومة الإيرانية تستعمل التكنولوجيا التي اقتنتها من شركات غربية قصد منع وحجب مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت، والحيلولة بذلك دون استعمال الإيرانيين للإنترنت، وقد حقق الغرب أرباحا على حساب الشعب الإيراني ببيعه هذه التكنولوجيا إلى طهران· غير أنه لابد من وضع حد للرقابة الشاملة والهيمنة الإعلامية للنظام؛ ولا بد من أن يستعمل الشعب الإيراني الإنترنت والتلفزيون من دون قيود، حتى يستطيع سماع الانتقادات التي توجَّه لسياسات النظام ويطلع على النماذج البديلة لنظام الحكم· إن الدعم الذي نحتاجه في هذه المرحلة لا علاقة له بتمويل معارضة النظام، وإنما بمساعدة الإيرانيين في سعيهم إلى التوفر على إعلام مستقل ومعلومات دقيقة· صحفي إيراني حائز على جائزة جون همفري للحرية لعام 2007 وهي جائزة كندية لحقوق الإنسان ودعم الديمقراطية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©