الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تتراجع عملية التحول الديمقراطي في تركيا؟

هل تتراجع عملية التحول الديمقراطي في تركيا؟
4 نوفمبر 2007 01:41
من الصعب أن تخطئ العين النظر إلى هذا الحشد العسكري الجرار، المؤلف من 100 ألف جندي من الجنود الأتراك في ضاحية ''يوكسيكوفا'' الواقعة جنوب شرقي تركيا، والمتاخمة في ذات الوقت للحدود الشمالية للعراق· كما تعلو صيحات الأطفال الذين يلعبون في شوارع الضاحية أصوات وأزيز الطائرات الحربية العمودية المنشغلة جيئة وذهاباً بنقل الجنود والمؤن العسكرية· أما في الشوارع والطرقات البرية، فكثيراً ما تتداخل المصفحات والمدرعات مع حركة مرور الشاحنات والسيارات الصغيرة العابرة· وفي ساحات المواجهة العسكرية بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، فقد نشرت وكالة ''رويترز'' للأنباء نقلاً عن مصادر عسكرية تركية، أنباء عن مصرع 20 مقاتلاً من مقاتلي حزب العمال الكردستاني خلال عملية عسكرية كبيرة شنت ضد الانفصاليين الأكراد، على بعد نحو 400 ميل شمال غربي هذه الضاحية· في الوقت الذي يبدي فيه سكان ''يوكسيكوفا'' تعاطفهم مع الأهداف التي يطمح متمردو الحزب العمالي المذكور لتحقيقها، إلا أنهم اجهدوا من استمرار المواجهات والنزاعات المسلحة، ثم إنهم يبدون قلقاً من أن تضيع من بين أيديهم المكاسب السياسية التي تحققت لهم قريبا، ففي الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في شهر يوليو الماضي، أدلى معظم الناخبين في هذه الضاحية بأصواتهم لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم· وفي هذا إشارة إلى تراجع شعبية حزب العمال الكردستاني خلال السنوات الأخيرة الماضية· غير أن المحللين والمراقبين يبدون مخاوف من أن يؤدي تصاعد المواجهة التركية المسلحة مع مقاتلي الحزب إلى تصاعد محلي في التأييد الشعبي لحزب العمال الكردستاني· ومن بين الذين استمعت إلى آرائهم وتعليقاتهم ''إسماعيل أرسلان'' -الصحفي الإذاعي بمحطة يوكسيكوفا الإذاعية- أن الحكومة الحالية هي أكثر الحكومات التركية ديمقراطية، إلا أنه ليس من المرجح لها أن تستمر على ذات النهج الديمقراطي الذي عرفت به في ظل الظروف الحالية· واستجابة لتصاعد الهجمات التي يشنها مقاتلو حزب العمال الكردستاني عبر الحدود المشتركة بين تركيا والعراق، فقد تصاعدت أيضاً المطالب الشعبية التركية بالرد العسكري الحازم على تلك الهجمات· ولكن المشكلة -كما يراها المحللون والمراقبون- أنه وتبعاً للحرب المعلنة على متمردي الحزب، فإن من المتوقع أن يؤدي انتشار الجنود الأتراك في المناطق الحدودية المتاخمة لشمالي العراق، إلى الحد من حقوق وحريات وحركة الأهالي المحللين المقيمين في المناطق المذكورة، بما في ذلك اعتقالهم للمواطنين الذين يبدون تعاطفاً مع المتمردين الأكراد· وفيما لو رأى السكان المحليون تراجع الحكومة عن إصلاحاتها الديمقراطية التي أطلقتها هنا، فليس مستبعداً أن يعودوا هم أيضاً إلى قوة تأييدهم السابق لحزب العمال الكردستاني، وهذا سيؤدي بدوره إلى عودتهم إلى المواقف الراديكالية على حد قول ''فولكان أيتار'' الباحث بـ''مؤسسة الدراسات الاقتصادية الاجتماعية التركية''، فمن الواضح أن هجمات المتمردين الأكراد، خاصة ذلك الكمين الذي أدى إلى مصرع 12 من الجنود الأتراك في الحادي والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، قد ترك تأثيراته العميقة على شرائح وفئات المجتمع التركي عامة، وهي التأثيرات التي تتم مراقبتها ورصدها عن كثب في هذا الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد· وقد أدى الهجوم الذي وقع في قرية ''داجليكا'' الجبلية إلى خروج المواكب والمظاهرات الشعبية التي شارك فيها آلاف الأتراك على امتداد البلاد كلها، ملوحين بالأعلام والشعارات المطالبة باتخاذ موقف عسكري حازم إزاء مقاتلي حزب العمال الكردستاني، والأكثر إثارة لقلق السكان هنا في يوكسيكوفا، هجوم المتظاهرين على مكاتب ''حزب الشعب الديمقراطي'' المؤيد للأكراد والذي يمثل حتى هذه اللحظة بتسعة عشر عضواً من أعضاء البرلمان التركي، مع ملاحظة أن ذلك قد حدث في أكثر من ضاحية ومدينة تركية· تعبيراً عن هذه النزعات المعادية للتمرد الكردي، قال ديفليت باشيلي، زعيم ''حزب العمل الوطني'' اليميني: فبينما نواصل بحثنا وتعقبنا للإرهابيين في جبال كانديل في شمالي العراق، فإن علينا ألا ننسى أن مؤيدي هؤلاء الإرهابيين يقيمون معنا هنا في الداخل، بل تحت سقف البرلمان التركي· جاء ذلك التصريح أثناء اجتماع حزبي تم مؤخراً، في إشارة واضحة إلى ''حزب الشعب الديمقراطي''· ومن جانبه فقد حذر الباحث الاقتصادي الاجتماعي أيتار من أن تطغى العلمانية على الخطاب السياسي التركي، بما يحمله هذا الطغيان من مهددات جدية لعملية التحول الديمقراطي الجارية في البلاد· المعروف عن الأكراد الأتراك، قوة شعورهم بهويتهم الكردية، ولذلك فإن من الطبيعي أن تثير هذه الخطابية المعادية لحزب العمال الكردستاني مشاعرهم وتدفعهم للتظاهر والاحتجاج على امتداد المدن والضواحي التركية· وعلى رغم الألم ومشاعر الحزن الطاغية في ضاحية ''يوكسيكوفا'' على فقد الأحباء، إلا أن قلوب الأهالي لا تزال تتعلق كثيراً بآمال السلام· مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونيتور في يوكسيكوفا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©