ارتفاع أسعار الوقود يهدد انتعاش صناعة الطيران

باتت أسعار الوقود المرتفعة تهدد عودة الانتعاش المالي لصناعة الطيران الأميركية المتعثرة بعد سنوات من خفض التكاليف وإعادة الهيكلة·· وبذلك فإن استدامة ارتفاع الأسعار أصبح من شأنها أن تؤدي الى تآكل الارباح واحباط طلب المستهلك وتوقف الجهود الرامية للتملك والاستحواذ· وفي الوقت الذي اخترقت فيه أسعار النفط حاجز الـ90 دولاراً للبرميل بسبب مخاوف بشأن الامدادات وتوقعات بنمو الطلب فإن هذه الزيادة في الأسعار لم يعد بوسعها التأثير على النتائج المالية لهذا العام والذي أصبح من المتوقع ان يعتبر عاماً فارقاً من الناحية المالية للصناعة التي استغرق منها الأمر سنوات عديدة للعودة للانتعاش منذ احداث سبتمبر عام ·2001 وكما ورد في صحيفة الوول ستريت جورنال مؤخراً فإن المنظمة العالمية للسفر الجوي التي تمثل أكثر من 240 شركة ناقلة في جميع أنحاء العالم عمدت مؤخراً الى خفض سقف توقعاتها لأرباح الصناعة للعام المقبل الى مستوى 7,8 مليار دولار من مستوى تقديراتها في يونيو الماضي بحجم بلغ 9,6 مليار دولار على خلفية ارتفاع أسعار الوقود وأزمة الرهن العقاري التي أثرت على السوق· والى ذلك فإن الزيادات في الأسعار بات من المتوقع لها أن تدلي بتأثيرات مختلفة في جميع أنحاء العالم· ولما كان البترول يجري تسعيره بالدولار فإن الدول التي لديها عملات شهدت ارتفاعاً أمام العملة الخضراء -مثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي- سوف تحقق بعض المكاسب في حين أن الصورة سوف تبدو قائمة أمام شركات الخطوط الأميركية التي استنزفت جميع الوسائل والأدوات المتاحة لمواجهة المشكلة من خفض للتكاليف وتعزيز الإيرادات والانضباط في توفير السعة، كما يقول جون لوث الرئيس التنفيذي لمجموعة سيبوري المصرفية الاستثمارية في مجال النقل، بل أن هذه الشركات الاميركية كانت قد عمدت ايضاً الى اجبار المسنين على التقاعد واتخاذ خطوات هامشية لترشيد استهلاك الوقود عبر التوقف في مدارج الطائرات في المطارات بمحرك واحد فقط، لذا فإن هذا الأمر بات يعني أن الصناعة مقبلة على مستوى متدنٍ من الأرباح وتباطؤ في وتيرة النمو قبل أن تواجه تضاؤل في السعة ثم خفض في الوظائف والخدمات؛ اضف الى ذلك ما سيتمخض عن ارتفاع في تكلفة المقعد في المستويات المتدنية من الأسعار ما سيؤدي الى ابتعاد جموع المسافرين الأكثر حساسية للأسعار وبشكل يؤدي الى فراغ هذه المقاعد وتناقص الايرادات· على أن ارتفاع أسعار الوقود سيمثل تحديات ضاغطة لخطط الشركات الهادفة للخروج من هوة الافلاس مثل شركة دلتا ايرلاينز التي أصبحت في طريقها لمغادرة هذه الهوة في الربيع المقبل ولكنها تعتمد في خطتها على سعر للخام لا يتجاوز مستوى 65 دولاراً للبرميل· أما شركة يونايتد التابعة لمؤسسة يو ايه ال والتي تجاوزت محنة الافلاس في فبراير عام 2006 فقد مضت في تطوير خطتها على أساس متوسط للبرميل بحوالي 50 دولاراً في الفترة حتى العام ،2010 علماً بأن هذه الشركة التي تتربع على المرتبة الثانية في الولايات المتحدة من حيث حركة المرور الجوية كانت قد زادت من توقعاتها بالنسبة للنمو في ايرادات المقعد الواحد ولكنها رفعت ايضاً من توقعاتها الخاصة بالتكلفة· ويذكر ان شركات دلتا وساوث ويست ايرلاينز ويونايتد كانت قد زادت أسعار التذاكر مؤخراً بالنسبة لمختلف الفئات تماشياً مع ما يحدث في بقية أنحاء الصناعة، اذ يقول ستان جايديك كبير الضباط الماليين في مؤسسة اير تران القابضة المالكة لشركة طيران اير تران ''كلما ازدادت أسعار الوقود لا بد ان نشهد ارتفاعاً في أسعار السفر والتذاكر واذا لم نعمد الى زيادة الأسعار فلن تصبح هناك شركات للطيران اذ يجب علينا العمل على تغطية التكاليف''· وعلى صعيد آخر فإن المعاناة التي يخلفها ارتفاع تكاليف الوقود يمكن أن تجبر شركات الخطوط الجوية الأميركية على الدخول في خطط للاندماج والاستحواذ بعد فشلها في العديد من المحاولات السابقة· ولكن أي مشروع للمشاركة من شأنه أن يواجه العديد من المشاكل في الوقت الحالي وبخاصة في ظل أزمة الائتمان التي تمسك بخناق السوق وتساهم بشكل عام في إبطاء وتيرة أنشطة الاندماج، وبرغم ذلك فإن بعض كبار اللاعبين في الصناعة ما زالوا يعتبرون عمليات الاندماج أمرا ايجابيا·