الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الروائي والمعتقل يلتقيان في «بيت حُدُد»

الروائي والمعتقل يلتقيان في «بيت حُدُد»
28 فبراير 2018 21:22
أثارت القضية التي نشرها «الاتحاد الثقافي» الخميس الماضي، بتاريخ 22 فبراير 2018، تحت عنوان: «بيت حُدُد» سرقة صوت من لا صوت لهم، والتي تناول فيها الزميل إسلام أبوشكير، الاقتباسات التي وقعت في رواية «بيت حُدُد»، جدلاً واسعاً بين القراء والمتابعين على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي. وكان من الطبيعي أن تثير هذه المسألة مثل هذا الجدال، خصوصاً أن الرواية المتهمة بالاقتباس، كانت قد اختيرت ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر». وإن الاقتباس الذي قام به مؤلفها السوري فادي عزام، لم يكن مسنداً. وقد نشر «الاتحاد الثقافي» هذه الواقعة، على قاعدة التزامه بمبدأ حقوق الملكية الفكرية، واستجابة للصرخة التي أطلقها صاحب النصوص الأصلية الدكتور ضياء سرور: «أعيدوا لي كلماتي»، وهو الذي عانى تجربة مريرة في الاعتقال ببلده. وقد انتهى الجدل، الذي ثار بعد النشر، بتوضيح واعتذار تقدم به الروائي السوري فادي عزام، وتقبّله بصدر رحب الدكتور ضياء سرور. وينشر «الاتحاد الثقافي» هنا، الاعتذار والرد عليه، علّ أن تكون هذه القضية تثبيتاً لمبدأ أصيل في الإبداع، عنوانه حقوق الملكية الفكرية. يقول الروائي فادي عزام في الكلمة التي حملت عنوان «توضيح واعتذار»: ثار جدل حول روايتي «بيت حُدُد»، لوجود تطابق في الفصل 26 منها لجمل ومقتبسات، مأخوذة من مذكرات طبيب سوري معتقل سابق في سجون النظام د. ضياء سرور. وهنا عليّ التوضيح: لقد قمت بأخذ هذه الجمل ونقلها من مذكرات الدكتور ضياء سرور. ولم أشر إليها أو أستأذن صاحبها أو أنوه لوجودها. بعيداً عن الأسباب، ولكي لا أدخل في باب التبرير، وبعيداً عن حجم الاقتباس وما الغاية منه، فقد كان هذا خطأ مهنياً وأخلاقياً ما كان يجب أن أقع به. فإني أقوم بالاعتذار العميق للدكتور الشاب ضياء سرور، ولكل قراء الرواية ولكل من عناه الأمر (سواءً برَّره أو أدانه). وبكل تأكيد سأقوم بالطبعة الثانية، بحذف هذه المقتبسات وما يتصل بها أو يخصها كاملة، وأنا جاهز أن أتحمل كل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن هذا الفعل من قبل الجميع. وتحت عنوان: «بيت حُدُد»: كلماتهم وليست كلماتي، كتب الدكتور ضياء سرور، ما يلي: هستريا الذكريات، سُعار الآلام المكبوتة هي من صرخت وليس حنجرتي. هذا ما حدث عندما رأيت كلمات كتبتها على الـ«فيس بوك» سابقاً تخص فترة اعتقالي في أقبية النظام السوري في فصل من رواية «بيت حُدُد» للأديب السوري فادي عزام، وقد كنت آليت على نفسي أن أخرج عذابات رفاق المعتقل بطريقة تستحق أن تُعاش لا أن تُقرأ فحسب، وها أنا الآن أساهم بطريقة ما في التشويش على ذلك، يا إلهي! هل هي قصة أخرى من قصص عذابات السوريين التي تستجر أخواتها؟! هل كُتب على آلامنا أن تتقاطع كشباك تصطاد فرائسها واحدة تلو الأخرى حتى لا ينجو أحد؟! هل صراخنا كان بهذا العنف الذي يصيب بالصمم حتى من يحاول أن يسمعنا؟! ??في التفاصيل، وما أتفه التفاصيل: أكاتب أحد الأصدقاء بشأن ما حدث معي، لم يجبني بشيء، أحالني للأستاذ إسلام أبو شكير، قلت له: أريد كلماتي ودون أن أتسبب بأي أذى لأحد، عرضت عليه ما كتبت، وأوضحت قصتي، تعاطف معي الأستاذ إسلام، ووعدني أن يفعل ما باستطاعته، أقلّب في صفحات الشبكة العنكبوتية عن فادي عزام علّني أكتشف من سيصبح (صديقي اللدود) من كلماته، يفاجئني نص: (إنها دمشق...) وما رافقه من تشويش على أ. فادي بأن مظفر النواب هو من كتبها لا فادي عزام، أعود لأسأل الأستاذ إسلام عن النص فيجيبني: نعم هي لفادي، نُسِبت زوراً لمظفر. يرسل إليَّ أحد الزملاء في الغوطة صباحاً: دمّر ما بقي من مشافٍ ميدانية، الموت في كل مكان، أعود للاستغراق في عملي محاولاً النسيان. أرسل للأستاذ إسلام أن يتوقف عن النشر، لكنني كنت متأخراً جداً، ليس لي سوابق في الكتابة الأدبية وليست عندي خلفية نقدية، وما فعلته كان بدافع الإيمان الأعمى أن قصة هؤلاء تستحق أن تنشر كاملة بلحمها ودمها، لم أقرأ «بيت حُدُد»، كما لم اقرأ للأستاذ عزام مسبقاً، فهل كنتُ مجحفاً؟ كان لدى الأستاذ إسلام ما يكفي من الإنسانية والحس الأدبي ليكتب ما كتب ومن الصبر والأخلاق ليترفع عن كل كلمة نابية وُجّهت له، هل سيغفر لي الأستاذ إسلام ما لحق به من أذى، هل سيستلُّ قلمه مرة أخرى ليدافع عن كلمات استصرخته؟ كان لدى الأستاذ فادي ما يكفي من الشجاعة والنبل ليقول ما قال، وهو من كتب عشرات الصفحات بعرقه وروحه، أنا حاولت أن أدافع عن كلماتٍ خِلتها لي أما هو فقد دافعت عنه كلماته، هو من حاول إيصال الصوت بكل صدق بعيداً عن مساحيق التجميل التي اعتدتم، أذكر كلماته حين قال لي: إذا كان نصك أصيلاً فلن يموت، وأنا أعيد قول ذلك له في «بيت حُدُد». كان عليَّ أن أتجرَّع آلام التجربة، وآلام الكلمات التي نصّبت نفسي وصيّاً عليها، نعم هي كلماتهم وليست كلماتي، صرخاتهم وآلامهم صدقوني، عندما تقرؤون «بيت حُدُد» بالتأكيد ستصدقونني، قد أُدفَن هنا قبل أن أستطيع كتابة ما يستحق أن يكتب. أدبيًّا لا يحق لي وليس باستطاعتي إبداء الرأي فيما كتبت، فهي شذرات على «الفيس بوك»، وشهادة عن مغول العصر كتبها فادي بلسان أصحابها كي تنبض بالحقيقة في «بيت حُدُد». السوري النبيل يستطيع بفطرته السليمة أن يقرأ ما سبق، وأن ينصف الجميع، أما من انحرفت فطرته فسيهرف بما لا يعرف، لقد هالني ما رأيت من مستوى الوسط الأدبي السوري، هل ما زلتم تقفون على الشاطئ لتكتبوا عن شاعرية الغروب وأهلكم يغرقون؟! بحق السماء لمن تكتبون؟! هل ما أكتب هو دفاع عن عزام، عن إسلام، عن نفسي؟ هل ندخل دوامات التبريرات اللانهائية لمعاركنا الوهمية الصغيرة، هل يغفر لنا ملائكة الغوطة زلاّتنا، هل يغفر لي رفاقي المعتقلون من رحل ومن بقي يصارع الموت إلى الآن؟ «بيت حُدُد» ستدافع بكلماتها عن عزام الكاتب، أما عزام الإنسان فمواقفه أولى بالدفاع عنه. سأترك سؤالي الأخير معلَّقاً، ووحده الأستاذ فادي عزام من له الحق في الإجابة عنه: هلَّا استبقيت صرخاتهم وكلماتهم بلحمها ودمها كما وردت في «بيت حُدُد»؟ هلَّا فعلت... أيها السوري النبيل. تنويه: كتبت ما يجب أن يكتب للإنصاف والحقيقة، وأي تعليق مسيء لن أسمح به على صفحتي الشخصية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©