قاسم حداد: الحب المذعور يدفعني إلى الكتابة

قاسم حداد شاعر عاشق للحرية، ومازال صامداً بشموخ في وجه الريح·· يعبر من خلال أشعاره المتجددة بالحياة والصور الفنية والنص المفتوح على الواقع عن شاعرية قلّ نظيرها، وعن أشعار ربيعية تخرج من أعراس الشتاء الصاخبة، كي ينبلج بعد ذلك صباح الأمل والحياة· لقد رسمت أشعار قاسم حداد مسارها إلى قلوب الناس وأذواقهم وعقولهم، حيث امتلكت هويتها وخصوصيتها؛ لأن قائلها شاعر صادق موهوب مملوء بالوعي والثقافة والإبداع، وهو واحد من أهم شعراء الحداثة العربية· ''الاتحاد'' التقته وكان معه الحوار التالي: ماذا تمثل لك البحرين طفلة نزقة، كلما ضممتها الى صدري مزقتني شر تمزيق· لم أزل أتدرب على حبها وغفران كل ما تفعله بي· العلاقة مع عبداللطيف اللعبي ما العلاقة المشتركة بين الشاعرين الكبيرين قاسم حداد في شرق العالم العربي وعبد اللطيف اللعبي في غربه حتى تتعرف عليهما الجماهير العربية في اللحظة ذاتها جمعتنا الصداقة على أكثر من صعيد، النضال المشترك، الكتابة، الولع بالمغامرات والتطرف اللذيذ، الجنون والأمل (لدينا كتب تتشابه في العناوين- الأمل)، التقينا عام 1970 في بيروت لأول مرة، فعاد هو إلى الاعتقال الطويل في المغرب، وعدت أنا إلى الاعتقال الطويل في البحرين· نشترك خصوصاً في هزيمة أحلامنا وانتصار أرواحنا· أهديته كتابي (انتماءات)، وكان قد ذكرني يوم كنت في الاعتقال بنص مرافعته أمام المحكمة المغربية التي حكمت عليه بالسجن· أشعر به قريناً لتجربتي الإنسانية، نشترك في أخذ دروس الحياة بقوة الأمل والحرية· متى تستمتع بالنص الإبداعي لغيرك من الشعراء وتحكم عليه بأنه جيد كلما مسّني نص في الشغاف بصدقه وجمال لغته وجموح مخيلته، شعرت بغبطة طفل يكتشف حلمة الحليب الأول· وهي على كل حال حالات نادرة في السنوات الأخيرة، للأسف· التراث والشعر ما أهمية التراث في الشعر خاصة في منطقة الخليج التراث الإنساني هو جزء من هواء الثقافة في كل زمان ومكان· هو مهم وحيوي مثل الأجنحة، فليس لك أن تعيش بلا جذور كما ليس لك أن تحيا بلا أجنحة· ما موقفك من شعراء القصيدة العمودية كيف يمكن أن يطرح هذا السؤال أمام الإبداع لماذا ينبغي أن نتردد في حب الإبداع كلما حضر الإبداع عمود الثقافة· بعض الشعراء يرون أن العرب ليس لهم ديوان في هذا العصر، هل تشاركهم الرأي إذا كانوا يقصدون (ديوانية) الحديث والسمر والدردشة فربما لن يكونوا بحاجة لذلك· فهذا عصر المعرفة الموهوبة، فإذا تأخر العرب عنها فذلك حسبهم· ما الذي يدفعك إلى الكتابة الحب المذعور· هل ثمة طقوس معينة تمارس فيها شاعريتك، أم أن الحالة الشعرية تأتي بصورة طبيعية عفوية لديك الكتابة هي الطقس، لا أعرف كيف تأتي، لا أعرف كيف تحدث· فأنت لا تدرك البرق أبداً· الشاعر والسياسي ما العلاقة المثالية بين الشاعر والسياسي في رأيك الشاعر وحده·· السياسي كله· الشاعر قاسم حداد لديه اعتزاز شديد بالكرامة، هل أنت مؤمن بقدرة الذاكرة الجماعية العربية على النهوض من حالة الضعف، ومتفائل بالمستقبل كل إنسان لديه هذا الشعور· الذاكرة الجماعية حية في شفاهية العرب، لكن ما إن يبدأ أحدهم في تسجيل هذا التاريخ حتى يتعرض للمسخ والتشويه، بالفعل والكتابة· لماذا تحب الجماهير شعر قاسم حداد، ويؤثر في قلوبهم، رغم أنه متطور، وذو مضامين فكرية عميقة ''جماهير'' لا أظن ذلك أبداً· ثمة قراء على أحسن تقدير، وهذا يكفي· هل تستعذب أن يكون شعرك مفتوحاً على الجراح، والقلق الإنساني، أما آن لك أن تستريح وتتغنى بأمور ذاتية إنسانية على غرار محمود درويش أخشى أنك تقع في الخطأ العظيم عندما تظن أن محمود درويش يستريح الآن· الشاعر لا يستريح أبداً· هل تعتقد أن الشعر يفتح نافذة للديمقراطية، أم أنه يغرد في عالم آخر الشعر فضاء بلا نوافذ· عليكم أن تفتحوا نوافذكم عليه· قاسم حداد ولد في مملكة البحرين عام ،1948 وتولى رئاسة تحرير مجلة ''كلمات''، وله العديد من المؤلفات منها ''البشارة''، و''قلب الحب''، و''عزلة الملكات''، و''أخبار مجنون ليلى''، و''ليس بهذا الشكل''، وقد كتبت عن تجربته الشعرية عدد من الأطروحات في الجامعات العربية والأجنبية والدراسات النقدية بالصحف والدوريات العربية والأجنبية، نال العديد من الجوائز منها جائزة سلطان بن علي العويس، ويكتب مقالاً أسبوعياً منذ بداية الثمانينات بعنوان ''وقت للكتابة'' ينشر في عدد من الصحف العربية، والتالي مقطع من إبداعه الشعري: دع ماءك الكوني يصغي للأقاصي وانتظر ترنيمة الكابوس مثل فراشة وانهر سلالتك المضاعة دع صوتك المائي يقرأني ودعني موغلاً في شهوة القاموس أبحث في تآويل المعاني ربما نأوي لجثتك المشاعة