الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تحاول إنقاذ السياحة من «الموت الإكلينيكي»

الحكومة المصرية تحاول إنقاذ السياحة من «الموت الإكلينيكي»
13 فبراير 2012
محمود عبد العظيم (القاهرة) - بدأت الحكومة المصرية سلسلة من الإجراءات السريعة لإنقاذ القطاع السياحي، ووقف النزيف الذي تتعرض له شركات هذا القطاع بعد تعرضه لضربات موجعة خلال الأسابيع الماضية أبرزها إغلاق هويس اسنا، ومنع قوافل سياحية من المرور في النيل، والهجوم على شركة صرافة بمدينة شرم الشيخ، ومقتل أحد السائحين الفرنسيين. وتسعى الإجراءات الحكومية إلى تخفيف الضغوط التي يتعرض لها القطاع السياحي بعد أن صدرت تحذيرات في عدد من الدول المصدرة للسياحة إلى مصر لمواطنيها من السفر بعد الحوادث الأخيرة، وكان من أبرز هذه الدول فرنسا واليابان، وقيام منظمي الرحلات الأجانب بإبلاغ شركات السياحة المصرية بإلغاء العديد من حجوزات الموسم الشتوي، ورفع البرامج السياحية المصرية من الخريطة المستقبلية لعدد من كبريات الشركات السياحية العالمية مما ترتب عليه حالة من الذعر لدى القطاع السياحي المصري نظراً للآثار السلبية على صناعة السياحة. ورغم جهود واتصالات وزارة السياحة والمكاتب السياحية المصرية في العديد من العواصم العالمية لتعديل مواقف منظمي الرحلات الأجانب تجاه السوق المصرية وإقناع سفارات بعض البلدان التي صدرت عنها تحذيرات سفر لمواطنيها بإلغاء هذه التحذيرات ورفع الحظر القائم على سفر رعاياها إلى مصر، فإن الحكومة بادرت منذ أيام باتخاذ مجموعة من القرارات الهادفة لدعم القطاع وتجنيبه المزيد من الخسائر. وتشمل المبادرات الحكومية مجموعة من الإجراءات المالية واللوجيستية التي تؤدي إلى تخفيف الأعباء المالية عن الشركات والفنادق وبقية الأنشطة السياحية وفي مقدمة هذه الإجراءات، إعفاء الشركات السياحية وشركات الطيران من الضرائب المستحقة عليها منذ شهر أبريل 2011 وحتى الآن، وفقاً لمجموعة من القواعد التي لا تؤثر سلباً على حصيلة الخزانة العامة من الموارد السيادية. كما تشمل الإجراءات استمرار سياسة دعم الطيران العارض “الشارتر” الذي يوجه رحلاته إلى المقاصد السياحية المصرية الرئيسية، ومنها مطارات شرم الشيخ ومرسى علم والغردقة والأقصر وأسوان، بحيث يتم تحفيز شركات الطيران العارض لجلب المزيد من السائحين بأسعار منخفضة لا سيما أن الوزارة تتحمل بنسبة تتراوح بين 10 و30% من كلفة هذه الرحلات خاصة القادمة من روسيا ودول أوروبا الشرقية وبعض دول الاتحاد السوفييتي السابق مع إلغاء الدعم للطيران القادم من إيطاليا وألمانيا وفرنسا بسبب انخفاض تكلفة البرامج السياحية التي تحظى بها الشركات العاملة في هذه الأسواق باعتبارها مصادر رئيسية للسياحة الشاطئية في الغردقة وشرم الشيخ. أما المحور الثالث لإجراءات الإنقاذ، فيتمثل في إعادة فتح باب التفاوض بين البنوك والمنشآت السياحية التي حصلت على قروض مصرفية بهدف تقديم بعض الإعفاءات الخاصة بالفوائد المستحقة على هذه القروض، وكذلك اعتماد برامج سداد جديدة للقروض عبر جدولة الأقساط المستحقة بما يفتح الباب أمام العديد من الشركات والفنادق للعمل بعيداً عن ضغوط مطالبات البنوك بسداد القروض في ظل انحسار موارد هذه الشركات والفنادق من النقد الأجنبي، حيث إن معظم المقترضين في القطاع السياحي كانوا يحصلون على قروض بالدولار، وكانوا يلتزمون بسداد القروض بالعملة نفسها ومع ارتفاع سعر الدولار خلال الأشهر الأخيرة في مصر ـ يدور حالياً حول 603 قروش ـ ارتفعت مديونيات هذه الشركات مما يمثل لها مأزقاً كبيراً. ومن المنتظر أن يعقد اتحاد البنوك ورؤساء عدد من البنوك الكبرى في مقدمتها البنك الأهلي المصري والبنك التجاري الدولي، أكبر بنكين مقرضين للقطاع السياحي، اجتماعاً خلال أيام مع أعضاء غرفة شركات السياحة وغرفة المنشآت السياحية لبحث تداعيات الأحداث الأخيرة على القطاع السياحي وتأثر مداخيل الشركات من جراء هذه الأحداث والوضع الحالي لمراكزها المالية والتوصل إلى حلول لمساعدة المنشآت السياحية المقترضة على الاستمرار في السوق والوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك المقرضة والاسترشاد بتجربة معالجة المقترضين المتعثرين في القطاع السياحي والتي خاضها البنك الأهلي مع المنشآت السياحية في منطقة شرم الشيخ مؤخراً في هذا المجال وهي التجربة التي أسفرت عن قيام البنك بضخ قروض جديدة لبعض المنشآت المتعثرة حتى تساعدها على العودة سريعاً للعمل، وهو الاتجاه الذي سوف يتكرر خلال المرحلة المقبلة بعد تزايد شكوى العديد من المنشآت السياحية من عدم قدرتها على الاستمرار في سداد أقساط القروض لهذه البنوك. ويرى خبراء القطاع ومتعاملون في السوق السياحية ضرورة الإسراع باتخاذ هذه الإجراءات نظراً لحالة الذعر التي تجتاح القطاع وهي الحالة التي عبر عنها وزير السياحة، منير فخري عبدالنور خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء حيث عرض تقريراً تناول فيه تدهور مؤشرات القطاع خلال شهر يناير الماضي والذي كان يعد، تقليدياً، ذروة الموسم السياحي الشتوي سواء من السياحة الوافدة أو السياحة الداخلية التي تنتهز فترة أجازة نصف العام الدراسي للتوجه إلى بعض المقاصد السياحية خاصة الأقصر وأسوان. وتؤكد الدكتورة عادلة رجب، المستشار الاقتصادي لوزير السياحة، أن إنقاذ القطاع السياحي أصبح أمراً حتمياً ولا بد من المضي قدما في اتخاذ العديد من الإجراءات الداعمة والمحفزة لهذا القطاع نظراً لتأثيراته الشديدة على القطاعات الاقتصادية الأخرى المرتبطة به. وقالت إن التكلفة التي ستتحملها الدولة في إطار هذا الدعم لاتهم سواء كانت مبالغ مخصصه لدعم الطيران العارض أو التخلي عن جزء من الحصيلة الضريبية لأن هذه الإجراءات سوف تصب في نهاية المطاف في صالح الاقتصاد الكلي عندما يعود الانتعاش للقطاع السياحي. وتشير إلى أن هذه الإجراءات سوف يجري اختبارها خلال الفترة المتبقية من الموسم السياحي الشتوي الحالي، وفي حالة عدم تحقيقها الأهداف المطلوبة سوف يجري تطبيق حزمة أخرى من الإجراءات الداعمة؛ لأنه من الصعب أن ترك القطاع السياحي يغرق في “دوامة أزمات متتالية”؛ لأن ذلك ليس في صالح الاقتصاد باعتبار أن القطاع السياحي هو المولد الأساسي للعملة الأجنبية، وبالتالي من المهم دعمه خاصة في هذه الفترة التي يتعرض فيها الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي للتدهور السريع، حيث بلغ رصيد هذا الاحتياطي في يناير الماضي 16 مليار دولار فقط. أما ناصر ترك نائب، رئيس غرفة الشركات السياحية، فيشير إلى أن خسائر الفنادق والقرى السياحية دخلت منطقة الخطر وانخفضت نسبة الإشغالات إلى معدلات غير مسبوقة، حيث تدنت إلى نحو 10% في بعض المناطق. وقال إنه من المهم التركيز على عودة الأمن؛ لأن ذلك مفتاح عودة السياحة لأن الإجراءات المالية الداعمة وأن كانت مهمه وتخفف الأعباء عن العاملين بالقطاع سواء كانت هذه الإجراءات ضريبية أو غيرها، إلا أنها لا تحل المشكلة الأساسية الخاصة بضمان تدفق الحركة السياحية الوافدة، مشيراً إلى أن ما حدث مؤخراً جاء نتيجة تدهور لأوضاع الأمن سواء كان في اسنا أو شرم الشيخ كما أن عمليات السطو على البنوك تعطي رسائل سلبية للخارج وتؤدي إلى تأثيرات غير مباشرة على القطاع السياحي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©