الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات البرلمانية... مرحلة شاقة في بريطانيا

الانتخابات البرلمانية... مرحلة شاقة في بريطانيا
16 مارس 2010 23:09
إلى أي حد تدنت شعبية جوردون براون؟ حسب أحد أعضاء البرلمان من حزب "المحافظين"، فإن تلك الشعبية قد هبطت إلى درجه أصبح من الميسور معها لأي شخص أن يهزم رئيس الوزراء البريطاني في الانتخابات القادمة. ففي الوقت الراهن، يعتقد واحد من بين كل أربعة بريطانيين أن "براون" يمتلك الشخصية المناسبة، كي يكون رئيس وزراء، علاوة على أن معدلات تأييده قد هبطت إلى مستويات غاية في التدني، لدرجة أن أصحاب مراكز استطلاع الرأي الذين يتحفظون عادة في إبداء آرائهم الشخصية يقولون إنهم مندهشون من حجم الازدراء الذي يحمله البريطانيون لبراون. مع ذلك من المتوقع عند حلول الانتخابات في مايو القادم، أن يتغلب البريطانيون على شعورهم هذا ويصوتون لبراون. اتجاهات الرأي في بريطانيا حول هذا الموضوع واضحة: فمنذ شهرين كان حزب "المحافظين" في ثوبه الجديد تحت قيادة "كاميرون"، يتفوق على حزب "العمال" بنسبة تصل إلى عشرة في المئة، بحيث بدا حينها أنه قد أصبح مستعداً لتقديم استعراض للقوة، والعودة إلى الحكم بعد 13 عاماً قضاها في الظل. في الوقت الراهن، تضع آخر الاستطلاعات -التي تم إجراؤها لقياس التغير في توجهات المشاركين في الاستطلاعات- "المحافظين" قبل "العمال" بست نقاط فقط، وهو تفوق قد لا يكون كافيا -خصوصـاً إذا ما أخذنا في اعتبارنا غرائب نظام تعيين حدود الدوائر الانتخابية البريطاني- لتأمين الفوز لـ"كاميرون" وضمان الأغلبية المطلقة لـ"المحافظين" في مجلس "العموم". معنى ذلك أن حكومة غير شعبية، يقودها رئيس وزراء، فاقد للجاذبية، وعبوس، ومكروه ليس من ناخبيه، وإنما من أعضاء حزبه، وشهد عهده أسوأ انكماش اقتصادي في بريطانيا خلال نصف قرن يمكن أن ينتهي بها الحال في الانتخابات القادمة إلى السيطرة على معظم المقاعد في"البرلمان المعلق" أي البرلمان الذي لا يحقق فيه أي حزب الأغلبية. وبصرف النظر عن الحزب الذي سيفوز، فإن السؤال الذي سيكون مطروحاً: هل يعتبر الفوز في الانتخابات ميزة في حد ذاته؟ السبب في ذلك أن الحزب، الذي سيفوز سيجد أن غنائمه من ذلك الفوز ضئيلة للغاية. ففي الوقت الذي تولى فيه بلير رئاسة الوزارة عام 1997 على سبيل المثال كان الاقتصاد البريطاني ينمو بقوة، أما الآن، فإن أي رئيس وزراء سوف يجد نفسه مثقلا بمهمة التعامل مع أخطر أزمة مالية تواجه بريطانيا. (فالعجز البريطاني سوف يصل إلى 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام والنمو الاقتصادي في الربع الأخير من 2009 ، كان بالغ الضآلة حيث لم يزد عن0.3 في المئة). ومما يفاقم من الوضع أن هذا التدهور الاقتصادي يأتي في وقت لم يعد لدى الناخبين البريطانيين إيمان كبير بالعملية الانتخابية. يدرك الحزبان هذه الحقيقة التي دفعت كل منهما لتبني استراتيجية دفاعية لحد كبير. فـ"براون" على سبيل المثال يدعو الناخبين لـ"إلقاء نظرة ثانية على حزب العمال" و"نظرة طويلة وأكثر تأملًا على المحافظين"، كما ينصحهم بأن "الشيطان الذي يعرفونه خير من الشيطان الذي لا يعرفونه"، وهي رسالة ليست بالإيجابية على الإطلاق، كما يقول المراقبون، لأنها تتضمن اعترافاً ضمنيا بعدم شعبية حزب "العمال"، ولكن الحقيقة هي أن الحزب وبعد أن أمضى 13 عاماً في السلطة، حل به الإجهاد، ولم يعد لديه سوى عدد قليل من الأوراق التي يمكن أن يلعبها، وعدد أقل من الرسائل التي يمكنه توصيلها. ليس معنى هذا أن حملة "المحافظين" الانتخابية كانت ملهمة أو أي شيء من هذا القبيل. فالحزب بدأ الحملة بتقديم وعود من جانب "كاميرون" بأنه لن يسمح باستمرار الأوضاع على ما هي عليه، وأنه سيعمل على زيادة الإنفاق، وتنشيط الاقتصاد منتقداً الدعوات المستمرة لحزب "العمال" لتخفيض الإنفاق. وهذا الطرح من جانب "براون" كما يرى الخبراء يقع في خطأ فادح، حيث يعد بالكثير ولا يقدم سوى القليل من التأكيدات والطمأنة للجمهور المتوتر. وفي محاولة منه للتشبه بأوباما طلب "كاميرون" من الناخبين أن يتبنوا مقولة "عام من التغيير"، ولكن ما يحدث في الحقيقة هو أن هناك عددا ضئيلا من الناخبين، هو الذي يبدي علامات تدل على تصديقه لقدرة حزب "المحافظين" على إنجاز التغيير الذي يحتاجه الشعب البريطاني حقاً. فعدم الحماس للقبول باستمرار "براون" لخمس سنوات أخرى في الحكم لا يعادله في نظر المراقبين للشأن السياسي البريطاني، سوى عدم حماس الشعب للمعارضة التي يمثلها حزب "المحافظين". فحملة "كاميرون" لتحديث أجندة "المحافظين" من خلال تجديد مقاربة الحزب لموضوعات البيئة، والفقر، وغير ذلك من المجالات، التي تمثل نقاط ضعف للمحافظين تبقى غير مكتملة حتى الآن. علاوة على ذلك يعد حزب "المحافظين" بما يطلق عليه" العصر ما بعد البيروقراطي"، وهو العصر الذي يتم فيه تفكيك السلطة وتفويضها للمجتمعات المحلية. وعلى الرغم مما تبدو عليه تلك الفكرة من وجاهة، إلا أن تبقى حتى الآن على الأقل مجرد صياغة لفظية، قد تعجب السذج سياسياً، ولكنها لا تقدم في الحقيقة سوى رسالة شديدة التجريد بالنسبة للناخب العادي. والوعود التي يقدمها حزب "المحافظين"، هي وعود تمت صياغتها في ظروف اقتصادية أكثر يسراً سمحت لكاميرون أن يحاول إقناع الشعب بأنه سيعمل على تحويل المجتمع البريطاني بنفس الطريقة، التي نجحت بها "مارجريت تاتشر"، بتحويل مصائر بريطانيا الاقتصادية. وهذا الوعد يبدو وعدا خارج زمانه وذلك بعد أن عادت الموضوعات الاقتصادية العويصة، كي تحكم الأجندة السياسية. إن صياغة أجندة مقنعة لحملة الأسهم وللناخبين على حد سواء أمر صعب، بل ويكاد يكون مستحيلًا غير أن هذا هو على وجه التحديد، ما يتعين على "كاميرون" عمله. هناك احتمال أن يفوز حزب "المحافظين" في الانتخابات المقبلة بفارق متواضع، ولكن قد يتبين عندئذ أن هذا الفوز هو بداية المصاعب التي سيواجهها كاميرون. اليكس ماسي محلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©